مدير الصندوق العربي لحقوق الانسان : نسعى لتوفير دعم وتمويل القطاع الخاص للمبادرات الحقوقية بديلا للتمويل الأجنبي
الغد - - أكد مدير الصندوق العربي لحقوق الانسان ايلي ابو عون أهمية مشاركة القطاع الخاص في عملية دعم المبادرات الحقوقية، التي تنفذها منظمات المجتمع المدني في البلدان العربية، مبينا ان القطاع الخاص “يرتكب خطأً كبيراً في عدم دعم المبادرات الحقوقية للمجتمع المدني من الناحية التنموية”.
وقال ابو عون، في لقاء مع “الغد”، ان فكرة انشاء الصندوق العربي لحقوق الانسان، جاءت تلبية لمطالب منظمات المجتمع المدني في البلدان العربية، لدعم عملها الهادف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها، مبينا ان اغلب مشاريع حقوق الإنسان تموَّل من قبل مؤسسات أجنبية، من هنا جاءت فكرة تأسيس صندوق يدعمه ماليا المقتدرون ورجال الأعمال في المجتمعات العربية، ممن يقع على عاتقهم المساهمة في تمويل بعض المشاريع التابعة لحقوق الانسان”.
ولفت ابو عون الى ان الصندوق، الذي تأسس العام 2008 كمنظمة مستقلة غير حكومية، يسعى الى دعم مبادرة حقوق الإنسان في المنطقة العربية، من خلال التمويل والدعم، وتنمية موارد جديدة من مجتمع الأعمال، ومن أشخاص مقتدرين في المجتمع العربي، لتعمل على دعم وتمويل مشاريع حقوق الانسان.
وافاد أنّ الصندوق مؤسّسة مانحة، لا تتوخّى الربح، رسالتها توفير الدعم من أجل تعزيز وتحقيق حقوق الإنسان بالمنطقة العربية.
واكد ابو عون ان توجهات الصندوق “لا تحمل أي نوع من العدائية تجاه منظمات التمويل الأجنبي العاملة، ولكن هو احساس بالمسؤولية تجاه قضايا المجتمع العربي”.
واكد حدوث نتائج محدودة منذ تأسيس الصندوق رسميا، مرجعا سبب عدم التقدم سريعا إلى قلة الموارد والدعم مقارنة بما توفره منظمات التمويل الأجنبي، موضحا انه لا يوجد أي أولويات معينة، يتبناها الصندوق عند اتخاذ قرار بتمويل أي مشروع في احد البلدان العربية، مبينا ان الصندوق “غطى مشاريع في 22 دولة عربية، من خلال الدعم المالي والتقني لشركاء محليين.
وبين انه رغم وجود عدد كبير من المنظمات العاملة بحركة حقوق الإنسان في العالم العربي، فإن معظم عملها يواجه معوقات، بسبب المراقبة التي تفرضها الحكومات، والقيود المتعلقة بالقوانين الناظمة لعمل المؤسسات غير الحكومية، وغالباً ما يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان للإضطهاد والسجن والإسكات، إضافة إلى ذلك، فإن هذه المنظمات تواجه صعوبات كبيرة في تأمين دعم طويل الأمد تقني أو مالي، من مصادر محلية، لذا فإن إنشاء منظمة مستقلة ومستدامة مثل الصندوق يمثّل خطوة مهمة في الدفاع عن نشاطات حقوق الإنسان في المنطقة ودعمها بطريقة مستدامة.
وبين ابو عون ان التمويل الحكومي عادة ما يشتمل على قيود معينة، بينما التمويل من القطاع الخاص تكون القيود عليه أقل، مؤكدا انه “من اجل الحفاظ على استقلالية الصندوق نرفض التمويل الحكومي”.
واكد ان مسؤولية الحكومات تجاه منظمات المجتمع المدني “لا تقتصر على التمويل، فالتمويل هو الأقل أهمية، اما المسؤولية الأهم فهي ان تضع الحكومات برامج لتحد من انتهاكات حقوق الانسان، وجعل المنظمات تقوم بعملها من غير قيود”.
