أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Aug-2024

الخروج من "فخ" الدخل المتوسط.. هل أصبح حلما بعيد المنال؟

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

في الوقت الذي أكد فيه البنك الدولي في أحدث دراسة له، أن أكثر من 100 بلد من بينها الأردن، تواجه عقبات خطيرة يمكن أن تعيق جهودها لتصبح من البلدان مرتفعة الدخل في العقود القليلة القادمة، شدد خبراء اقتصاديون على أن تحسن متوسط الدخل في الأردن خلال السنوات القادمة لا يبدو ممكنا في خضم تعقد الظروف الجيوسياسة في المنطقة، والتحديات الداخلية التي تحيط بالاقتصاد الوطني من ارتفاع حجم الدين العام وضعف معدلات النمو الاقتصادي.
وأوضح هؤلاء الخبراء في تصريحات خاصة لـ"الغد"، أن الاقتصاد الأردني لديه القدرة على تطبيق التوصيات الخاصة بالدول متوسطة الدخل المنخفض التي أصدرها تقرير التنمية لعام  2024، وهي غرس التكنولوجيات الحديثة والعمليات التجارية الناجحة من مختلف أنحاء العالم في اقتصاداتها، إلا انها غير كافية وحدها لقيادة الاقتصاد الوطني إلى مستويات دخل مرتفعة أو إلى تحسينها على الاقل في الوقت القريب. مشددين على  أهمية اشتقاق حلول من داخل الاقتصاد الوطني تتناسب وخصائصه وظروفه من أجل رفع مستوى تصنيف الدخل محليا. 
 
 
 
 
 
 
 
