أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Jul-2017

الموازنة العامة ومجالس اللامركزية*د. عدلي قندح

الراي-طلب رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي من دائرة الموازنة العامة المباشرة في الاعداد للموازنة العامة للعام المقبل 2018 ضمن الاطار المؤسسي لللامركزية في المحافظات الذي سيتشكل في المملكة بعد الخامس عشر من آب 2017 وذلك بعد انتخابات اللامركزية التي ستتم وفقا لقانون اللامركزية رقم (49) لسنة 2015 والانظمة الصادرة بموجبه. فما هي التغيرات الاساسية التي ستظهر على الموازنة العامة للمملكة للعام 2018 نتيجة للتحول الى اللامركزية؟
 
نتوقع أن يحصل بعض التغيرات الاساسية على شكل هيكل الموازنة العامة للمملكة، ومن أبرزها ظهور بند في النفقات الرأسمالية يسمى «مجالس المحافظات»، ستضع له دائرة الموازنة العامة سقوفا محددة في موازنة عام 2018. أما التغير الثاني فهو انخفاض مخصصات الوزارات والهيئات الحكومية في جانب النفقات الرأسمالية. وهذا يعني أن موازنة عام 2018 التي تم البدء بإعدادها سيتم تقديرها بنفس الاساس الذي تعد فيه الموازنة العامة في كل عام باستثناء بند الموازنة الرأسمالية أو النفقات الرأسمالية الذي سيتم تقدير جزء منه من قبل المجالس التنفيذية في المحافظات واقراره من قبل مجالس المحافظات المنتخبة. ومجلس المحافظة التنفيذي الذي يترأسه المحافظ في كل محافظة سيحدد المشاريع التنموية والاستثمارية والخدمية اللازمة والملحة في المحافظة وسيعد موازنة تقديرية وفقا للسقوف التي تضعها دائرة الموازنة العامة لمحافظته وسيرفعها لمجلس المحافظة المُنتخب الذي يترأسه رئيساً منتخباً لكي يقرها. وبعد ذلك ترفع الى دائرة الموازنة العامة لإقرارها ولوضعها في بنود الموازنة العامة للمملكة.
 
مجلس المحافظة المنتخب الذي يتكون من المحافظ رئيساً وعضوية كافة رؤساء الدوائر الرسمية بالإضافة الى نواب المحافظ ومتصرفي الالوية ورؤساء البلديات ومدراء المناطق التنموية، سيكون بمثابة مجلس ادارة أو برلمان مصغر على المجلس التنفيذي للمحافظة.
 
السقوف التي ستضعها دائرة الموازنة العامة لموازنات مجالس المحافظات يعني أن تطبيق اللامركزية سيكون تدريجياً لضمان حسن تطبيق تجربة اللامركزية. ولضمان حسن تنفيذ اللامركزية في السنة أو السنوات القليلة الأولى ستكون مهمة تنفيذ المشاريع من قبل الوزارة المعنية، وستقوم الحكومة بتعيين 15 بالمئة من أعضاء مجالس المحافظات من الخبراء في الاقتصاد والاستثمار والقانون وغيرهم من ذوي الاختصاص لتعزيز المجالس بالخبراء.
 
وبعد السنة الاولى من تطبيق اللامركزية سيتم تقييم التجربة وأخذ خطوة متقدمة أكثر نحو اللامركزية بمنح مبالغ أكبر ونقل صلاحيات تنفيذية أكثر لمجالس المحافظات وحسب أداء المجالس في المحافظات سيتم انتزاع سلطات وصلاحيات أوسع من الحكومة المركزية والعاصمة باتجاه مجالس المحافظات. وفي السنوات القادمة، يتوقع أن ينخفض عدد العاملين في الوزارات والهيئات الحكومية وبالتالي سيتقلص حجم الحكومة المركزية لصالح مجالس المحافظات لأن عبء التخطيط والتنفيذ سينتقل تدريجيا من الحكومة المركزية والوزارات والهيئات الحكومية الى مجالس المحافظات.
 
من الناحية النظرية والتشريعية يشير الهيكل التنظيمي والمؤسسي لللامركزية أن هناك شكلا متقدما من أشكال الديمقراطية والمشاركة الشعبية في صنع واتخاذ القرار.
 
باعتقادي أن المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق مجالس المحافظات تتطلب من الناخبين أن يوصلوا أشخاصا مؤهلين لمجالس المحافظات يمكنهم القيام بالمهام التي كانت تقوم بها دائرة الموازنة العامة والوزارات والبرلمان، وبغير ذلك ستكون تجربة اللامركزية هشة وضعيفة وستعرض اللامركزية لنكسة في بدايتها. كل الجهات معنية بإنجاح هذه التجربة التي سنشهد بدايتها التطبيقية العملية في السنة المالية 2018.
 
العدد الاجمالي لأعضاء مجالس المحافظات (336 عضوا من بينهم 32 مقعدا للنساء) كبير وهو أكثر من ضعفي عدد مجلس النواب، وللمرأة فرصتان في هذه الانتخابات واحدة من خلال المقاعد المخصصة بموجب القانون وتبلغ 10 بالمئة من المقاعد المنتخبة وما نسبته 5 بالمئة من مقاعد الاعضاء المعينين من الحكومة والمقررة بخمسة عشر بالمئة من المقاعد بموجب القانون.
 
لا شك أن مجالس المحافظات ستخفف الضغط على مجلس النواب بحيث تتولى القضايا التنموية والخدمية في المحافظات وستعزز من وظيفة النائب كسياسي ومشرع ورقيب على أداء الحكومة المركزية.
 
مجرد انتقال الأردن لهذه المرحلة يعتبر نقلة حضارية وديمقراطية نحو توسيع دائرة صنع واتخاذ القرار على كافة الصعد الادارية والاستثمارية والتنموية. في المستقبل نتوقع ان تنتقل حالة اللامركزية من النفقات فقط الى اللامركزية في جانبي الموازنة العامة (الايرادات والنفقات) مما يعني أن المحافظات في الاطراف المختلفة للمملكة ستستفيد من الايرادات التي تتحقق فيها بمبالغ اكبر عندما يتعلق الامر بالإنفاق على المشاريع التنموية والخدماتية والاستثمارية.
 
نبارك للأردن هذه الخطوة الديمقراطية والحضارية، ونأمل ان تحقق نجاحاً في التطبيق العملي. تجربة اللامركزية الاردنية ما تزال في مرحلة الحضانة وتتطلب سعة صدر في التطبيق لإنجاحها. سنتعلم الكثير في السنة الاولى وبموجب دروس السنة الاولى سنخطو الخطوة اللازمة وبالاتجاه الصحيح.