الراي- سيف الجنيني
مخامرة: ارتفاع المؤشر يعكس تعافياً اقتصادياً مستداماً
قادري: 3600 نقطة مؤشر على تحسّن المزاج الاستثماري
ديرانية: تحسن المؤشرات يعكس عودة النشاط إلى السوق المالي
أكد خبراء اقتصاديون أن ارتفاع مؤشر بورصة عمّان إلى ما يتجاوز 3600 نقطة، لأول مرة منذ عام 2008، جاء نتيجة عدة عوامل اقتصادية وسوقية مترابطة، تعكس تحسناً عاماً في الأداء الاقتصادي الأردني خلال عام 2025.
ولفتوا، في أحاديث لـ«الرأي»، إلى أن هذا الارتفاع يعود إلى تحسّن معنويات المستثمرين واستعادة الثقة بالاقتصاد الأردني، مؤكدين أن الإصلاحات الحكومية ساهمت في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، ما أدى إلى انتعاش السوق.
وتجاوز المؤشر العام لبورصة عمّان مستوى 3600 نقطة، مسجلاً أعلى مستوى له منذ عام 2008، في إنجاز يعكس تحسّن أداء السوق وارتفاع نشاط التداول، مدعوماً بزيادة قيم وأحجام التداول وتحسّن أداء عدد من الأسهم القيادية. ويُعد هذا المستوى الأعلى الذي يبلغه المؤشر العام منذ أكثر من 17 عاماً.
وأشار الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة إلى أن ارتفاع مؤشر بورصة عمّان إلى ما يتجاوز 3600 نقطة يأتي نتيجة عوامل اقتصادية وسوقية مترابطة تعكس تحسناً عاماً في الأداء الاقتصادي الأردني خلال عام 2025.
وأوضح مخامرة أنه، وبناءً على التحليلات والتقارير المتاحة، يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية لهذا الارتفاع بتحسّن أداء الشركات المدرجة وارتفاع أرباحها، حيث شهدت الشركات زيادة في صافي الأرباح بعد الضرائب بنسبة 10.9% خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2025، لتصل إلى 1.716 مليار دينار أردني. كما ارتفعت الأرباح في النصف الأول من العام بنسبة 9.4% لتبلغ 1.059 مليار دينار، ما عزز ثقة المستثمرين ودفع الأسعار إلى مستويات مرتفعة.
وأضاف أن هذا التحسّن يعود جزئياً إلى نمو قطاعات رئيسية مثل الخدمات المالية والصناعة والطاقة والسياحة، التي ساهمت في دفع المؤشر إلى مستويات أعلى، إضافة إلى زيادة الاستثمارين الأجنبي والمحلي، ما يعكس جاذبية السوق للمستثمرين الخارجيين بفضل الإصلاحات الاقتصادية.
وأشار إلى أن أحجام التداول زادت بشكل ملحوظ، إذ بلغ حجم التداول الأسبوعي في بعض الفترات أكثر من 42 مليون دينار، مع ارتفاع القيمة السوقية الإجمالية للشركات المدرجة إلى أكثر من 26 مليار دينار.
وأكد أن هذا النشاط يعكس تحسناً في معنويات المستثمرين واستعادة الثقة بالاقتصاد الأردني، مشيراً إلى أن الإصلاحات الحكومية عززت الاستقرار الاقتصادي وأسهمت في انتعاش السوق. كما تأثر السوق بتحسّن الظروف الاقتصادية العالمية، مثل انخفاض أسعار الفائدة في بعض الأسواق الرئيسية، إضافة إلى الاستقرار النسبي للأوضاع الإقليمية، ما شجّع على تدفّق رؤوس الأموال إلى الأردن وبورصة عمان.
وبيّن مخامرة أن ارتفاع المؤشر يُعد مرآة للوضع الاقتصادي الأردني، إذ يشير إلى نمو إيجابي وتعافٍ مستدام، لكنه لا يعكس بالضرورة تحسناً فورياً في جميع القطاعات. ولفت إلى أن المؤشر ارتفع بنسبة تزيد على 40% منذ بداية عام 2025، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 2008، ما يدعم مسار النمو، بالتزامن مع زيادة بنسبة 19% في تسجيل الشركات الجديدة (698 شركة خلال أول 11 شهراً من عام 2025)، ما يشير إلى بيئة أعمال أكثر جاذبية.
