أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    09-Jul-2017

التأمين الصحي والرعاية التي يستحقّها المواطن*د. مأمون نورالدين

الراي-لا يختلف عاقلان إثنان على أهمية توفير الدولة رعاية صحية لائقة لمواطنيها بشكل أو بآخر.
 
بالأرقام تبلغ نسبة المؤمّنين صحيّاً من المواطنين وبحسب نتائج التعداد السكانيّ الأخير الذي قامت به دائرة الإحصاءات العامة عام 2015 ما يزيد على 66%، في حين أعلنت وزارة الصحة في نفس العام أن نسبة المؤمّنين صحياً في الأردن بلغت 87.3%، بحيث يكون 44.1% من الأردنيين مستفيدين من التأمين الصحي الذي تقدمّه وزارة الصحة والتي تسعى بدورها للوصول إلى تأمين صحي شامل يغطي الجميع.
 
كلا الرقمين جيّد نظريّاً ويشير إلى تقدّم وتوسّع في هذه الخدمة إذا كنّا نتحدّث عن مظلة التأمين الصحي، ولكن حقيقة الأمر أن هذه المظلة لا تقي الجميع بنفس الدرجة، فتحتها يقسّم المواطنون إلى فئات تظهر جليّة على أبواب المستشفيات وغرف الطوارئ وعند إصابة المواطنين بالأمراض المزمنة والصعبة لا قدّر الله.
 
محزن جدّاً ظهور هكذا فئات تحدّد مسار سيّارة إسعاف في طريقها لإنقاذ حالة طارئة جدّاً كالجلطات والإصابات الخطرة على حياة مواطن لتنقله إلى مستشفى أبعد حسب فئة تأمينه الصحيّ إن وجد، وعلى الطريق قد يفقد هذا الإنسان حياته بسبب فارق زمني في تلقيه الإجراء والعلاج الطارئ اللازم في المستشفى. ومحزن أيضاً ويلات وقلق ورعب عائلة تبحث لأحد أفرادها عن وسيلة (إعفاء) لإدخاله مشفى للعلاج من مرض صعب معيّن، وهنا أيضاً يختلف ظلّ هذه المظلة ويختلف معها في كثير من الأحيان نوعيّة العلاج الذي قد يتلقاه المريض وفترة الإنتظار حتّى يأتي دوره لتلقي العلاج أو حتى يصرف له العلاج.
 
المشكلة ليست فقط في التأمين الصحيّ الحكومي، فللتأمين الخاص مشاكله هو الآخر، وأوّل هذه المشكلات هي ظاهرة الموافقات على العلاج في حالات الطوارئ والتي تُبدّي عمل الورق والإجراءات البيرقراطية على العمل الإنساني، فتقف حياة الإنسان في غرفة الطوارئ معلّقة وذووه لا يملكون من الخيارات إلّا وضع مبلغ نقدي قد لا يكون بحوزتهم بصندوق المستشفى وعدم الإعتماد على التأمين، أو الإنتظار بحرقة في حين مريضهم يئنّ ويعاني وقد يكون يلفظ أنفاسه الأخيرة حتّى تحصّل الموافقة فتفعّل نداء الواجب في الأطباء وكوادر التمريض.
 
مشكلة أخرى خطيرة هي سقوف التأمين الصحيّ التي قد لا يعيها الكثير بسبب عدم إطّلاعهم على بنود العقد بينهم وبين الجهة المؤمنة، وهذه في الحقيقة نقطة مهمّة جداً يجب أن ينتبه لها المؤمّن عليه قبل فوات الأوان، ففي ظل إرتفاع أسعار الخدمات الصحية وأجور الأخصائيين في المستشفيات الخاصّة قد يشكّل سقف التأمين المنخفض رصيدا يكفي للعلاج داخل المستشفى لفترة وجيزة ممكن ألّا تتعدّى ثلاثة أو أربعة أيام في حالات مثل عمليات القلب مثلاً! ومن بعدها تنحصر خيارات الأهل مرة أخرى ويزيد ألمهم مرارة وهم بين فكيّ كماشة، حالة مريضهم من جهة ومطالبات المستشفى المالية من جهة أخرى، وفي كلّ لحظة يتم تذكيرهم أنّه وفي حال عدم تسديد هذه المطالبات سوف تتأثّر عملية علاج إبنهم المريض مباشرة ويتلاشى الإهتمام الطبي والتمريضي.
 
يضاف إلى كلّ ما ذكر ظاهرة حديثة نسبيّاً ظهرأخيراً في بعض المستشفيات الخاصّة والكبيرة التي أصبحت تنتهج أسلوب عدم الإدخال لمرضى التأمين بحجّة الإشغال الكامل للغرف في حين أن الحقيقة غير ذلك، فهنالك غرف متوفّرة، لكنّها مخصصة للمرضى الذين يدفعون نقداً وخصوصاً المرضى من الزوّار العرب الذين يخضعون لقائمة أسعار أعلى ويدفعون بالنقد وفوراً. وهذا بالنهاية يجعل الكثير من المواطنين المؤمّنين يعانون عند إدخالهم المستشفيات عندما تستدعي الحاجة ذلك، فيضطرّون للتنقل من غرفة طوارئ لأخرى ومن مستشفى لآخر بحثاً عن سرير يأويهم حتّى يتلقّوا العلاج اللازم.
 
نحتاج فعلاً إلى مراجعة وإعادة تقييم شاملين لموضوع التأمين الصحيّ الحكومي والخاص وإجراءاته والعلاقة ما بين أصحاب العلاقة فيه من مستشفيات عامّة وخاصّة وشركات تأمين ومرضى وأطباء وصيدليات ومختبرات...الخ. الرعاية الصحيّة والخدمات التي يجب توفيرها للحفاظ على صحة المواطن وحياته هي شؤون حيوية دقيقة يجب إيلائها الأولوية القصوى، وعلى الجهات المعنية مضاعفة جهودها وتطوير خططها لتدعيم مظلة التأمين الصحي في الوطن حتى تقي هذه المظلة جميع من يستظل تحتها فعلاً ويتم توفير العدالة في غطاء التأمين الصحي للجميع.