الغد
تطور هيكل الدين في الأردن يرتبط بشكل كبير بالأحداث الإقليمية والدولية أكثر من المستجدات المحلية، فقد بلغ الدين العام في الأردن حتى نهاية حزيران من العام الحالي 42.5 مليار دينار، أو ما نسبته 114.7 % من الناتج المحلي الإجمالي. ويشمل هذا المجموع دين صندوق الضمان، الذي سيكون له مقال خاص لاحقًا، وما يهمنا هنا هو كيف ينظر المانحون والمؤسسات الدولية إلى هيكل الدين، وهو بلا شك مستثنى منه دين "الضمان"، وبذلك يكون مجموع الدين العام للمملكة حوالي 33 مليار دينار، أو ما نسبته 89.0 % من الناتج. الرقم السابق للدين العام في الأردن شهد تطورات هيكلية جديرة بالاهتمام والمراقبة من حيث النسب والأرقام المطلقة، فإذا دققنا حجم الدين ونسبه إلى الناتج خلال السنوات 2017-2024، سنجدها على النحو الآتي: 2017: 22.4 مليار دينار أو ما نسبته 75.7 % من الناتج المحلي، 2018: 22.9 مليار دينار أو ما نسبته 74.3 %، 2019: 24 مليار دينار أو ما نسبته 75.8 %، 2020: 26.5 مليار دينار أو ما نسبته 85.4 %، 2021: 28.8 مليار دينار أو ما نسبته 87.6 %، 2022: 30.7 مليار دينار أو ما نسبته 88.6 %، 2023: 32.3 مليار دينار أو ما نسبته 89.2 %، حزيران 2024: 33 مليار دينار أو ما نسبته 89.0 % من الناتج. يلاحظ من تطورات حجم الدين ونسبه أن العام 2020 كان عاماً فارقاً في هذا المجال، حيث شهد زيادة كبيرة وغير مسبوقة إطلاقاً، إذ قفز حجم الدين من 24 مليار دينار (75.8 % من الناتج) إلى 26.5 مليار دينار (85.4 % من الناتج)، حيث يعود السبب في ذلك، تحديداً، إلى أزمة كورونا وما فرضته الجائحة من ضغوطات مالية هائلة على الاحتياجات التمويلية للخزينة، حيث ألقت فترات الحظر الشامل والجزئي في تلك السنة بتداعيات خطيرة على معظم الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية في الدولة، الأمر الذي أدى إلى تراجع كبير في حصيلة الإيرادات الحكومية، رافق ذلك زيادة النفقات الصحية والاجتماعية الطارئة والملحة، إضافة إلى التزام الحكومة بدفع التزاماتها الداخلية كافة من رواتب العاملين وهم في بيوتهم لأشهر من دون عمل، وتسديد التزاماتها من أقساط وفوائد الدين الداخلي والخارجي، أبرزها سندات يورو بوند بقيمة 1.25 مليار دولار التي استحقت في شهر تشرين الأول من العام ذاته من دون تأخير. كل هذه العوامل فرضت على الحكومة القيام بواجباتها تجاه احتياجاتها التمويلية المتزايدة والطارئة، مما أدى إلى زيادة الدين العام بقيمة 2,540.6 مليون دينار دفعة واحدة خلال العام 2020، رافق ذلك انكماش اقتصادي بنسبة 1.1 % في الناتج خلال العام نفسه، مما أدى بالمحصلة إلى ارتفاع نسبة الدين العام (نسبة التغير في الدين) في ذلك العام بـ9.6 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، علماً بأن التغير السنوي في الدين كقيمة مطلقة وكنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي كانت في سنوات المقارنة كالآتي: 2018: 526.8 مليون دينار أو ما نسبته -1.4 % من الناتج (انخفاض في النسبة رغم ارتفاع حجم الدين)، 2019: 1,075.3 مليون دينار أو ما نسبته 1.5 % من الناتج، 2020: 2,540.6 مليون دينار أو ما نسبته 9.6 % من الناتج، 2021: 2,263.9 مليون دينار أو ما نسبته 2.1 % من الناتج، 2022: 1,904.5 مليون دينار أو ما نسبته 1.1 % من الناتج، 2023: 1,621.7 مليون دينار أو ما نسبته 0.6 % من الناتج، حزيران 2024: 699.9 مليون دينار أو ما نسبته -0.2 % من الناتج (انخفاض في النسبة رغم ارتفاع حجم الدين). وهنا يتضح من خلال الأرقام والنسب انعكاس واضح لتداعيات جائحة كورونا، وما نجم عنها من انكماش اقتصادي على الموازنة العامة خلال العام 2020، مما أثر سلباً في حصيلة الإيرادات المحلية، وأدى إلى ارتفاع عجز الموازنة بعد المنح الخارجية بمقدار 3.7 نقطة مئوية، ليصل إلى ما نسبته 7 % من الناتج المحلي الإجمالي (2,182.4 مليون دينار). أي أن كورونا أسهمت بشكل مؤكد في حدوث قفزة غير اعتيادية في رصيد دين الحكومة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 9.6 نقطة مئوية، حوالي (2,540.6 مليون دينار)، لتتجاوز 85 % من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية العام 2020.