وأضاف أن هذا الارتفاع يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات، ويعزز السيولة في السوق، ويحفّز النمو في القطاعات الرئيسية والواعدة، كما أن تحسّن نتائج الشركات خلال الربع الثالث يعكس تحسناً عاماً في الاقتصاد المحلي.
وحذر من أن تحديات ما تزال قائمة، وقد يكون هذا الارتفاع مؤقتاً إذا لم تستمر الإصلاحات، خاصة في ظل المخاطر الخارجية والتقلبات العالمية، إلا أنه يُنظر إليه بوصفه دليلاً على تحول إيجابي في الاقتصاد الأردني، وخطوة مهمة نحو تعافٍ اقتصادي أقوى، تتطلب استمرار الإصلاحات لضمان الاستدامة.
وأوضح مخامرة أن استدامة الاتجاه الإيجابي تتطلب تعزيز الثقة والشفافية، ومعالجة أوضاع الشركات المتعثرة، ومراجعة إجراءات هيئة الأوراق المالية، وتكثيف الرقابة على ميزانيات الشركات من الجهات المعنية مثل البنك المركزي ودائرة مراقبة الشركات، مع تطبيق معايير إفصاح محسّنة وتقارير استدامة وفق المعايير العالمية.
وشدد على ضرورة ضخ السيولة وتعزيز عمق السوق، من خلال تدخل القطاعات ذات السيولة كالبنوك لدعم البورصة وتمويل الأسهم والصناديق الاستثمارية، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية عبر تحسين تصنيف السوق، وتبسيط الإجراءات، وتقديم حوافز استثمارية، وتطوير أدوات مالية جديدة ومتنوعة.
وفيما يتعلق بالأدوات الإضافية اللازمة لتحفيز الزخم، طالب مخامرة بإنشاء صناديق استثمار مشتركة، وإطلاق برامج تحفيزية لسوق رأس المال، وتفعيل أنشطة صانع ومزوّد السيولة، إلى جانب تنظيم زيارات استثمارية خارجية وتسويق الفرص الاستثمارية، فضلاً عن إنشاء سوق للشركات الواعدة يستهدف إدراج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الخاصة والعائلية.
من جهته، أكد ممثل قطاع الألبسة والمحيكات في غرفة صناعة الأردن، المهندس إيهاب قادري، أن تجاوز مؤشر بورصة عمّان حاجز 3600 نقطة لأول مرة منذ عام 2008 يُعد إشارة قوية إلى تحسّن المزاج الاستثماري في السوق المحلي، وغالباً ما يعكس مزيجاً من تحسّن أداء وتوقعات أرباح بعض الأسهم القيادية، وارتفاع قيم وأحجام التداول، وعودة شهية المستثمرين للأصول المقومة بالدينار في ظل تضخم منخفض نسبياً واستقرار نقدي.
وأضاف أن هذا المستوى «النفسي» يعيد تسليط الضوء على البورصة كقناة تمويل واستثمار، ويبعث برسالة إيجابية حول إعادة تقييم الشركات المدرجة بصورة أكثر إيجابية من قبل رأس المال المحلي وبعض التدفقات العربية والأجنبية.
وأشار قادري إلى أن ارتفاع المؤشر لا يعني بالضرورة تحسّن الاقتصاد الحقيقي في جميع القطاعات، وقد يكون مدفوعاً بعدد محدود من الشركات أو بارتفاعات سعرية لا يرافقها توسّع مماثل في الإنتاج والتشغيل، مؤكداً أن التحدي يتمثل في تحويل هذه الثقة السوقية إلى أثر اقتصادي أوسع عبر تعميق السوق وزيادة السيولة.
بدوره، أكد أمين سر جمعية الصرافين الأردنيين، علاء ديرانية، أن ارتفاع مؤشر بورصة عمّان إلى ما يتجاوز 3600 نقطة لأول مرة منذ عام 2008 جاء نتيجة مجموعة من العوامل الاقتصادية الإيجابية.