أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2025

مدينة "عمّرة" ضرورة وفرصة لسد الفجوات التنموية في الأردن*أحمد عوض

 الغد

تمثل المباشرة بإنشاء مدينة "عمرة" الجديدة بعد ثماني سنوات من التخطيط، خطوة استراتيجية ومفصلية في مسار التنمية الوطنية، فهي ليست مجرد توسع عمراني، بل مشروع شامل يعالج فجوات تنموية تراكمت عبر عقود، ويضع الأردن على مسار جديد أكثر توازنا وفاعلية. 
 
 
فالمدينة، التي ستقام تأتي في منطقة جغرافية واسعة شبه مهمشة، رغم امتلاكها لمقومات طبيعية وسياحية، تمنحها قابلية عالية للتحول إلى مركز حضري نابض بالحياة.
والمنطقة المخصصة للمشروع تتميز بسهول منبسطة ومساحات مفتوحة تسمح بتخطيط عمراني عصري ومرن، إلى جانب قربها النسبي من مواقع تاريخية مهمة مثل، قصر عمرة وقصر الحرانة، إضافة إلى واحات الأزرق ذات القيمة السياحية والبيئية العالية. هذه الخصائص تجعل المدينة الجديدة مؤهلة لتكون نموذجا حديثا يجمع بين العمق الثقافي والبعد الاقتصادي والبعد البيئي في آن واحد.
على مستوى المدن الكبرى، من شأن المدينة الجديدة أن تساهم في تخفيف الضغط عن عمّان والزرقاء، اللتين بلغتا مستويات مشبعة من الاكتظاظ والضغط على البنية التحتية. وستوفر المدينة، متنفسا جديدا للنمو العمراني بعيدا عن المركز الحضري المكتظ، وتمنح العاصمة والزرقاء فرصة لإعادة تطوير خدماتهما وجودة الحياة فيهما.
وإلى جانب أبعادها الاقتصادية العامة، فإن المرحلة الأولى من المشروع ستسد فجوات تنموية لطالما عانى منها الأردن، خصوصا ما يتعلق بالبنية التحتية للمعارض الدولية، والمراكز الرياضية، والمرافق الثقافية، والترفيهية. فقد افتقر الأردن لسنوات طويلة لمنشآت ضخمة ومتكاملة تستضيف الفعاليات الاقتصادية والرياضية والثقافية الكبرى، ما أجبره على الاعتماد على مرافق محدودة أو بديلة غير مهيأة بالقدر الكافي. إن تخصيص هذه المرافق ضمن المرحلة الأولى سيجعل المشروع منصة وطنية لاستقطاب الأحداث الكبرى، وتنشيط القطاعات الخدمية والسياحية، وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني والإقليمي.
أما اقتصاديا، فسيعيد المشروع تنشيط قطاعات واسعة، تبدأ بقطاع البناء والإنشاءات وتصل إلى الخدمات والنقل والتجارة والصناعات الخفيفة. وتشير التقديرات إلى إمكانية توليد عشرات آلاف فرص العمل، المباشرة وغير المباشرة، ما يضع المشروع في صلب الجهد الوطني لمواجهة البطالة وتحفيز النمو الاقتصادي.
والمدينة الجديدة مشروع لكل الأردنيين، وليس لفئة أو جهة بعينها. لذلك، ليس لأحد مصلحة في عرقلته أو إضعافه، بل على العكس، يحتاج المشروع إلى تكاتف وطني شامل لضمان تحقيق أهدافه. صحيح أن التحديات الاقتصادية والمالية قد تظهر سواء أكانت متوقعة أو مستجدة، إلا أن ملكية الدولة للأرض والبنية الأساسية للمشروع ستكون عامل ثقة للمستثمرين المحليين والأجانب، وستفتح المجال لشراكات واسعة في التطوير والإدارة والخدمات.
ومن الضروري التفكير منذ الآن، بإنشاء قطار يربط عمّان والزرقاء بالمدينة الجديدة، ليكون العمود الفقري لحركة العمالة والطلاب والزوار، إلى جانب ميترو داخلي يضمن سهولة التنقل داخلها ويجعلها مدينة مستقبلية حقيقية، تعتمد على النقل العام المستدام وتقلل من الاعتماد على المركبات الخاصة.
في المحصلة، تمثل المدينة الجديدة فرصة تاريخية لإعادة صياغة المشهد الاقتصادي والعمراني والثقافي للأردن. إنها خطوة أولى نحو سد فجوات تنموية مزمنة، وبناء مدينة مستقبلية متوازنة، ومشروع وطني يستحق الدعم.