الغد- سماح بيبرس
قدّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة في النداء العالمي للعام 2025 حجم الاحتياجات للاجئين في الأردن بـ352 مليون دولار، وذلك من أصل حوالي 2.1 مليار دولار تمثل احتياجات اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن أصل 10.2 مليار دولار حجم التمويل المطلوب على مستوى العالم.
وذكرت في ندائها فيما يخص الأردن، أنّ هناك حاجة لحوالي 45 مليون لتحقيق بيئات حماية مواتية، و242 مليون دولار لتحقيق الحقوق الأساسية في بيئات آمنة، وحوالي 57 مليون لتمكين المجتمعات وتحقيق المساواة بين الجنسين، وحوالي 6.7 مليون لتأمين الحلول.
وتقدم المفوضية ميزانيتها السنوية للموافقة عليها من قبل لجنتها التنفيذية في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام، وتم تصميم ميزانية 2025 البالغة 10.248 مليار دولار لتمكين المفوضية وشركائها من توفير الحماية والمساعدة والحلول المنقذة للحياة في حالات النزوح الجديدة والحالية، وتعتمد هذه الميزانية على احتياجات السكان المتوقع أن يبلغ عددهم 139.3 مليون شخص من النازحين قسراً وعديمي الجنسية خلال العام المقبل، "وهو ما سيمثل عامًا آخر من الأرقام القياسية".
وبحسب المفوضيّة، فإنّ وضع النزوح في الأردن بات يطول بشكل متزايد، خصوصاً مع الاحتمالات المحدودة للعودة الطوعية للاجئين السوريين، فمن المرجح "أن يستمر الأردن في استضافة عدد كبير من اللاجئين من سورية والعراق واليمن ودول أخرى في السنوات المقبلة".
وذكرت في إستراتيجيتها للعام المقبل "أنّه ومع تقدم الأردن نحو أهدافه الإنمائية، سيحتاج مستقبل الاستجابة للاجئين إلى إعادة تشكيل لدعم استمرار مشاركتهم في الخدمات والبنية الأساسية الوطنية، وزيادة اعتمادهم على أنفسهم، وخلق آليات أكثر فعالية لتقديم المساعدات".
وستعمل المفوضية مع حكومة الأردن والجهات المانحة والشركاء ومجتمعات اللاجئين؛ لتعزيز المرونة طويلة الأجل للاجئين والمجتمعات المضيفة، وستعمل كذلك على توسيع نطاق مشاركتها مع الجهات الفاعلة في التنمية والمؤسسات المالية الدولية لتعزيز الحوار الجاري، مؤكدة أنّ تعزيز الشراكات مع الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية والتطبيق الفعال لنموذج تنسيق اللاجئين من شأنه أن يعزز دور المفوضية عبر قطاعات مختلفة مثل الرعاية الصحية والتعليم والتمكين الاقتصادي والبنية الأساسية.
وأكدت أنّها سترسشد في برامجها في الأردن بالميثاق العالمي بشأن اللاجئين، تماشياً مع الميثاق العالمي، إذ إن إستراتيجية المفوضية لعام 2023 وما بعده تقوم على المشاركة الهادفة للاجئين، وتعزيز مبادئ تقاسم الأعباء ونهج أصحاب المصلحة المتعددين، بما في ذلك مع حكومة الأردن والمجتمع المدني، فضلاً عن الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية.
وتشمل رؤية المفوضية جميع اللاجئين الذين تعنى بهم المفوضية وتتوافق مع أولويات التنمية في الأردن، والتي يشكل اللاجئون جزءًا أساسيًا منها، فضلاً عن خطة الاستجابة الأردنية، وخطة اللاجئين والمرونة الإقليمية (3RP) وإطار التعاون الإنمائي المستدام للأمم المتحدة.
