الدستور
لا أتحدث عن شركة «مياهنا»، الشركة المسؤولة عن توزيع المياه وصيانة وتمديدات خطوطها في العاصمة والزرقاء وربما مادبا، والمسؤولة عن تحصيل أثمانها، بل أتحدث عن المياه، التي يحاول الاحتلال الصهيوني المجرم ان يتحكم بها، لا ستخدامها في يوم يخطط له، ويطلق التصريحات بشأنه، ونتمنى -كأردنيين- لو يأتي ذلك اليوم، ونصوّب من جهتنا، الخلل الذي اشتغل العالم على إيجاده في منطقتنا، وإطلاق شرّه على المنطقة العربية.
الدولة الأردنية، لا تريد دليلا يؤكد لها أهمية هذه السلعة الاستراتيجية، وهي تعمل على الدوام على استراتيجيات كبيرة، للحصول على مخزون مناسب من الماء، واليوم باتت مشغولة أكثر بتوفير و»تأمين» هذا المخزون الحيوي، وبعد تصريحات أحد مجرمي الدولة العنصرية، الوزير في حكومتها، حول «تعطيش» المواطنين الأردنيين، أطلق جلالة الملك تأكيدا على ضرورة السير قدما في تدشين مشروع الناقل الوطني، الذي تعرض لأكثر من محاولة «إجهاض» وتدخل وتخريب من قبل الصهاينة المحتلين لفلسطين، كما فعلوا مع المشروع النووي الأردني السلمي الذي يسعى لتوفير الكهرباء، والنظائر المشعة للاستخدامات الصناعية والطبية، فالمشروع الأردني الوطني الاستراتيجي المتعلق بالمياه، أصبح اليوم ضرورة أمنية مستعجلة، علاوة على كونه أصلا مشروعا وطنيا ضروريا، في بلد يعاني شح المياه، ولا يوجد لديه مساحات ساحلية وبحارا، للقيام بتحلية مياهها، سوى مشروع الناقل الوطني الذي يهدف لتحلية مياه البحر الأحمر، وضخها الى المناطق الأردنية المختلفة.
يوجد في الأردن منظومة من السدود التي تجمع مياه الأمطار كل عام، وتستوعب قرابة 330 مليون متر مكعب، وتعتمد هذه السدود على وفرة مياه الأمطار في فصل الشتاء، وكذلك قامت وزارة الزراعة وما زالت تقوم بإنشاء ما تسمى بالحفائر، وهي «برك» ترابية تتجمع فيها مياه الأمطار في فصل الشتاء، ويستخدمها المزارعون في مناطق نائية، لغايات سقاية مزارعهم وتوفير مياه لقطعانهم من الثروة الحيوانية، وكذلك يوجد في الأردن مشاريع لتكرير المياه العادمة واستخدامها لأغراض كثيرة، علاوة على وجود أحواض مائية جوفية، كحوض الديسي، ويوجد أيضا آبار جوفية كثيرة، تستمد مياه الشرب من باطن الأرض، وتوزعها على المواطنين في المدن والأرياف والبوادي... ويتحدث خبراء أردنيون «معروفون» عن وفرة مائية استراتيجية كبيرة، تكفي الأردن لمئات السنين..
الحديث عن ضرورة الاعتماد على الذات في إدارة الشأن المائي الأردني، لم يعد عملا تنمويا كماليا، متعلقا بالربح والخسارة والجدوى الاقتصادية، بل هو أمر ضروري وشأن من شؤون «الدفاع» عن الدولة الأردنية، ويجب أن لا نناقش مقدار التكلفة، واعتبار التوفير في الإنفاق على المشاريع المائية خاضعا للبدائل الدولية، حيث يجب أن يكون لدينا منظومتنا المائية الوطنية المستقلة، لنسيطر أكثر على ثرواتنا الوطنية، ونتمكن دوما من اتخاذ قرارات سيادية، تماما كما هي مؤسساتنا العسكرية والأمنية، مستقلة وتملك قرارها في الدفاع عن الأردن ومصالحه العليا وشعبه ومؤسساته وثرواته، ودوره الدولي في منطقة غارقة بالصراع وبالأطماع، وتقع في عين المخطط الصهيوني القذر.
مهما كان موقف الحكومة ومجلس النواب من موضوع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمياه، وبغض النظر عن أهميتها حاضرا ومستقبلا، فنحن بحاجة لمنظومتنا المائية الوطنية المستقلة، وبحاجة لتوفير مخزون مناسب من المياه، حتى لا نقع فريسة لمعاهدات واتفاقيات تضعنا رهنا للإملاءات الخارجية والابتزاز.