أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Jan-2017

نحو إعادة الثقة* سلامة الدرعاوي
المقر - 
أكثر شيء مقلق في العلاقة بين الشارع والحكومة هو فقدان الثقة، وهو أمر ليس وليد قرار معين بحد ذاته، إنما هو امتداد لسلسة أخطاء تراكمية امتدت لعقود.
 
إذا كان على المواطن أن يتحمل تبعات فشل الإدارات الحكومية الرسمية للاقتصاد الوطني؛ فإن الحكومة مطالبة أيضا بتشاركية عالية في تحمل المسؤولية والأعباء المالية من خلال الإدارة الحصيفة للمال العام.
فكيف للحكومة أن تقنع المواطن بضرورة قبول رفع الأسعار والضرائب على عدد كبير من السلع والخدمات في الوقت الذي تورد فيه الخزينة إلى "الملكية الأردنية" منذ عامين تقريبا نحو 150 مليون دينار من أموال دافعي الضرائب للشركة المتعثرة ماليا وإداريا؟، فجميع مخصصات الدعم الحكومي تبخرت دون تحقيق أدنى فائدة مرجوة من الدعم، فمن أولى بالدعم إذن، طيران الملكية أم المواطن الفقير؟.
وكيف للحكومة أن تقنع المواطن بتقبل القرارات في الوقت الذي ما يزال فيه عدد من العاملين في بعض المؤسسات الرسمية المستقلة يتقاضون رواتب فلكية تفوق عشرات أضعاف رواتب العاملين في القطاع العام؟، والأغرب من ذلك أن نسبة الإنجاز لهؤلاء الموظفين في تحقيق الأهداف التي تم على أساسها تعيينهم تكاد تكون معدومة كليا.
والحكومة مطالبة أيضا بترجمة تعهداتها في مكافحة الفساد إلى قرارات واقعية يتلمس أثرها المواطن، وخاصة فيما يتعلق باسترداد الأموال المنهوبة، ولا يقصد بهذا الأمر فساد الادارات في الشركات فقط، وإنما يطال ايضا القرارات الحكومية التي كلفت الخزينة مئات الملايين من الدنانير، وأثرت سلبا على العجز والموازنة، ومرت دون أن يحاسب أي مسؤول حكومي على تداعيات قراره الذي كان في بعض الأحيان من الناحية المالية أكبر من كل قضايا الفساد في تاريخ الدولة والدعم أيضا، مثلما هو حاصل في مشروع إعادة الهيكلة الذي قدرت كلفته ب80 مليون دينار في حين تجاوزت كلفته الحقيقية 450 مليون دينار.
التعيينات محل جدل دائم في الشارع الأردني، وأكبر انتقاد لها ظهر في السنوات الماضية في أن غالبية التعيينات لا تتم على أسس الكفاءة والمهنية، وأن المحسوبية والواسطة كانت هي أساس التعيينات في المناصب الرسمية المختلفة، لا بل إن غالبيتها يقتصر على أبناء المسؤولين وأصحاب الذوات، وهو أمر يثير استياء كبيرا في نفوس باقي الاردنيين، لأن التمييز يولد احتقانات واستياء يساهم في اثارة الفتن والقلاقل.
مطلوب من الحكومة أن تكون قريبة إلى الشارع في همومه وتطلعاته، وأن تعمل بجد على خلق مفهوم دولة القانون وتعزيز ثقافته بين كافة شرائح المجتمع، ولا يكون هذا بالخطابات الاعلامية الرسمية فقط، وإنما يمتد الى الواقع في كل مجالات ونواحي الحياة في الدولة.
أكثر شيء مقلق في العلاقة بين الشارع والحكومة هو فقدان الثقة، وهو أمر ليس وليد قرار معين بحد ذاته، وإنما هو امتداد لسلسة أخطاء تراكمية امتدت لعقود ساهمت في فقدان الثقة التي يتعين على الحكومة أن تعيد ترميمها مع المواطنين من خلال الصدق في العمل والانجاز.