الغد-فرح عطيات
كشفت نتائج التقرير السنوي للمشروع الوطني لمراقبة نوعية المياه في الأردن الذي أعدته وزارة البيئة، بالتعاون مع الجمعية العلمية الملكية، عن عدم مطابقة المياه العادمة الصناعية المستصلحة لبندي ري المحاصيل الحقلية والأشجار المثمرة، والطرح للسيول والأودية، والمسطحات المائية، وذلك لزيادة معدلات تراكيز بعض المركبات والعناصر، والخصائص عن الحد المسموح به في المواصفة المحلية.
ولفت التقرير الذي حصلت "الغد" على نسخة منه، إلى أن من بين تلك التراكيز، درجة الحموضة (ph)، والدهون والزيوت والشحوم (fog)، والفينول، والكلوريد، والصوديوم، والكبريتات، والنيكل والرصاص، وغيرها. مشيرا إلى أن التوجه لإعادة التدوير والاستدامة، بتعزيز استخدام طرق جديدة لتحسين كفاءة معالجة المياه العادمة الصناعية، بخاصة في المناطق الصناعية الكبيرة، ضرورة ملحة لتقليل استهلاك المياه العذبة وضمان استدامتها.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، فبحسب نتائج التقرير، يجب وضع خطط وطنية للسلامة الصحية لقطاع المياه والصرف الصحي بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية، كما يتوجب أن تكون تلك الخطط قائمة على أساس الإدارة السليمة للمخاطر في قطاعات المياه الجوفية والسطحية الخام، وفي قطاعات المياه العادمة المنزلية والصناعية، وفق التقرير الذي حصلت "الغد" على نسخة منه.
وبشأن المياه الجوفية الخام، جاء في النتائج مطابقة نوعية مياه المواقع المراقبة، لمتطلبات المواصفة القياسية المحلية الخاصة بمياه الشرب لجميع الخواص الفيزيائية والكيميائية، باستثناء ينابيع القنية وسارة في الكرك، ووادي السير، وبئري الرويشد والموقر، وغيرها من المواقع.
وتشير المعدلات السنوية لنتائج التحاليل الجرثومية، إلى أن نوعية مياه السدود تصلح للزراعة المطلقة، والتي تشمل الأشجار المثمرة، والمحاصيل الحقلية والصناعية، وجوانب الطرق داخل المدن والخارجية، وري الخضراوات التي تؤكل نيئة والمطبوخة، وري المتنزهات والحدائق العامة والمسطحات الخضراء.
ودعا التقرير لاتخاذ إجراءات تصحيحية سريعة ومناسبة بحق المصانع والشركات التي سُجِّلت عليها تجاوزات متكررة في معدلات تراكيز الخواص المفحوصة، والتي لا تتوافق مع متطلبات المواصفة الأردنية للمياه العادمة الصناعية المستصلحة بشأن الاستعمال النهائي للمياه المعالجة، إذ يتطلب ذلك ذلك بحث إمكانية تنفيذ مشاريع لتقييم وتحسين أوضاع هذه المنشآت بشأن التجاوزات المذكورة، واقتراح حلول ريادية ومتقدمة.
علاوة على ذلك، شدد التقرير على أهمية رفع كفاءة محطات معالجة مياه الصرف الصحي التي أظهرت تجاوزات في معدلات تراكيز الخواص المفحوصة في العام 2023، ولم تتوافق المياه المعالجة فيها مع متطلبات المواصفة الأردنية المذكورة. وبدلاً من ذلك، يمكن إيجاد حلول بديلة مناسبة، كإنشاء محطات معالجة جديدة (مركزية ولا مركزية)، لتخفيف الضغط وتقليل الأحمال العضوية والهيدروليكية على المحطات القائمة التي تجاوزت قدراتها التصميمية لاستيعاب التدفقات الواردة إليها.
وأكدت التوصيات، أهمية مراعاة نوعية مياه السدود والسيول والأودية المراقبة، مع تطبيق إرشادات مياه الري، لا سيما حواجز الخفض الجرثومي (كمحطات المعالجة، وتخزين المياه في السد، وبرك الري، واستخدام الفلاتر الرملية، والري بالتنقيط). وكذلك توسيع برنامج المراقبة ليشمل المصادر المائية في المملكة، وزيادة دورية أخذ العينات وإجراء الفحوصات اللازمة وفقاً للمواصفات القياسية الأردنية.
ومن المقترحات الأخرى، دراسة تطبيق مشروع شامل لتقييم تأثير تجاوزات الخواص المفحوصة في المواقع المشمولة بخطة المراقبة على البيئة والإنسان، وإمكانية الحد من ارتفاع هذه التراكيز، وتشجيع الأبحاث والدراسات العلمية بدعم وتمويل الدراسات التطبيقية المتعلقة بالمياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، لتطوير تقنيات جديدة، وتحسين كفاءة المعالجة وتقليل الملوثات الناتجة عن الأنشطة الصناعية والزراعية.
ولا بد من أن تطبق هذه الخطط على مدخلات ومخرجات الإنتاج الزراعي، وتوضيح دور كل الجهات المعنية، أكانت تشغيلية أو رقابية، وتحديد وتقييم المخاطر وإدارتها، واتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد من آثارها السلبية. كذلك المساهمة بتنمية المصادر المائية بصورة مستدامة عن طريق تحديد معدلات الضخ الآمنة من الطبقات المائية، وإجراء دراسات حساسية المياه الجوفية باستخدام النماذج الهيدروجيولوجية المعتمدة، بخاصة في المناطق التي يحدث فيها إعادة للمياه العادمة المستصلحة.
وأكدت إشراك المجتمع المحلي بالتعاون مع صانعي القرار في الحوكمة المحلية للمياه، لتعظيم الفوائد التي يجنيها المواطنون دون الإضرار بالبيئة المحلية على المدى الطويل، ويمكن تطبيق نظام الحِماية الذي من شأنه حماية الموارد المائية وتقليل الفاقد.
وركزت التوصيات على الأخذ بالاعتبار الملوثات الناشئة مثل المتبقيات الدوائية، والمبيدات الحشرية في المياه العادمة المستصلحة، إذ تعد أمراً بالغ الأهمية، بخاصة في قطاع الصناعات الدوائية.