وقال ان “الصندوق نفسه لا يقوم بتنفيذ مشاريع جديدة، وان الشركاء المحليين هم من يحددون الأولويات اللازمة لهم في كل مشروع على حدة”.
وفيما اوضح ان التفكير المنطقي يقول انه ليس بالضرورة ان تواجه المجتمعات العربية صعوبة في الترويج لمشاريع حقوق الإنسان في الدول العربية، خاصة حقوق المرأة والأقليات الدينية، مبينا انه لا يمكن حصر حقوق الانسان في الاتفاقيات الدولية، “بل هي قيم تتعلق بالمساواة والحرية والعدالة. وهذه القيم كانت موجودة في كافة الحضارات والأديان على مر التاريخ”، بيد انه اشار الى انه “بالرغم من بعض الملاحظات على الاتفاقات الدولية، إلا أنها جعلت الحكومات تقوم ببعض الالتزامات والاهتمام بموضوع حقوق الانسان”.
ويرى ابو عون انه لا يجوز تعميم فكرة سيطرة الفساد المالي والاداري في منظمات المجتمع المدني، حيث إن قطاع المجتمع المدني هو كأي قطاع مهني آخر، وهناك أناس جيدون وبارعون وهناك آخرون فاسدون في هذه القطاعات.
وقال: لا أنكر وجود أناس فاسدين في منظمات المجتمع المدني، حيث عملت في أكثر من دولة عربية واكتشفت ذلك، “ولكن هذا لا يعني أن نصبغ مؤسسات المجتمع المدني بصبغة الفساد”.
واكد ابو عون ان تطور المجتمع المدني في المنطقة العربية “بطيء نوعا ما”، بسبب غياب الموارد، مبينا انه طالما ان المجتمع المدني في المنطقة العربية يتكل على تمويل أجنبي، فعليه أن يكون خاضعا للأجندات الأجنبية، وعندما يتوفر تمويل عربي مستقل لمشاريع حقوق الإنسان، ستكون هناك قفزة نوعية في عمل المجتمع المدني.
وفي معرض تعليقه على فرض المنظمات الدولية لاجندة معينة عنده تمويلها لمشروع ما، اكد ابو عون انه ليس هناك من مشكلة في وجود الاجندة، فقد تكون لخدمة قضية عامة، “ولكن عندما تكون الأجندة محلية فهي أدرى بالواقع، الذي تعيشه كل بلد ومنطقة”، الا انه عاد ليؤكد اهمية مشاركة القطاع الخاص المحلي في دعم منظمات المجتمع المدني ومشاريعها، لافتا الى انه عندما يكون الداعم للمشاريع محلي فإن الترويج سيكون أسهل ومقبول أكثر.
وقال “ليس بالضرورة أن تكون مواضيع حقوق الانسان خلافية، او لها علاقة بمواجهة الحكومة، وبالتالي لمَ لا تقوم المجتمعات المحلية بدعم هذه المشاريع، التي لا خلاف عليها، وترك المشاريع الاخرى للتمويل الأجنبي”.
ويرى ان تشجيع القطاع الخاص في الانخراط بهذا الجهد يحتاج تغييرا اجتماعيا ويتطلب وقتا، من أجل تنمية الثقافة والوعي لحاجة المجتمع المدني لمثل هذا الدعم وتنمية الموارد، مبينا ان الصندوق من خلال عمله يحاول العمل على تطوير افكار او أدوات لإقناع أصحاب الأعمال بأن الدعم هو في مصلحتهم أيضا.
وقال ان أكبر ضمان للقطاع الخاص بالاستقرار ليس البعد السياسي، وإنما سيادة القانون وبذلك هم لهم مصلحة في دعم منظمات المجتمع المدني التي ينبع عملها من هذه الفكرة.
وبالنسبة للمشاريع التي دعمها الصندوق في الأردن، بين ان الصندوق دعم عدة مشاريع لها علاقة بالحق في العمل، والتربية على المواطنة وحقوق الانسان، مؤكدا اهمية تكاتف الجهود الحكومية والاهلية والمدنية، وضرورة التطرق لمعالجة قضايا حقوقية في الأردن مثل الحريات والحرية الشخصية، والتمييز والفساد.