فايننشال تايمز -
يشعر العمال والسياسيون بالقلق حول فقدان الوظائف، في الوقت الذي تقترب فيه المجموعة الفرنسية بي إس إيه من تحقيق صفقة بخصوص القسم الأوروبي التابع لشركة جنرال موتورز الأمريكية، صانعة سيارة أوبل الشهيرة، في ألمانيا.
عادة ما يمكن الاعتماد على الحكومة الفرنسية الاشتراكية للقيام بجلبة ضخمة بعد أنباء عن وجود صفقة اندماج بالمليارات تشتمل على واحدة من أكبر الشركات الصناعية، ولا سيما إذا كانت صفقة يمكن أن تؤدي إلى فقدان آلاف الوظائف.
بعد الأنباء التي ذكرت أن شركة بي إس إيه الفرنسية التي تصنع سيارات بيجو وسيتروين، هي في مرحلة متقدمة من المحادثات لشراء شركة أوبل، الشركة الأوروبية الخاسرة التابعة لجنرال موتورز، كانت الدولة الفرنسية في استرخاء على غير العادة – وحتى مع شعور بالزهو.
قال شخص مقرب من الحكومة: "إنها صفقة إيجابية جدا"، مضيفا أنها ستؤدي إلى نشوء بطل فرنسي أكبر. وقال فرانك دون، وهو مسؤول في اتحاد CFTC في شركة بي إس إيه: "هذا خبر جيد جدا".
السبب في هذا الموقف هو لأن، وفقا لمحللين ومطلعين على شؤون الصناعة، خفض عدد الوظائف من المرجح أن يسقط بشكل كبير للغاية على مصانع أوبل الستة في ألمانيا والمملكة المتحدة وإسبانيا، ويترك العاملين البالغ عددهم 65 ألف عامل في شركة صناعة السيارات الفرنسية بي إس إيه في وضع سليم نسبيا.
قال جوستين كوكس، المدير فيLMC Automotive: "أنا لا أرى فرنسا خاسرة من هذه الصفقة. من المرجح أنها سترشد المصانع الطرفية [في المملكة المتحدة وإسبانيا"، مضيفا أن ذلك يرجع جزئيا إلى أن الفرنسيين يمتلكون حصة كبيرة في الشركة.
في الوقت نفسه، فإن الحكومتين الألمانية والبريطانية تتدافعان للحصول على تطمينات بشأن الوظائف، وتشعران بالقلق من أن البلدين سيجدان نفسيهما في مواجهة آلاف العمال الغاضبين، في وقت تكون فيه الأحزاب المتطرفة المناهضة للعولمة هي أصلا في ارتفاع في المعاقل الصناعية السابقة في أوروبا.
وهو أمر حساس بشكل خاص بالنسبة لألمانيا التي، مثل فرنسا، في عام الانتخابات. أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، لا تواجه مجرد تهديد من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، بل إنها أيضا تتراجع في استطلاعات الرأي ضد مارتن شولتز، منافسها من التيار العام الذي يمثل الاشتراكيين الديمقراطيين.
قالت ميركل يوم الجمعة إن كل شيء ممكن سياسيا ينبغي القيام به "لضمان أن الوظائف والمصانع الألمانية ستظل في أمان".
في ألمانيا، حيث يوجد ثلثا موظفي أوبل البالغ عددهم 38 ألف موظف، إضافة إلى ثلاثة مصانع ومقر الشركة، تكمن صناعة السيارات في صميم الهوية الاقتصادية للبلاد. فالأمر يتعلق بما هو أكثر من مجرد الوظائف.
شعرت الحكومة الألمانية بالفزع عندما علِمت بشأن المحادثات بين شركتي بي إس إيه وأوبل من الصحافة – وشعرت بالغضب من أنه لا الحكومة الفرنسية ولا الشركتان أحاطتاها علما بذلك.
الغضب في حكومة ميركل قد يتسبب في مزيد من التوتر بين باريس وبرلين، العلاقة السياسية الأكثر أهمية في أوروبا، على الرغم من إصرار شخص مقرب من المفاوضات على أنه لم يكن لدى الفرنسيين معرفة عن الصفقة قبل الألمان.
أجرت الحكومة الألمانية الآن محادثات مع شركتي جنرال موتورز وبي إس إيه، ولكن عبَّر الوزراء في البداية عن قلقهم العميق.
وقالت بريجيت تسيبريس وزيرة الاقتصاد الألمانية: "أجد أنه من غير المقبول أن مثل هذه المحادثات عقدت من دون إشراك مجلس الأعمال".
وأضافت أن الحفاظ على الوظائف في مصانع شركة أوبل يجب أن يكون "أولوية قصوى". هرع تنفيذيون من شركة جنرال موتورز إلى ألمانيا لإجراء محادثات مع السياسيين وتخفيف مشاعر التوتر.
هناك مخاوف من أن الوظائف يمكن أن تختفي في مصنع روسلسهايم في ألمانيا، حيث تصنع شركة أوبل السيارات منذ عام 1899، على اعتبار أنه يتنافس مع مصنع بي إس إيه الفرنسي في رين، للظفر بالفرص في سوق السيارات الصغيرة الصعبة.
وقالت مجموعة من المهندسين الذين سيغادرون العمل في موقع روسلسهايم إنهم يخشون من تسريح عدد كبير من العمال. وقال أحدهم: "هل يمكننا الحفاظ على محتوى الهندسة لدينا هنا، إذا كان كل ما علينا القيام به هو مجرد إعادة تصميم المنصات المقبلة من فرنسا؟ هل تحتاج فقط إلى نصف الرجال للقيام بذلك؟"
وقال آخر إن نوعية الوظائف الباقية هي أيضا مشكلة. وقال: "نحن لا نريد أن نصبح مجرد أشخاص لا نتلقى اهتماما من شركة سيتروين، فقد قاموا بأداء جيد جدا.. لكن ليس هذا هو نوع السيارات التي نرغب في بنائها".
في المملكة المتحدة، الصفقة المحتملة تأتي في وقت حساس للغاية من مغادرة بريطانيا للاتحاد، الأمر الذي يخلق منذ الآن عوامل اللبس في صناعة السيارات. المخاوف في بريطانيا، حيث تعمل أوبل تحت العلامة التجارية فوكسهول، هي في المقام الأول حول مصنع ميناء إلزمير، الذي يبني سيارات أسترا للسوق البريطانية والأوروبية.
هذا المصنع كان يعتبر من قبل عرضة للتأثر السلبي بعد قرار المملكة المتحدة مغادرة الاتحاد الأوروبي، لأنه يصدر نحو 80 في المائة من إنتاجه إلى القارة ويصدر معظم مكوناته. ومن الممكن أن يتعثر بشدة بسبب مغادرة المملكة المتحدة السوق الموحدة.