وستعمل المفوضية على توحيد التسجيل والتوثيق لجميع الأشخاص الذين تعنى بهم المفوضية لضمان قدرتهم على الوصول إلى الخدمات الأساسية؛ لزيادة الوصول إلى الحلول للاجئين، وستشارك في الدعوة المستدامة لتوسيع المسارات التكميلية مع تعزيز فرص إعادة التوطين، وسيتم تمكين اللاجئين من تحقيق إمكاناتهم الكاملة، وتحمل مسؤوليات متزايدة في الاستجابة للاجئين، والمساهمة في المجتمع والاقتصاد الأردني.
كما سيتم التعامل مع خطر انعدام الجنسية في الأردن من خلال الخطة المتعددة السنوات لتحسين التسجيل المدني، وذلك بشكل أساسي من خلال تسهيل تسجيل المواليد. وستستمر الجهود المحددة في المخيمات والبيئات الريفية، حيث قد يواجه السكان صعوبة في الوصول إلى المكاتب والخدمات الحكومية، وتساهم زيادة الوعي في توعية المجتمعات المتضررة، وتعزيز فهم واستعداد منظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية، ودعم التنمية المؤسسية طويلة الأجل.
وسيكون أحد المكونات الأساسية لجهود المناصرة التي تبذلها المفوضية هو تعزيز مشاركة اللاجئين في الأنظمة الوطنية، وخاصة زيادة قدرتهم على الوصول إلى الخدمات المالية، وسيؤدي استهداف المساعدات والخدمات وإعطاؤها الأولوية، إلى زيادة فعالية البرنامج والحد من الاعتماد على أنظمة المساعدة الإنسانية.
وعلاوة على ذلك، ستبذل الجهود لتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة لتقليل البصمة البيئية للمفوضية في مكاتبها وفي المخيمات، وفي تدخلاتها في مجال المأوى ستعمل المفوضية على تطوير حلول مبتكرة ومستدامة لزيادة القدرة على الصمود في مواجهة مخاطر المناخ.
وبحسب المفوضية، فإن الأردن هو أحد أكبر بلدان العالم المضيفة للاجئين من حيث نصيب الفرد، وهناك حوالي 620 ألف امرأة ورجل وطفل من سورية مسجلين كلاجئين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى ما يقرب من 70 ألف لاجئ من جنسيات أخرى، يشكل العراقيون أكبر مجموعة منهم. ويعيش معظم اللاجئين خارج المخيمات، حيث يقيم 18 % فقط في مخيمات منظمة.
وعلى مدى السنوات الثلاث المقبلة، لا تتوقع المفوضية زيادة في عمليات إعادة التوطين، وبالتالي لا تتوقع أي تغييرات كبيرة في حجم تعداد اللاجئين، وبالمثل، لا يُتوقع حدوث تحركات سكانية كبيرة نحو الأردن حتى لو ظل الوضع الأمني في المنطقة متقلبًا.
وقالت المفوضية إن الحكومة بذلت جهودًا ملحوظة لضمان مشاركة اللاجئين في الأنظمة الوطنية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم وسوق العمل، ومع ذلك، فإن تكاليف الخدمات الطبية والتعليم تشكل حاجزًا أمام وصول العديد من اللاجئين.
ومع ارتفاع معدلات الفقر بين اللاجئين في السنوات الأخيرة، لجأ العديد منهم إلى آليات مواجهة ضارة، وما تزال البطالة مرتفعة، وخاصة بين الشباب والنساء، ويعمل اللاجئون في الغالب في سوق العمل غير الرسمي، حيث تكون الأرباح منخفضة وظروف العمل غالبًا ما تكون سيئة.
وأشارت المفوضية الى أنها تدير أحد أكبر برامجها القائمة على النقد في جميع أنحاء العالم، وتعمل مع الشركاء لتحويل جزء من اللاجئين إلى فرص اقتصادية، على الرغم من بقاء العديد من التحديات.
