أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    29-Nov-2018

الضريبة بين المعشر وأبوصعيليك*سلامة الدرعاوي

الدستور-بإقرار قانون الضَريبة تَكون الحكومة بذلك انجزت احد أهم القوانين الجدليّة في المُجتمع والذي على أثره غادرت حُكومة الملقي بعد احتجاجات الرابع في أيار الماضي.

لكن مَسيرةُ إقرار القانون لمّ تَكّن سهلة هذه المرّة، فقد مرّ بِمراحل هامة ومطبات كادت أن تُعرقله وتعيده لنقطة الصفر، لولا الإدارة الحَصيفة لمشروع القانون من قِبل الحُكومة والنوّاب وتحديدا من طرفيّ إدارة الحِوار الوطنيّ الذي بدأه نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر ورئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النوّاب الدكتور خير أبوصعيليك.
المعشر أدرك منذ اليوم الأول لِتشكيل الحُكومة ان مشروع القانون لا يُمكّن أن يُقرّ إلا من خلال حِوار وطنيّ شامل حول القانون مع كافة المعنيين، يُركِز على كتاب التكليف الساميّ ويهدف في النهاية الحِوار الذي تم بكل شفافية ونزاهة وصراحة على أُسس واضحة أهمها: عدالة التوزيع للعبء الضَريبيّ، وضمان زيادة الإيرادات للخزينة من اجل الحفاظ على استدامة قدرة الحكومة على تَمويل نفقاتها التشغيليّة.
فعلا كانت لقاءات المعشر مع فعاليات المُجتمع نوعية، اذ وصلت الى أقصى ما يمكن إيصاله للشارع بشكل جديد وأسلوب غير تقليديّ جعل فكرة الضَريبة قابلة للنقاش والتعديل والأخذ والرد، مما كون صورة جديدة لِمُكونات قانون جديد للضريبة يُخالف عن سلفه المسحوب، ويؤسس لإطار جديد للانطلاق والبناء عليه.
مَشروع قانون ضَريبة الدخل استلمه النوّاب من الحكومة وكان الانطباع الأوليّ بانه سيكون هُناك تأخير في إقراره وتعطيله، لكن المجلس هذا بادر بِتحويل مشروع القانون للجنة الاقتصاد والاستثمار بدلا من الماليّة كمان كان متوقعا في البداية، وهنا كانت أولى المؤشرات الإيجابيّة للشّارع بأن الهدف من القانون تَنمويّ وليس ماليّ.
لجنة الاقتصاد والاستثمار برئاسة النائب الرشيد كما يحلو للبعض وصفه الدكتور خير أبوصعيليك  استلمت المَشروع وهي تدرك تماما حجم التحديات المُلقاة على كاهلها، وهنا كان التحديّ الأول في الشروع من حيث انتهت به الحكومة وهو الحِوار الوطنيّ.
أبوصعيليك ولجنته أسسوا لأسلوبٍ جديد في مناقشة القوانين الاقتصاديّة من خلال اِستباق الحِوار بدراسة علميّة جديدة على كل بنود القانون، وأثره الاقتصاديّ على مُختلف الشرائح والقطاعات، وبالتالي توفرت لديهم قاعدة معلومات وبيانات غير مسبوقة، وعن حقيقة النسب الضَريبيّة وأثرها، وبالتالي معرفة جوانب القوة والضعف في مشروع القانون.
هذا الأسلوب غير تقليديّ في مُنافسة الضَريبة ولد قناعات هامة لدى النوّاب بعد انكشاف الكثير من الامور الضَريبيّة التي لم تكن في البال، وجعلت من استكمال الحِوار الوطنيّ تحت القبة يأخذ شكلا جديدا وجديّا في آن واحد والاقتراب اكثر وأكثر نحو نقاط مُشتركة بين المجلس والفعاليات المختلفة، وأزل الغموض واللبس الحاصل لدى البعض.
في النهاية خرجت اللجنة بتوصيات هامة في الضَريبة جعلت عملية مُناقشته تحت القبة تسير بعقلانية ومسؤولية كبيرة، وبأقل التداعيات السلبيّة على مختلف القطاعات والشرائح.
ما حدث في الأشهر الأخيرة حول قانون الضَريبة والأسلوب الذي اتبعه كُلّ من المعشر وابوصعيليك في إدارة الحوار حول قانون الضريبة يؤكد على عدة نقاط هامة من ابرزها: أن العلاقة بين الشّارع والحكومة تحتاج فعلا إلى آليات حِوار ماليّ تبناها المعشر وابوصعيليك، والانفتاح مع الفعاليّات هو لمصلحة الجميع، والحوار العقلاني يؤدي إلى نتائج منطقيّة ومسؤولة.
ما فعله المعشر وابوصعيليك  في انجاز قانون الضريبة في هذا الموج المتلاطم، يؤكد عمق فهمها للمجتمع ومكوناته واحتياجاته، ويتمتعان بنظرة شموليّة للاقتصاد وطبيعة التحديات التي تحيط به، بحيث استطاعا بكل هدوء اخراج قانون يُلبيّ مُتطلبات التصحيح الاقتصاديّ والضغوط الخارجيّة من جهة، ويحافظ بالحدّ الأدنى  على استقرار الاقتصاد الوطنيّ ويحمي شرائحه من الانفجار المعيشيّ، وهذا لا يمكن ان يتم لولا الحنكة الاقتصاديّة والسياسية التي تمتعا بهما.
أسلوب إدارة الحوار حول قانون الضريبة من قبل المعشر وابوصعيليك وإخراجه بهذا الشكل يذكرني بقول الشاعر:
إذا كنتَ في حاجة مُرسلاً، فأر�'سِل�' حَكِيماً، ولا تُوصِهِ...
فعلاً لدينا رجالات دولة قادرة على تجاوز الأزمات والمطبات والتحديّات، ولا يمكن ان نستهين أو نقلل مما حدث في كواليس الضَريبة.