أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Nov-2021

نفتقد للأرقام الحقيقية* محمود الخطاطبة

 الغد

رغم ولوج الأردن العشرينية الثانية من القرن الواحد والعشرين، وما حققه الأردن من خطوات تُعتبر جيدة جدًا، في مواكبة التطور والتقدم التكنولوجي، إلا أن الدولة الأردنية ما تزال تفتقر لوجود أرقام حقيقية، في مُعظم المجالات، إن لم يكن كلها، والتي هي اللبنة الأساسية لبناء استراتيجيات تُسهم في إيجاد حلول للتحديات والمُعيقات، التي تعترض الوصول للأهداف التي يأمل الجميع في تحقيقها.
من أجل وضع خريطة طريق، قابلة للتطبيق على أرض الواقع، ضمن الإمكانات المُتاحة في البلاد، لمُعالجة قضية معينة، سواء كانت موجودة منذ أعوام أو حصلت حديثًا، فإنه لا بد من وجود أرقام ومعلومات، تُوضح أسباب هذه القضية، وتؤشر إلى أقصر الطرق، وأسهل الحلول، للتخفيف على الأقل من حدة آثارها السلبية.
وجود الأرقام والإحصاءات حول كل مختلف القضايا والمجالات، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو تجارية أو اجتماعية أو حتى ثقافية وفنية ورياضية، بالأساس من مسؤولية الدولة، مُمثلة بدائرة الإحصاءات العامة، ومن ثم مراكز الدراسات والأبحاث، التي تقع عليها مسؤوليات جسام، لا تقل عن تلك الواقعة على الحكومة.
مراكز الدراسات والأبحاث، وُجدت بالأصل للحصول على نتائج حول أزمة معينة، حدثت في وقت ما، أو من أجل الوصول إلى إحصاءات وأرقام بشأن قضية ما، ووضعها أمام صانع القرار، كي تُساعده على اتخاذ قرار صائب، يقضي بالنهاية إلى نتائج إيجابية، من شأنها التخفيف من حدة الآثار غير المحمودة لتلك القضية أو الأزمة.
وجود أرقام حقيقية، بعيدًا عن أي مُجاملات لجهة معينة، من شأنها إذا ما أُحسن استغلالها بالطريقة المُناسبة، أن تُساهم بطريقة أو أخرى في رفعة وتقدم وازدهار الوطن، هذا من جهة، وكذلك الابتعاد عن اتخاذ قرارات أو إجراءات خاطئة، تترتب عليها عواقب وخيمة، تمس المواطن والوطن، من جهة ثانية.
على سبيل المثال، عندما تكون لدى الدولة أرقام حقيقية حول المخدرات وأماكن انتشارها، ومن يُتاجر بها، وأولئك مُتعاطيها، نستطيع القول بأن الحكومة قد قطعت نصف الطريق للقضاء على هذه الآفة أو التقليل من حدتها نوعًا ما، وبالتالي الخروج بأقل الخسائر.. وما ينطبق على “المخدرات”، ينطبق على الفقر، بنوعيه المُطلق والمُدقع، والبطالة، وعمالة الأطفال، والعمالة الوافدة، والعنف المجتمعي بأنواعه، الزراعة والسدود والاكتفاء الذاتي من الإنتاج النباتي والحيواني، حتى تلك الأمور التي تُعتبر من الخطوط الحمراء في بلد له تقاليده وعاداته.
تلك قضايا ومواضيع من السهل على مراكز الدراسات والأبحاث المُختلفة، الحصول على أرقام ونتائج حولها، من خلال الاستطلاعات والاستبانات التي تُجريها، وبالتالي وضع ما تحصل عليه من إحصاءات ومعلومات أمام متخذ القرار.. وبذلك نكون ممن يبنون خططهم واستراتيجياتهم وفق دراسة واضحة، ومعلومات دقيقة، صحيحة، غير اعتباطية.. حتى لا ينطبق علينا المثل الشعبي “ما ينفع العليق وقت الغارة”.
نعم، الحصول على أرقام ومعلومات من صميم عمل تلك المراكز، لا أن يقتصر دورها، وللأسف، على أمور شكلية، لا تُسمن ولا تُغني من جوع، من قبيل مستوى الرضى عن الحكومة، أو مدى تفاؤل المواطن بحكومة معينة، أو توقعاته بأداء الرئيس أو الفريق الحكومي ككل أو الوزراء، أو أسئلة عامة حول الفساد المالي والإداري والواسطة والمحسوبية، أو حتى مدى الثقة بالمؤسسات الحكومية أو العامة أو مؤسسات المجتمع المدني كالأحزاب والنقابات.
تلك مواضيع، لا يُستفاد منها أبدًا، ولا تُقدم أي شيء ملموس، قد يُفيد بوضع حل لقضية ما أو أزمة معينة، أو وضع خريطة طريق للوصول إلى الهدف المرسوم في أي مجال.