أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Jan-2021

بندورة مغدورة ومهدورة ..*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

بندورتنا (الأغوار الجنوبية)؛ رغم جودتها إلا أنها تخسر غالبا، لا سيما في بداية موسمها الشتوي، الذي يأتي بداية كل عام، وكنا قبل ربع قرن، نسمع رواية عجيبة، كنا نصدقها، فتزدهر وتزداد رواجا حين ترخص البندورة، والرواية تأتي تحليلا «قال» لسبب تدني سعرها، وتقول: لما مزارع الشخصيات المهمة تبدأ بالإنتاج، تقوم الدولة بفتح باب التصدير للبندورة، ولما مزارع الغلابى في الغور الصافي تبدأ بالانتاج يوقفوا التصدير..!.
 
عن نفسي كنت مقتنعا بهذه الرواية، ردحا من زمن، وحين توسعت مداركي، وعملت في الصحافة، فهمت بأنها رواية محلية متذاكية ولا تمت للواقع بصلة، فالدولة (طول عمرها) تسعى وتجتهد كي ترفع من مستوى صادراتها في كل شيء، ولاتغلق باب تصدير شيء ما، إلا حين تريد دعم المواطن ليتمكن من شراء منتج محلي شحيح، وتوقف الاستيراد لسلعة ما، حين يبدأ انتاجها محليا..
 
لكن ما الذي يحدث موسميا، وتنخفض أسعار هذا المحصول إلى حدود مؤسفة؟..
 
أمس الأول؛ مررت بمبنى الجريدة، فبادرني أحد الزملاء متحدثا بأسى: شو يا استاذ، اليوم اشتريت بدينار واحد ? بكس بندورة مثل الذهب، مش حرام اللي بصير بالمزارعين؟! أجبته بأنها جريمة نعم، وسببها الرئيسي هو المزارع نفسه مع الأسف، لأنه يعلم مقدار المغامرة، وتحدث معه كل عام بنفس الوقت والمكان، ومع ذلك ما زال يزرع بندورة ويخسر، ولا يكلف نفسه مجرد التفكير بزراعة محصول آخر، كلهم يا سيدي بزرعوا بندورة، فيصبح انتاجها غزيرا، فيهبط سعرها، ثم بادرني بسؤال عن مصنع او مصانع رُبّ البندورة، ولماذ لا تستقبل انتاج المزارعين؟.
 
فقلت له: هنا أيضا حقائق غائبة:
 
هذه بندورة ليست تصنيعية، ولا جدوى اقتصادية من تحويلها الى رُب بندورة، لأنها ليست (بندورة تصنيعية)، ويكفي ان اذكر لك أن كل 12 طن من بندورتنا هذه، تنتج طن واحد رُب البندورة، بينما كل 5 طن من البندورة النصنيعية، تنتج طنا من رب البندورة، ناهيك عن أن الكلفة التصنيعية والتشغيلية، التي يبذلها مصنع رب البندورة على بندورتنا هي اكثر بكثير من التي يبذلها على نفس الكمية من البندورة التصنيعية، يعني السماد الذي يتم وضعه في مزارع بندورتنا العادية بغرض، يكلف المصنع كثيرا، كي يفصل الرغوة عن مهروس البندورة إضافة لكثير من المياه والمواد، التي لا تتواجد في البندورة التصنيعية في حال هرسها في المصنع، فهذا النوع من البندورة، غير مجدٍ اقتصاديا لمصانع رُب البندورة، ورب البندورة المستخلص لا يتمتع بمواصفات منافسة، لأنك ستجد رُب بندورة أفضل وأرخص في الأسواق.. يعني المصانع كمان رح تخسر لو قررت تشتغل وتستخدم بندورتنا لانتاج رُبّ بندورة..
 
«إحنا أصلا عندنا» مصنع واحد لرب البندورة، ولا يمكنه ان يعمل ويغطي تكاليفه الفعلية، إلا اذا قام بشراء كيلو  من بندورتنا بسعر قرش او قرشين، وهو سعر ربما لا يغطي كلفة المياه التي تم استخدامها لزراعة البندورة..
 
لماذا لا يقوم المزارع اولا بالتوجه لزراعات أخرى في مثل هذه المواسم؟ ولماذا لا يقوم بزراعة بندورة تصنيعية بدلا عن البندورة العادية؟
 
 ولو قام بزراعة النوع التصنيعي، لتم شراء كل المحصول حتى قبل أن يزرعه المزارع، فهو بإمكانه اللجوء لزراعة تعاقدية مع المصنع، لأنه مستعد أن يشتري كل المحصول في ذلك الموسم..
 
وللعلم فقط، فإن الحكومات ممثلة بوزارة الزراعة، تتدخل بالمستطاع في مثل هذه الأزمات التسويقية، وتدعم المحصول المتراكم وتسهل نقله للمصنع وعلى حسابها، لأن المصنع لا يمكنه شراء بندورة بأكثر من ? قروش للكيلو، ويتحمل كلفة نقله وتشغيل آلاته، لأنه سوف يخسر، فهي بندورة لا تصلح لإنتاج رُب بندورة بسعر مناسب أو بجودة مناسبة.
 
الزميل تفهم الأمر، وأشك بأنه سيتخلى في السنوات القادمة عن تلك الروايات.. فكلنا ننسى او نلجأ إلى الإثارة، بينما الحقائق ضايعة، أو يتم تضييعها عن سابق إصرار و(قرار).