عندما تعمل التقنية في الظل: المؤسسات السرية وتطور الذكاء الاصطناعي*حسام الحوراني
الدستور
تخيل عالماً موازياً، عالمًا حيث يتم تشكيل مستقبلنا التكنولوجي بعيداً عن الأنظار. عالمًا تسوده السرية التامة، حيث تعمل عقول مبدعة على تطوير تقنيات قد تغير مجرى التاريخ. هذا العالم هو عالم المختبرات السرية. في قلب العديد من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الامريكية والصين وغيرها، تعمل مختبرات سرية على تطوير أحدث التقنيات في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية. هذه المختبرات، التي غالباً ما تكون مدعومة من الحكومات والمؤسسات الأمنية، تسعى جاهدة لتحقيق تفوق تكنولوجي واستراتيجي.
المختبرات السرية: أين تولد التقنية؟
في العديد من الدول المتقدمة، يتم تمويل مشاريع بحثية سرية تهدف إلى تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة والحوسبة الكمية بشكل يتجاوز المعايير المعروفة للعامة. هذه المختبرات تعمل تحت ستار من السرية التامة، حيث يُمنع تسريب أي معلومات حول الأبحاث الجارية. الحكومة والمؤسسات الأمنية تكون عادةً الراعي الأساسي لهذه المشاريع، وذلك بدافع الحفاظ على التفوق التكنولوجي والاستراتيجي والأمن القومي والحماية التجارية.
في هذه البيئات، يتم تطوير أنواع جديدة من الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية الذي قد يكون له تأثيرات غير متوقعة على المجتمع. من الأمثلة على ذلك تقنيات المراقبة المتقدمة، وبرامج تحليل البيانات الضخمة المتقدمة التي يمكن أن تُستخدم في مجالات الاستخبارات والمجالات الامنية مثل التجسس والرقابة والسيطرة، وحتى تطوير أسلحة ذاتية التحكم. وبعض هذه الشركات والمختبرات تعمل في الخفاء التام لايجاد ادوية من خلال الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية للامراض المستعصية مثل السرطان وامراض القلب وغيرها، بل وتعمل لاستبدال جميع انواع الادوية الحالية وايجاد ادوية ذات كفاءاه عالية جدا وبدون تاثيرات جانبية على الاطلاق، وتعمل بالخفاء للحماية التجارية وحتى لا تتصارع مع شركات الادوية الحالية التي تحقق أرباحا خيالية.
الشركات الكبرى: منافسة في السرية
الشركات التكنولوجية الكبرى مثل جوجل، ومايكروسوفت، واي بي ام وأمازون وغيرها، تسعى دائمًا لتحقيق السبق في مجال الذكاء الاصطناعي. لكن جزءًا كبيرًا من أبحاثها وتجاربها يتم بعيدًا عن الأضواء العامة. هذه الشركات تستثمر مليارات الدولارات في تطوير تقنيات جديدة، وغالبًا ما تفرض قيودًا صارمة على مشاركة المعلومات الداخلية.
في العديد من الحالات، تقوم هذه الشركات بتطوير تقنيات يتم اختبارها وتجربتها داخليًا لفترة طويلة قبل الإعلان عنها. قد تكون هذه التقنيات موجهة نحو تحسين الأداء التجاري، أو خلق خدمات جديدة، أو حتى الدخول في مجالات جديدة بالكامل مثل السيارات ذاتية القيادة أو الروبوتات المساعدة. لكن في الوقت نفسه، يمكن أن يكون لهذه التقنيات آثار جانبية غير محسوبة، خاصة عندما لا يتم إشراك المجتمع في مناقشتها أو تنظيمها.
الحكومات: السباق نحو التفوق
الحكومات في الدول المتقدمة أيضًا تلعب دورًا كبيرًا في تطوير الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، وغالبًا ما يتم ذلك بعيدًا عن الأنظار. مشاريع البحث والتطوير التي ترعاها الحكومات غالبًا ما تكون موجهة نحو أهداف عسكرية أو استخباراتية. في هذه السياقات، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات، والتعرف على الأنماط، وحتى توجيه العمليات العسكرية.
هذا التطور السري يثير الكثير من المخاوف، حيث يمكن أن يتم استخدام هذه التقنيات بطرق غير أخلاقية، أو يمكن أن تؤدي إلى سباق تسلح جديد في مجال التكنولوجيا. والأسوأ من ذلك، أن الجمهور العام قد لا يكون على دراية بما يتم تطويره حتى يتم استخدامه بالفعل، وحينها قد يكون الأوان قد فات للتراجع أو التحكم في هذه التقنيات.
الأفراد والمجموعات: الابتكار بعيدًا عن الرقابة
ليس فقط المؤسسات الكبيرة هي التي تعمل في الظل، بل هناك أيضًا أفراد ومجموعات صغيرة تستخدم قدراتها في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بعيدًا عن الأنظار. هؤلاء المبتكرون غالبًا ما يكونون مدفوعين بالرغبة في الابتكار أو السعي لتحقيق مكاسب شخصية، وربما يتجاوزون القواعد الأخلاقية في سعيهم نحو النجاح.
هذه المجموعات قد تطور برامج أو تقنيات يمكن استخدامها لأغراض ضارة، مثل الاختراق الإلكتروني، أو التلاعب في الأسواق المالية، أو حتى خلق أنظمة ذكاء اصطناعي ذاتية التعلم يمكن أن تصبح غير قابلة للسيطرة. في غياب الرقابة والتنظيم، يمكن لهذه الابتكارات أن تشكل خطرًا كبيرًا على المجتمع ككل.
النتيجة: الحاجة إلى الشفافية والتنظيم
إن التناقض بين ما هو معلن وما هو خفي في مجال الذكاء الاصطناعي يدفعنا إلى التفكير ملياً في التحديات الأخلاقية والاجتماعية التي قد تنشأ عن هذه التطورات السريعة والغامضة، ويحثنا على ضرورة إيجاد توازن بين الابتكار التكنولوجي والشفافية المجتمعية.
وختاما، إن العمل في الظل، سواء كان في مختبرات سرية أو شركات تكنولوجية أو حتى بين الأفراد، يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير متوقعة بل وخطيرة. لذا يجب أن يكون هناك جهد مشترك من قبل الحكومات والشركات والمجتمع المدني لضمان أن تطوير الذكاء الاصطناعي يتم بشكل مسؤول وشفاف، مع مراعاة الآثار المحتملة على المجتمع والعالم ككل. واخيرا الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية ستقلب العالم راسا على عقب منها انجازات ستكون عظيمة للبشرية مثل ايجدا ادوية لامراض مستعصية والمناخ وغيرها، ومنها ربما سيستخدم للاضرار بالبشرية والانسانية مثل التجسس والرقابة والسيطرة! والشركات والافراد والحكومات تعمل في الظل ولا يوجد سيطرة على الاطلاق ، ولا يعلم حقيقة ما سيحدث الا الله.
والله ولي التوفيق