أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    16-Jul-2017

المغتربون الأردنيون وحوافز الاستثمار في الوطن*د. مأمون نورالدين

الراي-بحسب آخر إحصاءات استطعت الوصول إليها فقد بلغ عدد المغتربين الأردنيين حول العالم 782 ألف مغترب منتشرين في 76 دولة (البنك الدولي 2013)، وفي نفس الوقت أشارت وزارة الخارجية في مؤتمر المغتربين الأخير الذي عقد في عام 2016 بأن عدد المغتربين الأردنيين قد بلغ ما يقارب المليون. هذا الرقم مقارنة بتعداد المواطنين الأردنيين ليس بقليل، وعليه فإن هذه الفئة من المواطنين تستحق نوعا خاصا من الرعاية والتخطيط من قبل الجهات المعنية كافّة. إقتصادياً، فإن للمغتربين أهمية خاصة تنحصر حالياً على أرض الواقع فقط بالحوالات الواردة من طرفهم، إضافة إلى النشاط الإقتصادي الذي يحدثه المغتربون في فترة الصيف (فترة الإجازة)، حيث أصبح هذا النشاط عرفاً ينتظره التجّار بشتّى إختصاصاتهم، حتّى أنه قد سميّ بالسوق بـ «موسم المغتربين».
 
إحصائياً فإن حوالات المغتربين قد بلغت ما نسبته 10.4% من الناتج المحلي للأردن في عام 2014، وهو رقم مهم جدّاً ولكن حقيقة الأمر أنّ علينا أن نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك تحليلاً للإستفادة من طاقات وقدرات يحملها هؤلاء المواطنون، وأوّل ما علينا فعله هو النظر إليهم من منظور الخبرة والمعرفة في الأعمال والإختصاصات المهمة مثل الصناعة والزراعة وريادة الأعمال وغيرها؛ هناك العديد من مغتربينا المميّزين جداً في أعمالهم في الخارج، فكثير منهم وصل إلى مواقع تنفيذية في شركات عربية وعالمية وتبوّأوا أعلى المناصب وسجلّوا إنجازات بارزة في حياتهم المهنية، في حين أن أعدادا أخرى تمكّنت من تأسيس أعمال خاصّة بها ونجحوا أيضاً كمستثمرين في بلاد الغربة وأماكن إقامتهم في الخليج وأميركا وروسيا وأوروبا وغيرها حيث أصبح بعضهم من أكبر المستثمرين وأنجحهم.
 
الخلاصة أن لدى هؤلاء المواطنين ما يتعدّى القدرة المالية وهو ما يمكن أن نصفه بالنطاق الواسع من الخبرة والمعرفة بحكم ما مرّوا به من تجارب بعيداً عن بيئتهم التقليدية. هذه الخبرة والمعرفة تدفع باستمرار وتحفّز العديد من المواطنين المغتربين البارّين بوطنهم لتأسيس أعمال على شاكلة ما يروه في غربتهم رغبةً منهم بتحقيق معادلة ذات نتائج سامية يكون فيها الوطن رابح وهم رابحون.
 
الوطن بحاجة لطاقاتهم وخبراتهم، وهي ما سيدعم الإقتصاد حقيقة أكثر من الحوالات التي تذهب في غالب الأحيان إلى خزنات البنوك أو تجمّد في عقار، لأن هذه الطاقة والخبرة قادرة على إنشاء وتشغيل مشاريع بأحجام مختلفة من صغيرة الحجم وحتّى الضخمة تشغّل آلاف الأردنيين وتدعم نموّ وإقتصاد هذا الوطن المعطاء. علينا أن نشجعهم ونهيّئ بيئتنا الإستثمارية لتشجيعهم ولإحتواء مدخلاتهم التي تثمر فقط في البيئات الخصبة. قد نحتاج إلى تشريعات خاصة بتشجيع إستثمار المغتربين تضم حزمة من التسهيلات والإجراءات التي تضمن لهم يسر إنشاء مشاريعهم، وفي نفس الوقت تضمن لهم ديمومة هذه المشاريع تحت مظلة تشريعات ثابتة عابرة للحكومات وليس تشريعات مؤقتة قابلة للتغيير في أي زمان. هم بحاجة لبرامج استثمار تخفّض لهم المخاطر ونقاط الضعف وتزيد من الفرص ونقاط القوّة لنجاح مشاريعهم المحتملة.
 
مغتربونا اليوم هم أهم المستثمرين المحتملين؛ علينا أن نصلهم ونرعاهم ونذلل العقبات أمام طموح الكثير منهم بالإستثمار في الوطن. علينا أن نضع الحصان أمام العربة وليس العكس، وليحصل ذلك علينا أن نجمع مختلف المؤسسات المعنية للعمل ضمن إستراتيجية موحّدة مبنيّة على التكامل والتشاركية في تحمّل المسؤولية والوصول إلى الأهداف تحت وصاية مجلس الوزراء من خلال خطة عمل ثابتة تضمن للمستثمر تحقيق الشفافية وتعزيزها ويقلّل من المزاجيّة والبيروقراطية. خلاصة القول إن الأوطان لا تبنى إلّا بسواعد أبنائها المخلصين.