ودعمت الحكومة الاعتماد على الذات للاجئين، من خلال تدابير تشمل تصاريح العمل وأطر ترخيص الأعمال المنزلية، مشيرة إلى أنه يمكن للاجئين المهرة، بمن في ذلك أولئك الحاصلون على تعليم عالٍ، الوصول إلى سوق العمل الرسمي، على الرغم من ارتفاع التكاليف المرتبطة بذلك.
وأكدت أن تمكين اللاجئين من تولي دور أكبر في الاعتماد على الذات يعتبر أولوية لتعزيز تمثيل اللاجئين والمساواة بين الجنسين والاتصال ثنائي الاتجاه بين جميع أصحاب المصلحة.
أما جانب توفير المأوى للاجئين، فترى المفوضية أنه ما زال يعاني من فجوات كبيرة داخل وخارج المخيمات، حيث يشكل خطر الإخلاء من المساكن المستأجرة من القطاع الخاص في المناطق الحضرية مصدر قلق متزايد وقد يؤدي إلى الانتقال إلى مخيمات اللاجئين.
وذكرت أن الوصول إلى المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية تحسن في السنوات الأخيرة، حيث أفاد 90 % من اللاجئين بإمكانية الوصول إلى المراحيض الآمنة. وتعمل المفوضية أيضًا على تطوير حلول مبتكرة ومستدامة وزيادة القدرة على الصمود في مواجهة مخاطر المناخ، حيثما أمكن ذلك.
وتظل احتياجات إعادة التوطين مرتفعة للغاية، حيث من المتوقع أن يحتاج نحو 80 ألف لاجئ في الأردن إلى إعادة التوطين. ومع ذلك، وبما أن توافر فرص إعادة التوطين ما يزال أقل بكثير من الاحتياجات، فستتركز الأولوية على اللاجئين من جميع الجنسيات الذين لديهم احتياجات قوية للحماية.
بالإضافة إلى ذلك، ستواصل المفوضية العمل مع الشركاء لزيادة المعرفة بالمسارات الأخرى القائمة للهجرة إلى بلدان ثالثة والوصول إليها ودعم وصول اللاجئين إلى الحلول.
وأكدت أنّها لا تشجع ولا تسهل عودة اللاجئين السوريين، لكنها ستواصل البحث عن سبل لدعم هؤلاء اللاجئين الذين يرغبون بممارسة حقهم في العودة بشكل أفضل، مع مراقبة التطورات التي قد تساهم في الفرص المستقبلية للعودة الطوعية إلى الوطن بأمان وكرامة.
وفي حين ما يزال العديد من اللاجئين يعبرون عن إرادة قوية للعودة إلى سورية يومًا ما، تكشف أحدث الاستطلاعات عن انخفاض مستوى نوايا العودة في الأمد القريب، حيث أشار أقل من 1 % من المستجيبين إلى أنهم ينوون العودة خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة.
وذكرت أنه وبعد مرور أكثر من 10 سنوات على بداية الأزمة السورية، وجد العديد من اللاجئين طرقًا لتحقيق مستوى متواضع من الاعتماد على الذات في الأردن، وأدت الصدمات الاقتصادية الأخيرة على أسر اللاجئين، بما في ذلك انخفاض المساعدات الغذائية، إلى زيادة نقاط الضعف.
وهناك فقر متزايد يواجهه اللاجئون من جميع الجنسيات، كما أن التحديات في مجالات الصحة والمأوى والأمن الغذائي ومستويات الديون والدخل وعمل الأطفال وعدم المساواة بين الجنسين هي مشكلات يتعامل معها اللاجئون.
وعلى هذا النحو، تتزايد الاحتياجات الإنسانية، وهناك خطر من تدهور الظروف بسرعة ما لم تتم استعادة مسار تمويل أكثر استقرارًا للاستجابة للاجئين على نطاق واسع. وبصرف النظر عن الانخفاض المحتمل في التمويل الإنساني، ستواصل المفوضية الدعوة إلى مشاركة اللاجئين وإقامة روابط أوثق وتكامل أقوى بين الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية للمساهمة في استجابة مستدامة للاجئين.