أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Apr-2018

الأدوية النوعية وسطوة الشركات تتحدى منظمة الصحة العالمية

 الحياة-أحمد مغربي 

سبعون عاماً على تأسيس «منظمة الصحة العالمية». مبارك، بل بلايين التبريكات لتلك المنظمة في يومها العالمي، ولكن مع تمني قبول النقد أيضاً. هناك شكرٌ واجب وبلا حدود عن جهود تُبذل ليل نهار لحماية الصحة، ووقف الأوبئة، وتأمين أدوية أساسية، ونشر مراكز الرعاية الأولية، وتدريب العاملين الصحيين، ودعم البحوث العلمية... والقائمة طويلة. لو لم تفعل المنظمة سوى القضاء على الجدري (1980)، لكانت جديرة بثناء لا ينقطع.
 
إذاً، ليكن بعد الشكر نقدٌ واجب أيضاً. لنبدأ من شعار «يوم الصحة العالمي 2018»، وهو «التغطية الصحيّة الشاملة: للجميع وفي كل مكان». تحمل الكلمات نية طيبة، خصوصاً أنها مرفقة بكلمات إنسانية حساسة لمديرها العام تادروس آدهانوم جبريسوس، عن كون الصحة حقاً للبشر، لا يجوز أن تكون الأموال هي الميزان فيه.
 
ولكن، ألا يذكّر ذلك الشعار بشبيه له أطلقته المنظمة في «آلما آتا» (1978) في ذكرى تأسيسها الثلاثين، وكان «توفير الصحة للجميع بحلول عام 2000»؟ كيف يبدو ذلك الشعار عندما تعود المنظمة بعد أربعين سنة لتكرره بصورة شبه حرفيّة، بل إن حملتها عبر الـ «سوشال ميديا» رافقها «هاشتاغ» (#الصحة_للجميع)؟
 
في «يوم الصحة»، بيَّنت المنظمة أيضاً أنها تعقد الآمال على توفير رعاية صحيّة أساسية لبليون ما زالوا محرومين منها (ولنحو 250 مليوناً آخرين يعانون قسوة كلفتها المالية)، مطالِبَةً قادة العالم بالتزام تحقيق «أهداف التنمية المستدامة 2015» شرطاً أساسياً لذلك. ماذا عن واقع أن جزءاً كبيراً من الصحة هو رهن شركات الأدوية العملاقة التي تُعلي مبدأ الربح على كل شيء آخر؟
 
هناك مسألة الأدوية النوعيّة التي تجهد بلدان كثيرة (الهند مثلاً) في إنتاجها، وتتميز بأثمان تجعلها في متناول الجميع. وفي العالم العربي، هناك دواء نوعي متطور لعلاج الكآبة يُنتَج في الأردن كدواء نوعي مشابه لعقار «زولوفت» (Zoloft)، لكنه أرخص منه بأضعاف. وينطبق الحال على دواء علاج الأورام الخبيثة «مابثيرا» الذي يقترب الأردن أيضاً من إنتاج دواء نوعي موازٍ له. وعلى رغم إقرار عالمي بالأدوية النوعية الشبيهة (تسمّى أيضاً «جنريك» Generic)، إلا أنه لا يُسمع للمنظمة صوتٌ متقدم بشأنها، على رغم أنها ترفع نير الكلفة المالية للرعاية الصحيّة.
 
كذلك لم يُسمع صوتٌ مرتفع للمنظمة عندما تفجّرت فضيحة لقاح «دينغفاكسيا» (Dengvaxia)، وهو لوباء «حمى الضنك النزفية»، ونشرته شركة «سانوفي» في الفيليبين على أجساد 830 ألف طفل فيها. ومع مجموعة من الوفيات بين أولئك الأطفال، سُحِبَ اللقاح، وفق صحيفة «لوموند» الفرنسية. أين الجهد الملائم من «المنظمة» حيال تلك الفضيحة المدوية؟
 
هناك أمر ربما أسوأ، يتعلق بدرجة إخفاق منظمة الصحة في مواجهة وباء «إيبولا» الذي ضرب دول الساحل الأفريقي عام 2015، وفتك بآلاف البشر في غينيا وسيراليون وليبيريا وغيرها. وكشف الوباء ضعف النظم الصحيّة في دول الساحل الأفريقي، لكنه أظهر أيضاً وهناً في مجمل النظام العالمي لمواجهة الأوبئة. وآنذاك، خصّصت مجلة «فورين آفيرز» الناطقة بلسان «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي، مقالاً مطوّلاً لخبير الاستراتيجيات الصحيّة فيها، لوري غاريت، لتحليل تلك المأساة.
 
كان عنوان المقال «دروس «إيبولا»: كيف أساءت «منظمة الصحة العالمية» إدارة الأزمة؟»، للإشارة إلى إخفاق تلك المنظمة في مواجهة هذا الوباء.
 
وإذ تحدثت المنظمة في سبعينيتها عن الحاجة إلى ممرضين، لعله يفيد تذكُّر أن ذلك المقال أشار إلى أن ممرضة في ليبيريا (هي مياتا زينابو غيبانيا) استطاعت أن تحمي صحة البشر في بلدها بمواجهة «إيبولا» أكثر بكثير مما فعله قادة السياسة وخبراء منظمة الصحة معاً.