أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Aug-2014

الوجه الاقتصادي للتأزم العربي* سامح المحاريق
الراي - السبب الرئيسي في أزمات المنطقة العربية يكمن في العامل الاقتصادي، والسياسة، إلى حد كبير، ليست إلا أحد نتائج التفاعلات الاقتصادية في المجتمع، ومع ذلك فإن الدول العربية التي شهدت أزمات متواصلة في الأعوام الأخيرة، والدول الأخرى التي عاشت على هامش ذلك، تكبدت خسائر اقتصادية كبيرة تهدد أي آمال لتحقيق الاستقرار.
إن عودة المنطقة العربية إلى النقطة صفر تتطلب استثمارات هائلة واستنزافا كبيرا للموارد يضاف إلى ما تم استنزافه فعليا في السنوات الأخيرة، ويضع الدول العربية في حالة تبعية جديدة، ربما تكون أعمق من الحالة السابقة أو الراهنة، ولأن العاصفة لم تضع أوزارها بعد، وربما ما زالت تحمل فصولا جديدة، فإن التنبؤ بمدى الخسائر يبدو مسألة صعبة.
الوضع الاقتصادي في اليمن يعد نموذجا صارخا للتراجع الكبير في مستوى المعيشة لملايين اليمنيين، فالدولة أصبحت عاجزة تقريبا عن الاستمرار، وذلك هو المحرك الأساسي للحوثيين الذين استغلوا الفشل الاقتصادي المتتابع للحصول على مكتسبات سياسية في اليمن تضعهم اليوم في مقدمة الحدث، وتجعلهم يقبضون على ناصية مستقبل اليمن.
الحوثيون ليست لديهم حلول اقتصادية، فالموارد في اليمن تراجعت بصورة كبيرة، والوضع المتأزم يجعل أي قدرة على المبادرة الاقتصادية الايجابية معدومة، والمسألة تبدو صراعا اليوم على ثروات الدولة بحيث تستأثر بها مجموعة دون أخرى، فاليمني العادي سيخرج خاسرا من أي صراع، وكذلك هي الحالة في العراق، فما سيكسبه الكردي سيكون مخصوما من الثروات التي يعتبرها العرب حكرا عليهم، والشقاق بين الشيعة والسنة كان أساسا مرتبطا بعملية اقصاء اقتصادي قبل أن يكون سياسيا، والأمر كذلك في ليبيا.
الشرق هو فسيفساء عرقية وطائفية، ولذلك تمكنت مصر وتونس من التعافي ولو بصورة محدودة للغاية، حيث مفهوم المواطنة في البلدين متقدم على غيرهما، ولكنه لا يعني مواطنة حديثة أو كاملة، ولكن على الأقل فإن الهوية المصرية والتونسية ناضجة بحيث تشعر المواطنين بأنهم متجانسون ومتشابهون في الظروف الصعبة، وأن عليهم أن يبحثوا عن الحل سوية، وعن مخرج لهم جميعا، لا أن يركلوا بأقدامهم آخرين ممن يستقلون معهم قارب النجاة.
تغيب دولة المواطنة الكاملة والمتساوية كان أحد أوجه الفشل التي لحقت بالدولة العربية في مشروعها الحديث، فالطائفية كانت عنصرا أساسيا في أزمات سياسية خيمت على العراق وسوريا، وكانت القبلية مشكلة في كل من ليبيا واليمن، ولم تتمكن الأنظمة في هذه البلدان من الخروج بمشروعات وطنية تستطيع أن تشمل الجميع وتدمجهم، وكانت كعكة الكراهية السامة هي الحصة التي تقاسمتها الطوائف والأعراق بعد سقوط هذه الأنظمة.
اليوم، وبدلا من استئثار فئة محددة بالثروات والمكتسبات، فإن الفقر والعوز سيشمل الجميع، وباستثناء أمراء الحرب وأثريائها، فإن أحدا لن يستطيع توفير متطلبات حياة كريمة أو إنسانية، وطريق الخروج هو البحث عن هوية إنسانية جامعة بعد فشل الهوية الوطنية في التخفيف من حدة الانقسام والتشظي، وهذه مسألة تتطلب أساسا تغييرا ثقافيا وإصلاحا اقتصاديا يؤدي إلى استغراق الكتلة البشرية في العمل والانتاجية وهذه مسألة تحتاج سنوات من العمل، ولكن لا مناص من خوضها بصورة عاجلة، لتجنب الاستيقاظ قبل الوصول إلى مرحلة الخراب الكامل.