 
وبقصد تمكين الاقتصاد الأردني من الإفلات من "فخ الدخل المتوسط" نحو الدخل الأعلى وتحسينه والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين، طالب الخبراء بضرورة تنشيط دور القطاع الخاص وتركيز الاهتمام على القطاعات الانتاجية كالصناعة والزراعة وتقديم الدعم اللازم لها ولا سيما خفض كلف مدخلات الإنتاج والتشغيل، إضافة إلى ضرورة اعادة النظر بالسياسات الضريبية باتجاه تقديم تسهيلات للعمليات الاقتصادية المحلية بخفض مختلف الضرائب غير المباشرة.
ويضاف إلى ذلك أهمية زيادة حجم النفقات الرأسمالية المولدة للمشاريع والتوظيف، إضافة إلى تشجيع الاستثمار المحلي وتسهيل شروطه على القطاع الخاص، ومنح الحوافز للقطاع الصناعي، علاوة على ضرورة إيجاد بيئة استثمارية مرنة تسهل عملية الاستثمار وشروط ممارسة الاعمال وكلفها محليا، فضلا عن ضرورة إعادة النظر بشروط الاتفاقيات التجارية التي تجمع الاردن مع كثير من الدول بحيث تضمن العدالة للجميع لا سيما اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي. 
وكان "تقرير التنمية في العالم 2024"، الذي أصدره البنك الدولي في مطلع شهر اب (أغسطس) الحالي، أكد أن أكثر من 100 بلد من المصنفة بأنها من الاقتصادات متوسطة الدخل، تواجه عقبات خطيرة يمكن أن تعوق جهودها لتصبح من البلدان مرتفعة الدخل في العقود القليلة القادمة، وذلك وفقاً لدراسة جديدة تضمنها تقرير التنمية لطرح أول خريطة طريق شاملة لتمكين البلدان النامية من الإفلات من "فخ الدخل المتوسط".
وأكد التقرير أن البلدان المتوسطة الدخل في سباق مع الزمن، وقد أبلى العديد منهم بلاء حسناً منذ تسعينيات القرن العشرين في الهروب من مستويات الدخل المنخفض والقضاء على الفقر المدقع، الأمر الذي أدى إلى تصور مفاده أن العقود الثلاثة الماضية كانت عظيمة بالنسبة للتنمية. لكن طموح أكثر من 100 اقتصاد حيث يتراوح دخل الفرد فيها بين 11 و14 ألف دولار، هو الوصول إلى وضع الدخل المرتفع خلال الجيل القادم.
واقترح التقرير على الدول متوسطة الدخل استراتيجية ثلاثية المحاور حتى يتسنى لها الوصول إلى وضعية البلدان مرتفعة الدخل. أما فيما يتعلق بالتوصيات الموجهة للحكومات في البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض، التي تعد الاردن منها، فإنها مطالبة بأن تتخلى عن عادة تكرار نفس الاستراتيجيات القائمة على الاستثمار، وأن تعمل بدلا من ذلك على غرس التكنولوجيات الحديثة والعمليات التجارية الناجحة من مختلف أنحاء العالم في اقتصاداتها. ويتطلب هذا إعادة تشكيل مساحات كبيرة من تلك الاقتصادات وتحويلها إلى موردين للسلع والخدمات قادرين على المنافسة عالميا.
وقال الخبير الاقتصادي مفلح عقل إن تحسن متوسط الدخل في الأردن خلال السنوات القادمة لا يبدو ممكنا في خضم الظروف الجيوسياسة وتنامي حالة عدم اليقين في المنطقة على اثر العدوان الإسرائيلي على غزة، والتي تركت آثار سلبية حادة على الاقتصاد الوطني لا سيما في ما يتعلق في تراجع النشاط السياحي والتجاري، مما قد يؤثر على معدلات النمو الاقتصادي خلال العامين القادمين في أقل تقدير.
وتابع أن هناك تحديات أخرى اصطدم بها الاقتصاد المحلي تضعف من امكانية تحسن مستويات نموه التي عادة ما تصب في تحسين مستوى الدخل، وهذه التحديات بعضها خارجي متعلق بموجة التضخم العالمي منذ الحرب الروسية الاوكرانية  وارتفاع الفوائد البنكية على اثرها، عدا عن تأثيرات العدوان الإسرائيلي على غزة آنفة الذكر، ويضاف إلى ذلك التحديات الداخلية المتعلقة بتنامي الدين العام واستمرار عجز الموازنة العامة.
ولفت عقل إلى أن المشكلة الابرز التي تؤثر على معدلات النمو الاقتصادي المحلية وبالتالي على تحسن مستويات الدخل هي ضعف الطلب الداخلي، إضافة إلى محدودية الاسواق الخارجية المستقبلة لصادرات الوطنية، لافتا إلى أن معالجة ذلك تتطلب من الحكومة إعادة النظر بالنظام الضريبي، إضافة إلى تخفيض حجم الانفاق العام. 
وأشار إلى أهمية زيادة حجم النفقات الرأسمالية المولدة للمشاريع والتوظيف، إضافة إلى تشجيع الاستثمار المحلي وتسهيل شروطه على القطاع الخاص، ومنح الحوافز للقطاع الصناعي ،حيث أن كل ما سبق يمكن أن يضمن تحسن مؤشرات النمو الاقتصادي وعليه زيادة مستوى الناتج المحلي الإجمالي الذي ينعكس ايجابا على تحسن مستوى الدخل سواء لدولة أو المواطنين.  
ويذكر أن البنك الدولي قد ثبت تصنيف الأردن للعام الثاني على التوالي في شريحة الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض، بعد أن تمكن من البقاء خلال الفترة الزمنية الممتدة من 2017 إلى 2022 على تصنيفه في شريحة الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع.وتصنف أي دولة  على انها ذات معدل دخل متوسط منخفض إذا كان نصيب الفرد من الدخل القومي من 1146 دولارا حتى 4515 دولارا، ويقدر نصيب الفرد في الأردن من الناتج المحلي بنحو 4400 دولار.  
من جانبه، أكد المختص في الاقتصاد السياسي زيان زوانة، أن الاقتصاد الأردني لديه القدرة على تطبيق التوصيات الخاصة بالدول متوسطة الدخل المنخفض التي أصدرها تقرير التنمية لعام 2024 وهي غرس التكنولوجيات الحديثة والعمليات التجارية الناجحة من مختلف أنحاء العالم في اقتصاداتها، إذ تتوفر البنية التحتية المعرفية والبشرية التكنولوجية في المملكة، كما أن حضور قطاع الخدمات في الاقتصاد الوطني تنامى بصورة واضحة خلال السنوات القادمة.
واستدرك زوانة ان ذلك وحده لن يكون كافيا لقيادة الاقتصاد الوطني إلى مستويات دخل مرتفعة أو إلى التحسن على الاقل، في ظل ضعف معدلات النمو الاقتصادي التي يرزح تحتها اقتصادنا المحلي منذ أكثر من عقد.
ويرى زوانة أن الارتقاء بتنصيف مستوى الدخل في الأردن نحو مستويات مرتفعة يكون لها انعكاس على المستوى المعيشي للمواطنين، يتطلب من الحكومة تنشيط دور القطاع الخاص وتركيز الاهتمام على القطاعات الانتاجية كالصناعة والزراعة وتقديم الدعم اللازم لها ولا سيما خفض كلف مدخلات الإنتاج والتشغيل عليها، حيث إن لهذه القطاعات دورا في خلق المزيد من فرص العمل ورفع حجم الصاردات الوطنية وهو ما ينعكس على تحسن معدلات النمو الاقتصادي وبالتالي ارتفاع مستوى الدخل.
إلى ذلك، شدد الخبير الاقتصادي أحمد عوض على أهمية اشتقاق حلول من داخل الاقتصاد الوطني تتناسب وخصائصه وظروفه من أجل رفع مستوى تصنيف الدخل في الأردن، لافتا كذلك إلى أهمية اخذ توصيات تقرير التنمية لعام 2024 سابق الذكر على محمل الجد. 
واعتبر عوض أن زيادة مستوى الدخل في الأردن وإخراجه من دائرة الدخل التي يصنف وفقها حاليا، يستدعي بالضرورة تحسين معدلات النمو الاقتصادي، وذلك من خلال إعادة النظر بالسياسات الضريبية باتجاه تقديم تسهيلات للعمليات الاقتصادية المحلية بخفض مختلف الضرائب غير المباشرة مما سينشط الاقتصاد المحلي ويزيد معدل النمو الاقتصادي وقيمة الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي يحسن من مستوى الدخل.
ويضاف إلى ذلك ايضا ضرورة إيجاد بيئة استثمارية مرنة تسهل عملية الاستثمار وشروط ممارسة الاعمال وكلفها محليا، إلى جانب أهمية رفع مستويات الاجور محليا التي لم يطرأ عليها أي تغيير منذ سنوات طويلة، فضلا عن ضرورة إعادة النظر بشروط الاتفاقيات التجارية التي تجمع الأردن مع كثير من الدول بحيث تضمن العدالة للجميع لا سيما اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاوربي التي تعد مجحفة بحق الاقتصاد الوطني، حيث تضع اشتراطات عديدة على الصادرات الوطنية إلى الاسواق الاوروبية.