أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-Apr-2017

«الرؤية» .. وبناء الموارد البشرية النوعية* د. عبد العزيز الغدير
الاقتصادية - في لقاء مع أحد الاستشاريين العاملين في مجال تطوير وتشغيل مكاتب إدارة المشاريع المؤسسية (.E.P.M.O) في المنشآت الحكومية والخاصة، سألته عن كمية ونوعية العملاء سابقا وحاليا عما إذا كانت لـ "رؤية 2030" وبرنامج التحول 2020 تداعيات على كم ونوعية العملاء، فقال لي كان الطلب يأتينا من الشركات الخاصة الكبرى كالمصارف والشركات المدرجة والشركات النفطية وشركات البتروكيماويات وجميعها شركات تخضع لمعايير الحوكمة وتلتزم بخطط استراتيجية ومؤشرات أداء وإنجاز، وهي مؤشرات تصب في محصلتها في مؤشر الإيرادات والأرباح ونموهما. فقلت له وما الجديد؟ فقال الجديد بعد إطلاق "رؤية 2030" بدأت الطلبات تأتينا من الأجهزة والهيئات الحكومية شيئا فشيئا ثم تزايدت بشكل كبير بعد إقرار برنامج التحول 2020، حيث باتت الأجهزة والهيئات الحكومية تخضع لمؤشرين مهمين الأول مؤشر الأداء، والثاني مؤشر الإنجاز وأثر هذا الإنجاز على أرض الواقع ما جعل المسؤولين تحت الضغط فإما النجاح وإما المغادرة وترك المكان لغيرهم، ولذلك انطلقوا في استخدام جميع الأدوات للنجاح وتحقيق النتائج المنشودة وفق الخطط التي رفعوها لمجلس الاقتصاد والتنمية واعتمدها المجلس في برنامج التحول 2020، ومن هذه الأدوات المهمة التي تلعب دورا كبيرا في تحقيق النتائج وفق مؤشري الأداء والإنجاز وأثره مكتب إدارة المشاريع المؤسسية الذي يفلتر المشاريع وفق معايير متعددة ويوزع الموارد لإنجاز ما تم اختياره منها وفق أولويتها، ومن ثم يتابع تنفيذها أولا بأول ويقيس الانحرافات في بداياتها ويحدد أسبابها ويعمل على معالجتها في مهدها قبل أن تتفاقم. قلت له يبدو لي أن الأجهزة الحكومية ستواجه مشكلة ثقافة الموظف الحكومي الذي يكون قد اعتاد الاسترخاء والعمل دون مؤشرات متابعة، وقد يكون اعتاد على الشللية والترقي والحصول على المناصب من خلال الأقدمية والعلاقات الشخصية والانتماءات العائلية أو المناطقية أو القبلية. وباختصار ستعانون ثقافة العمل السائدة في الأجهزة والهيئات الحكومية، فقال لي نعم هذا واضح بالنسبة لنا إلا أن التحول في تلك الثقافة انطلقت مسيرته تحت ضغط مؤشرات الأداء والإنجاز المزمن دون أعذار، فالقيادات في الأجهزة الحكومية وفي سبيل النجاح وتحقيق الأهداف في نطاقاتها الزمنية، بدأت منذ مدة باستقطاب الكفاءات الوطنية المؤهلة من خارج مؤسساتهم من ناحية كما قاموا باستقطاب الكفاءات الوطنية المبشرة والواعدة في مؤسساتهم وتمكينهم من المناصب ودعمهم ببرامج تأهيلية دون النظر لأي عناصر أخرى في الاستقطاب والتمكين والتأهيل سوى الكفاءة والقدرة على الإنجاز. فقلت له وهل تعتقد أن الوقت يسمح بالتأهيل الذي يتطلب وقتا طويلا يمتد أحيانا لشهور وسنوات، فحسب علمي أن المتابعة تتم بالشهور وأن كل سنة يجب أن تتحقق خلالها إنجازات معينة وفق الخطط المرسومة؟ فقال نعم هذا صحيح ولذلك نحن نعمل مع الأجهزة والهيئات الحكومية على إدارة بعض المشاريع وهي المشاريع الأكثر أهمية وأثرا وأولوية بشكل مباشر من قبل فرق عملنا المؤهلة للإنجاز بينما نشرف على إنجاز بقية المشاريع. وفي كلتا الحالتين نقوم بتأهيل الموارد الوطنية الواعدة والمبشرة على رأس العمل لتطوير ثقافة العمل لديهم من ناحية وتطوير معارفهم ومهاراتهم من ناحية أخرى ليكونوا جاهزين لقيادة المشاريع مستقبلا بشكل مستقل وذلك من خلال تطبيق مفهوم بناء المشاريع وتشغيلها ثم تحويلها Build- Operate- Transfer B.O.T وهذا سيمكننا من تحقيق الإنجازات في أوقاتها بالتزامن مع تأهيل الموارد البشرية. قلت له كيف ترى مستقبل الموارد البشرية الوطنية خلال السنوات الأربع المقبلة نتيجة عمل الأجهزة والهيئات الحكومية لتحقيق "رؤية 2030" وبرنامج التحول 2020؟ قال لي دون أدنى شك هذا ما بدأنا نراه الآن، سيتكون لدى المملكة كم كبير من الموارد البشرية الوطنية النوعية التي تأهلت على رأس العمل تحت ظروف الضغط ومؤشرات الأداء والإنجاز الكاشفة المحفزة واكتسبت خبرات ومهارات تراكمية، وستكون هذه الموارد المؤهلة معيارا قياسيا جديدا لكفاءة الموارد البشرية الوطنية ما يجعل الموارد القادمة تعمل وتبذل جميع الجهود للتعلم للوصول للمعايير القياسية كي تحصل على المراتب والمميزات الوظيفية التي بات من الواضح أن الكفاءة والقدرة على الإنتاجية هما السبيل للحصول عليها. قلت له لنتحدث عن الإنتاجية التي لا ترتبط بكفاءة الموارد البشرية فقط ولكنها ترتبط بشكل كبير بالأنظمة وأسلوب الإدارة، حيث أثبتت الدراسات أن الهياكل والعمليات المؤسساتية تمنع الموظفين من إنجاز العمل وتضيع كثيرا من أوقاتهم الثمينة، فقال لي إن مكتب إدارة المشاريع المؤسسية أو الاستراتيجية يعالج كل ذلك ويعتبر هذا الشق الأسهل لكونه يتعامل مع أنظمة وإجراءات يمكن تغييرها بسهولة بخلاف ثقافة الموظفين ومعارفهم ومهاراتهم التي تتطلب وقتا طويلا لمعالجتها في حال رغب الموظف في ذلك، مؤكدا أن بعض الموظفين لا يرغبون في ذلك ويتجهون للمقاومة وبناء الكتل لمواجهة التغيير إلا أن الوضع ضدهم وعليهم قبول الواقع والتعامل معه بعقلانية وإلا فمصيرهم الإقصاء حسب الأنظمة الإدارية المتاحة. من ناحيتي أقول: كيف يصل هذا الحديث لكل موظفي الحكومة ولطلبة التعليم العام في المراحل الأخيرة ولطلبة الجامعات والمعاهد؟ كيف نزرع في نفوسهم ثقافة العمل؟ كيف نقنعهم بأن الانتماء لأي مجموعة لم يعد الخيار الملائم للحصول على الوظائف في القطاعين الخاص والحكومي والترقي في المناصب واكتساب الخبرات والمهارات وتحقيق القيمة المضافة والمساهمة في التنمية في مجالاتها كافة؟ ختاما أتطلع إلى أن يستوعب الموظفون في القطاعين الحكومي والخاص والقطاع الأهلي وكذلك القادمين لسوق العمل التحولات في ماهية وأهمية الموارد البشرية الوطنية المطلوبة والقادرة على إحداث الفرق وتقديم القيمة المضافة والعمل على تأهيل أنفسهم ليكونوا كفاءات بشرية مميزة تلبي المعايير المطلوبة باغتنام ما تقدمه الدولة من فرص تعليمية وتدريبية، والتأهيل الذاتي من خلال القراءة والاطلاع وغيرها ليكونوا الخيار الأمثل وإلا فإن التوجه للكفاءات الوافدة قد يكون خيارا لابد منه.