أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-Aug-2024

اللجوء المناخي يرفع عدد سكان العاصمة لاضمحلال الأراضي الزراعية وشح المياه

 الغد-فرح عطيات

 لن يقف تعداد سكان العاصمة عند 4.84 مليون نسمة فقط، إذ من الطبيعي أن يرتفع، لكن وفي ظل سيناريوهات التغيرات المُناخية القاتمة التي يشهدها العالم، وستشهدها المملكة مستقبلاً، فإن المناطق الحضرية في المملكة ستشهد نزوحا إليها.
 
 
وفي هذا النطاق، بات الأمر يتطلب إيجاد مدن ذكية تستجيب للتداعيات المُناخية الناجمة عن التغير المناخي، وما سيفرضه على طبيعة سكن المواطنين والحاجة لتغيير نهج التعامل مع تبعات أزمة المُناخ على المملكة، وفق خبراء. 
 
وأفادت مجموعة خبراء بأن "دوافع تمركز 42 % من سكان المملكة في العاصمة، يكمن في البحث عن فرص عمل لهم، في ضوء اضمحلال الأراضي الزراعية، وتكرار موجات الجفاف، وشح مصادر المياه، التي كانت تحدثت عنها نتائج تقارير البلاغات الوطنية لوزارة البيئة".
وبالنظر إلى المستقبل، فيتوقع أن "تراوح نسبة السكان في المناطق الحضرية في المملكة بحلول 2050 بين 80 % و95 %"، وحسب مؤشرات البنك الدولي، لتوقعات أممية بنزوح نحو
15 % من المزارعين الى المناطق الحضرية مستقبلا، وقد جرى استقبال نازحين في العام 2019، بسبب الكوارث الطبيعية.
وكان تقرير حديث صادر عن دائرة الإحصاءات العامة، أفاد بأن العاصمة حازت على المرتبة الأولى في استقطابها للسكان بالأردن، اذ بلغ عدد قاطنيها في نهاية العام الماضي، قرابة 4.84 مليون نسمة لتستحوذ بذلك على 42 % من نسبة إجمالي السكان في الأردن.
ووفق اختصاصية المرونة الحضرية والتغير المناخي ريم هلسة، فإن "البحث عن فرص عمل اقتصادية، والخدمات المختلفة، كان من الدوافع لتمركز المواطنين في العاصمة وبعض المحافظات في إقليم الشمال، التي تتمتع بهذه المزايا".
لكنها حذرت في الوقت ذاته من أن "تأثيرات التغيرات المُناخية المحتملة التي ستشهدها المملكة خلال الأعوام المقبلة، ستزيد من التوسع الحضري، وبالتالي تمركز مزيد من السكان في العاصمة، ومدن أخرى"، مبينة أن "التوسع الحضري في عمان، بات ملحوظا على نحو مقلق، ما يتطلب وجود بنية تحتية قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من السكان، أو تطوير مدن أخرى خارج العاصمة، مع توزيع فرص تشغيلية وخدمات أخرى في نطاقها".
وأضافت هلسة، أن "أمانة عمان الكبرى، أنهت إعداد خريطة للمدن الذكية، اذ ستدرج مبادئ الابتكار والذكاء الاصطناعي، وخدمات الكترونية، وتعزيز مرونتها وقدرتها على مواجهة الصدمات المُناخية"، مؤكدة أن "تجاوب الحكومات والمجتمعات المحلية مع التغيرات المُناخية المستقبلية، سيلعب دوراً كبيراً بتعزيز قدرة المدن على التعامل مع هذه التبعات".
ولأن المناطق الشمالية، بحسب تقرير البلاغات الوطني الرابع، ستشهد تغييراً على مستوى الأراضي الزراعية، والتي تعتبر السلة الغذائية للمملكة، وستدفع بقاطنين فيها للبحث عن فرص عمل أخرى خارج تلك المناطق، وباتجاه العاصمة، بحد قولها.
وكانت نتائج تقرير البلاغات أظهرت أن "الأجزاء الغربية من البلاد، ستتعرض لموجات جفاف بصورة أكبر، مع انخفاض الهطل المطري بنسبة تتراوح بين 15.8 % و47.0 %، مقابل ارتفاع النسبة في المنطقة الجنوبية من المملكة بمقدار 19 %.
