أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-May-2023

الفقر*إسماعيل الشريف

 الدستور

يَمشِي الفَقِيرُ وكُل شَيءٍ ضِدَّهُ والنَّاسُ تُغْلِقُ دُونَه أَبْوابَها
وَتَراهُ مَبغُوضًا ولَيسَ بِمُذنِبٍ ويَرَى العَدَاوَةَ وَلَا يَرَى أسْبَابَها
العباس بن الأحنف
تطفح مواقع الاتصال الاجتماعي بقصص النجاح والوظائف والعلاوات والولائم وقصص أصحاب الملايين.
وفي صحفنا ومواقعنا الإخبارية نتابع هذه الأيام أخبارًا وصور اجتماعات الهيئات العامة للشركات المساهمة العامة، وصور المساهمين المبتسمين بعد أن حققت شركاتهم نموًّا في الأرباح، ومقابلات السياسيين مرتدين أجمل البذلات بكثير من «البوتكس» و»الهوليود سمايل»، وأخبار المال والمؤشرات الاقتصادية والاستثمارات الجديدة، ورضا البنك الدولي عن السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومات.
فكل شيء يسير على نحو جيد.
كل ما نشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام لا يمثل مطلقًا حقيقة المجتمع، ولا يعني إلا طبقة واحدة، بعيدا عن الأغلبية الساحقة في المجتمع.
ولكن لا يتحدث أحد أو ينشر الواقع الحقيقي الذي يعيشه الملايين، إنه الفقر، وكأن الفقر عيبٌ لا يصح أن يُنشَر، أوأن يتحدث أحد به، اللهم إلا صور من يقتات من الحاويات، أو قصص الفقراء في رمضان، أو من ينشر سير رحلته لإيصال المساعدات للفقراء.
الفقر هو الذي يغلب على نسيجنا الاجتماعي، ولكن بمهارة وخوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام رتقنا هذا النسيج بحيث أصبح غير مرئي.
فالفقر مختبئ في أستاذ المدرسة الذي يذهب إلى عمله ماشيًا، أوالأطفال الذين يأتون بدون ساندوتش أو مصروف، أو الآلاف الذين يعتاشون على الحاويات، أو الفتيات بعمر الورود على الإشارات، أو أمين الصندوق الذي لا يوجد في منزله دينار.
هذا هو الجانب المخفي في المجتمع، أما الجانب المضيء فهو المسؤولون ورجال الأعمال!
فهل ستقرأ على مواقع التواصل الاجتماعي قصصًا مثل:
- قصة أحد المئتين وخمسين ألفًا المطلوبين للتنفيذ القضائي.
- حديث شخص عن أن راتبه هو وزوجته بالكاد يكفي إيجار منزله، وكيف يتدبرون معيشتهم.
- ملايين الناس الذين يكافحون في سبيل لقمة العيش.
- البحث المستمر عن وظائف جانبية.
- طوابير المرضى في المستشفيات الحكومية.
في كل مكان الناس يعانون، وهو ليس عيبًا ولكن في ثقافة المجتمع العيب أن تنشر وأن تبين ضعفك، فالمفروض أن تمثل وأن تقول إن كل شيء على ما يرام.
أزمتنا ناتجة عن تبعات الكورونا وانفلات الأسعار والحروب وفوضى المنطقة، ويضاف عليها فشل السياسات في القضاء على الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وسأطرح سؤالاً: ما مدى رضاك على نجاح حققته أو مال غنمته وجارك عالقٌ في الحضيض؟ وما مدى سعادتك وأنت تولم لأصدقائك وتنشر الصور وأنت تعلم أن مئات الناس يأكلون من الحاويات؟
ما تراه على مواقع التواصل الاجتماعي وما تقرؤه في إعلامنا لا يمثل مجتمعنا، ولا تستطيع من خلاله أن تكون الفكرة الصحيحة عنه.
كل قصص النجاح واجتماعات الهيئات العامة ومقابلات وتصريحات الساسة المنشورة لا قيمة لها إن لم تنعكس على المواطن العادي الفقير.
ابدأ بنفسك.