دروب الأنبياء وطرق الحجاج مقاصد سياحة دينية أردنية - د. محمد وهيب
أستاذ علم الآثار - الجامعة الهاشمية
العرب اليوم - تنتشر على أرض المملكة الأردنية الهاشمية العديد من الطرق والممرات والمحطات المنتشرة هنا وهناك في شتى محافظات المملكة, ولا يعرف مسارات هذه الطرق سوى نفر قليل من المتخصصين, واليوم ونحن أمام تحديات عديدة في قطاع السياحة والآثار نجد أنفسنا ملزمين بإيجاد الوسائل الممكنة لتطوير هذه المسارات والحفاظ على ما تبقى منها لتسهم في عملية التنمية ضمن منظومة اقتصاديات السياحة في المملكة.
فالطريق الواصل ما بين البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر المعروف باسم طريق الإمبراطور تراجان الروماني ما زالت بقاياه متناثرة في معظم المحافظات وخاصة محافظة إربد, جرش, الزرقاء, عمان, مأدبا, الكرك, معان وصولاً إلى العقبة, وكذلك الطرق الفرعية المرتبطة به مثل طريق أريحا على الجانب الغربي لنهر الأردن إلى مأدبا وطريق كثربا في الكرك عبر البحر الميت إلى الغرب وغيرها, حيث نجد الأعمدة الميلية التي كانت توضع على مسافة ميل لتسهيل حركة المسافرين.
وكذلك الطريق الملوكي الذي يسير من الجنوب من الطفيلة باتجاه الكرك, مأدبا, إضافة إلى طريق الحج المسيحي الذي سلكه الحجاج المسيحيون الأوائل من القدس إلى نهر الأردن ثم موقع عماد السيد المسيح على الجانب الشرقي لنهر الأردن وصولاً إلى سهول الرامة والكفرين (ليفياس قديماً) ثم صعوداً عبر المنحدرات الغربية لمأدبا وصولاً إلى عيون موسى ثم إلى حسبان حيث انه الطريق الأمثل الذي ما زال يحتفظ بمعالمه ليومنا هذا, ويمكن تطويره وربطه مع جبل نبو والإفادة منه سياحياً.
وكذلك الحال يوجد طريق الحج الشامي الإسلامي المؤدي إلى الديار الحجازية الذي ما زالت محطاته ماثلة ليومنا هذا, حيث سلكته قوافل الحجيج لمئات السنين, ولا زالت محطة قصر شبيب في وسط الزرقاء خير دليل, ثم محطة عمان وصولاً إلى محطة زيزياء ( الجيزة) هذه المحطة التي كان يقيم فيها الأمير الوليد بن عبد الملك خلال العصر الأموي في مواسم الحج يخدم الحجاج ويقدم لهم الطعام والشراب ويعلف دوابهم لمدة ثلاثة أيام, أليس من الإنصاف أن نقوم بتطوير قلعة زيزياء وتحويلها إلى متحف للحج خاصة أنه بجوارها كبرى برك المياه جنوب عمان وكذلك بجوارها في بلدة القسطل أقدم مساجد العالم الإسلامي بمنارته التي نفاخر بها العالم.
ثم إلى قلعة ضبعة (قياد) ما زالت صامدة بعمارتها ونظامها الهندسي, وكذلك الحال عند الوصول للقطرانة حيث نجد قلعة القطرانة بموقعها الاستراتيجي وأنظمة المياه فيها وقربها من الشارع الرئيسي فهي منتج سياحي يمكنه إفادة معظم أبناء المجتمع المحلي في حال توظيفه في صناعة السياحة ويستمر الركب ليصل إلى قلعة الحسا ثم قلعة عنيزة في معان وقلعة معان, ثم المدورة آخر القلاع في الأردن ثم إلى الديار الحجازية وحقيقةً ان هذه القلاع مجتمعة تمثل منتجاً سياحياً دينياً مهما لكنه لا يسهم في تنمية المجتمعات المحلية المتواجدة حوله, وأن دور هذه القلاع في نشر التوعية محدود جداً حيث لا يوجد منهج واضح المعالم في كيفية إشراك هذه القلاع في خدمة وتنمية المجتمع المحلي إلا أن الجهود التي بذلت في ترميمها وصيانتها تعتبر جيدة ومناسبة وهنا يأتي دور تلك الجمعيات والمنظمات غير الحكومية بالتعاون مع القطاع الخاص والجهات الحكومية المشرفة على هذه القلاع وتلك الطرق لتعود هذه القلاع كما كانت عليه سابقاً مراكز إشعاع ثقافية يلتقي بها العلماء والمسافرون والعابرون ويتبادلون العلوم والتجارة وشؤون الحياة يفيدون ويستفيدون تظللهم رحمة الله وبركاته عليهم.
اللهم بارك هذا البلد وأهله الطيبين .