وتلعب تداعيات التغيرات المُناخية جزءا من نزوح السكان للعاصمة، ولكن هنالك حاجة لإجراء دراسات مستفيضة لربط هذه الهجرة الداخلية بأزمة المُناخ، حسب المُستشار في مجال المياه والزراعة، البروفسور جواد البكري، إلا أن "مزارعين في مناطق: إربد، ومادبا، والكرك، والمفرق، نتيجة تجزئة الأراضي الزراعية، وقلة هطل الأمطار، لجأوا لبيع أراضيهم لتدني إنتاجيتها وعائدها المالي".
وهذا ما أظهرته دراسة سابقة للمجلس العربي للمياه، وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، بتمويل من الوكالة السويدية للتنمية الدولية، من أن "موجات الجفاف المتكررة التي شهدتها قرية دير الكهف بمحافظة المفرق، دفعت بالغالبية العظمى من السكان لبيع بعض أو كل ما يمتلكونه من ماشية، وإغلاق مزارعهم في الأعوام الأخيرة".
كما أن جفاف ينابيع المياه، والمياه الجوفية كذلك، أدى لأن تقوم العائلات المعتمدة على الزراعة كدخل معيشي لها، مع ارتفاع كلف الطاقة التشغيلية، بالنزوح عن مناطقها، فهذه من أسباب هجرة هذه الشرائح، لتبحث عن فرص عمل في عمان، ومحافظة إربد، برأي البكري، الذي أفاد بأن العمل في القطاع الزراعي بالمملكة لم يعد جذابا للعديد من المواطنين، كونه يتمركز خارج العاصمة، في ظل عدم وجود خطط حكومية، توجه الأفراد لشغل الأعمال الزراعية، ما سيسهم بزيادة نسبة السكان.
كما أن "مركزية القرار في العاصمة يعد واحداً من أسباب توجه الأفراد للسكن فيها، فمعظم المؤسسات والدوائر الرسمية وغير الرسمية موجودة فيها"، وتكمن تبعات ذلك برأيه في أن "نسب ملوثات البيئة سترتفع في هذه المنطقة تحديداً، مع تزايد حجم الازدحام المروري، والأنشطة الاقتصادية المختلفة". 
وفي ظل هذه التغيرات المُناخية، فإن أي زيادة سكانية في منطقة جغرافية محدودة، مؤشر على تراجع قدرتها على تحمل تداعيات أزمة المُناخ، وفق المُستشار في الصحة العامة زياد العلاونة، الذي أكد أن "قدرة العاصمة على تحمل تبعات التغيرات المناخية، هي الأعلى، مقارنة بالمحافظات الأخرى، نتيجة وجود خدمات صحية واجتماعية واقتصادية وتعليمية".
وبرغم ذلك، حذر العلاونة من أن "تزايد أعداد السكان في العاصمة سيُفقدها هذه الميزة مستقبلاً، إن لم يرافقها خطط حكومية لزيادة قدرة المحافظات الأخرى على تحمل التبعات المُناخية، بحيث تُصبح مكانا جاذباً للعيش".
وأضاف "تعد محافظات: الزرقاء، إربد، المفرق، عجلون، جرش، ومناطق البادية الشمالية، الرويشد، الأغوار، والرمثا، الأكثر عرضة لتغيرات المناخ، بخاصة على صعيد الآثار الصحية"، مضيفا أن "الزيادة السكانية في منطقة، تعني بالضرورة ارتفاعا في حجم استهلاك الطاقة، وانبعاثات غازات الدفيئة المسببة لظاهرة التغير المُناخي، وتسبب ضغطاً على الخدمات الصحية، وتراجعاً في الغطاء النباتي، ما سسيزيد العواصف الترابية".  
وكانت مسودة تقرير تقييم المخاطر للعاصمة عمان في ضوء ما ستشهده من تبعات مُناخية متطرفة مستقبلاً، نشرت "الغد" تفاصيله في وقت سابق، أكدت أهمية تطبيق مفهوم المرونة الحضرية للمناخ، بالإضافة للاعتماد على التكيف القائم على النظام الإيكولوجي، وإنشاء نظام للإنذار المبكر فيها.
كما دعت المسودة، التي أعدها برنامجان للأمم المتحدة الإنمائي والأمم المتحدة للبيئة وللمستوطنات البشرية، والأمانة لـ"اعتماد مفاهيم مبتكرة للتكيف، مثل المدينة الإسفنجية كنهج للتخطيط الحضري للتكيف مع الفيضانات المفاجئة، وتعميم مراعاة المنظور الجنساني في خطة التكيف".