أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Mar-2021

الحروب الاقتصادية!*د.هزّاع المجالي

 الراي

استنادا للمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة, لقد أعطى الفصل السابع/ المواد (39/50) من الميثاق الحق لمجلس الأمن باتخاذ إجراءات قسرية وصولاً الى إستخدام القوة العسكرية بحق الدول التي تخل بالأمن والسلم الدوليين, على أن يتم التدرج بالعقوبات إبتداء بالعقوبات الإقتصادية, إنتهاءِ باستخدام القوة العسكرية, كما حصل مع العراق بعد اجتياحها لدولة الكويت.
 
أما النوع الثاني من العقوبات الاقتصادية التي تتخذها دولة او أكثر بمحض إرادتها المنفردة, دون اللجوء الى الأمم المتحدة, او في حالة عجز المنظمة عن الاتفاق على قرار من مجلس الأمن بهذا الخصوص, باعتبار أن القرارات التي تتخذها الدول في علاقاتها الاقتصادية والسياسية, تعتبر قرارات سيادية, كما هو الحال الآن في العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية على كوريا الشمالية وإيران وسوريا.
 
لم تعد تلجأ الدول منذ عقود في نزاعاتها الدولية, إلى شن الحروب إلا في حدود ضيقة, تضطرها الى المواجهة العسكرية, اولما يعرف (الحروب بالوكالة). فلقد أصبحت العقوبات الاقتصادية في السنوات الأخيرة من أهم الوسائل التي تلجأ اليها الدول, في مواجهة خصومها وزعزعة استقرارها. وفي مثل هذه الحروب يتم استخدام كافة الوسائل المتاحة المشروعة وغير المشروعة. فعلى المستوى السياسي يتم العمل على زعزعة النظام من الداخل, إما باستخدام الجواسيس, دعم المعارضين السياسين بمختلف أطيافهم ممن لهم تأثير في مواقع صنع القرار, اوعلى الرأي العام, مستغلين المشاكل الاقتصادية أو السياسية التي تواجهها الدولة, لإثارة الفتنة وتعبئة الرأي العام ضد النظام السياسي, وغالبا ما يتم شراء ذمم هؤلاء بالمال او بالوعود المستقبلية.
 
تعتبر الدول التي لديها مشاكل قائمة على توازنات عرقية او دينية او اجتماعية، او التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية, الأكثر استهدافا في الحروب الاقتصادية والسياسية, لما تعانيه شعوبها أصلا من قمع وفساد وفقر وبطالة, إلى آخره من المشاكل التي يمكن الإستفادة منها لإسقاط النظام السياسي, يصاحب ذلك التهديد باللجوء الى القوة, فتقوم الدولة المستهدفة حفاظا على نفسها باستنزاف كافة مواردها المالية والبشرية نحو التسلح العسكري, على حساب التنمية الاقتصادية, فيواجه النظام السياسي بذلك أزمة خارجية وأخرى داخلية, فيزداد الضغط الشعبي عليها ولا تعود قادرة على السيطرة على زمام الأمور, فتصبح الدولة أمام خيارين: إما الخضوع للمطالب الخارجية او التعنت والمواجهة مع الشعب, تنتهي إما بسقوط النظام او قمع الشعب.
 
لقد شهد العالم في العقود الأخيرة حروبا عسكرية كما حصل في العراق وسوريا واليمن, خلفت ملايين القتلى والأسرى واللاجئين, ولكن ما شهدته بعض تلك الدول من معاناة بسبب المقاطعة والعقوبات الاقتصادية, أشد ضراوة على شعوبها والأمثلة كثيرة على ذلك مثل:العقوبات الأميركية الأوروبية على إيران,(قانون قيصر) المطبق على النظام السوري,او الازمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان بسبب العقوبات المفروضة عليه, ليبقى السؤال: هل أصبح العالم يتجه أكثر نحو الحروب الاقتصادية والسياسية في نزاعاته الدولية؟ أقول ان العلاقات الدولية تقوم على المصالح وتوازن القوى وليس العواطف، وأن آثار الحروب والعقوبات الإقتصادية في كثير من الأحيان لا تقل ضراوة عن آثار الحروب العسكرية.