أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Jun-2020

نفط المستقبل - البيانات الضخمة (1)*م. بلال خالد الحفناوي

 الراي

قبل أكثر من 100 عام شكّل اكتشاف النفط علامةً فارقةً في تاريخ البشرية، إذ أسهم اكتشافه على نحو لافت في تسريع حركة الصناعة والتجارة والنقل، وأدى إلى ازدهار اقتصاد كثير من الدول محدثاً نقلة نوعية في مستوى دخل الفرد فيها. واليومَ، ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين، ومع دخولنا عصرَ الثورة الصناعية الرابعة، فإنّ كثيراً من الخبراء والمختصين ينظرون للبيانات الضخمة (Big Data) بوصفها «نفط المستقبل»، التي سيحمل استخدامها وتوظيفها أهميّة كبيرة، وستمثّل مصدراً هاما في الاقتصاد الرقمي لكثير من الدول.
 
تُعرف البيانات الضخمة بأنها مجموعة من البيانات الخام كبيرة الحجم، وعالية السرعة، ومختلفة المصدر، والتي تتطلب طرقاً مبتكرة، وفعالة، وغير تقليدية لتحليلها ومعالجتها للحصول على معلومات مفيدة منها. وقد بدأ مفهوم البيانات الضخمة بالانتشار منذ عام 2005، وتصاعدت وتيرة الاهتمام بها على نحو سريع منذ ذلك الوقت، فبحسب تقرير شركة (Statista) فإن الإيرادات من البيانات الضخمة وتحليلات الأعمال المتعلقة بها وصل في عام 2019 إلى 189.1 مليار دولار حول العالم، ويتوقع أن يتصاعد الإيراد إلى 274.3 مليار دولار بنهاية عام 2022.
 
يوجد مصادر عديدة ومختلفة للبيانات الضخمة، ويتم تصنيفها ضمن ثلاث مجموعات رئيسة: البيانات الاجتماعية (Social Data)، وبيانات الآلات (Machines Data)، وبيانات المعاملات (transactions Data). ومصدر البيانات الاجتماعية هو الإعجابات والتغريدات والتعليقات وتحميلات الفيديو والوسائط العامة التي يتم مشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة في العالم؛ حيث يوفّر هذا النوع من البيانات رؤى واضحة ودقيقة حول سلوك المستهلك واهتماماته، ويلعب دوراً محورياً في تحليلات استراتيجيات التسويق.
 
وفيما يتعلق ببيانات الآلات فإنّ استقصاءها يتمّ بواسطة المعدات والأجهزة الإلكترونية والصناعية وأجهزة الاستشعار المثبتة في الآلات وحتى مواقع الإنترنت أو البرامج المختلفة التي تراقب سلوك المستخدم، ومن المتوقع أن ينمو هذا النوع من البيانات بشكل مطّرد مع نمو وزيادة انتشار استخدام تطبيقات إنترنت الأشياء (IoT) في مختلف القطاعات. أما بخصوص بيانات المعاملات فهي تُنتَج من جميع المعاملات اليومية التي تتم عبر الإنترنت بكافة الإجراءات الإلكترونية متل العمليات المالية والتسوق والدفع الإلكتروني وتعبئة النماذج المختلفة، ولكنّ تلك البيانات لا قيمة لها دون تحليلها وفهمها؛ حيث يعدّ «تنقيب وتكرير» تلك البيانات للحصول على معلومات ذات قيمة عالية منها هو التحدي الحقيقي.
 
ويبدو جلياً أن هناك فرصاً واعدة للاستفادة من البيانات الضخمة في القطاعات العامة والخاصة على حد سواء، ففي القطاع العام يمكن الاستفادة من البيانات الهائلة المهيكلة وغير المهيكلة والمتعلقة بمعاملات المواطنين وسجلاتهم المختلفة بربط تلك البيانات، ومن ثم تسهيل الخدمات عن طريق شبكة وطنية رقمية (E-government network)، بحيث تحتوي تلك الشبكة كافة المعلومات المحدّثة، وتكون انطلاقة تغيير للأفضل من حيث تقليل الوقت اللازم لإنجاز المعاملات وتحسين الأداء، وستساعد تلك البيانات بتوضيح نسبة الإنجاز في كافة الدوائر والمؤسسات الحكومية. كما سوف تساهم في صناعة القرارات المهمة للدول وخصوصا في الظروف الصعبة (جائحة كورونا مثلا)، إذ شكّلت البيانات الصحيحة للمخزون الاستراتيجي من الطاقة والمواد الغذائية والدواء والمواد الأساسية وسلاسل الإمداد والإنتاج عاملاً مفصلياً في إدارة الكوارث وإدامة الحياة وتجنب المشاكل الاقتصادية في كثير من الدول الكبرى. وبخصوص القطاع الصحي فإن وجود شبكة بيانات محدثة ومترابطة تسهم بشكل مؤثر بدراسة الأمراض المنتشرة وتصنيفها حسب الفئات العمرية وعمل حلول وقائية وخطط علاجية ناجعة لكافة أنواع الأمراض ومتابعة حالات المرضى. أما بالقطاع الخاص، فهنالك أوجه كثيرة للاستفادة من البيانات الضخمة في فهم وتحليل حركات البيع والشراء لكافة العملاء وتصنيف السلع حسب أهميتها وحجم الطلب عليها، وهذا ينطبق على كافة قطاعات التجزئة، فضلاً عن إسهام البيانات في تمكين الشركات من الاستفادة من برامج الولاء للعملاء بتلبية احتياجاتهم المختلفة وترويج سلع جديدة. كما تساهم البيانات الاجتماعية وبشكل أساسي بمعرفة ميول واهتمامات المستخدم للإنترنت، ومن ثم زيادة التنافس في عملية التجارة الإلكترونية والترويج للبضائع بناءً على المعرفة باحتياجات الزبائن، وتقديم بضائع بأسعار تنافسية.