أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    24-Mar-2024

مستقبلنا الاقتصادي.. البحث عن صندوق جديد*سامح المحاريق

 الراي 

تطبق حكومة الدكتور بشر الخصاونة سياسة اقتصادية متحفظة، وتتجنب إطلاق أية وعود والحديث عن خطط كبرى، ولكن لا أحد يمكنه أن يصدر حكماً منصفاً حول أدائها الاقتصادي، ففي حين يمكن للمؤشرات أن تدفع الوضع إلى تراجع بنسبة 10% بينما يتحقق تراجع بنسبة 5% فقط، فالأمر يعتبر نجاحاً، ذلك النجاح الذي لا يشعر به أحد، والعكس صحيح، ففي حين تمتلك موارد ومعطيات تؤهل لتحقيق تقدم بنسبة 10% وتحقق 5%، فإن صوت التصفيق سيغطي على أي نقاش عقلاني حول فرص ضائعة خبأتها النشوة بالإنجاز.
 
حتى أكثر الحكومات طموحاً لم تقدم مقاربة اقتصادية للأردن تتجاوز التسيير والإدارة، ولم تجب أي حكومة عن السؤال الجوهري المتعلق بشكل الاقتصاد الأردني بعد عشرين أو ثلاثين عاماً، فالكل منشغل بالاستحقاقات المرحلة، وهي ثقيلة والجميع مشتركون في تراكمها، وفي المشكلات الجانبية التي تنشأ نتيجة فكر اقتصادي واجتماعي تواصل لعقود من الزمن، ونراها حالياً ماثلة في مفارقة البطالة والعمالة الأجنبية في الأردن.
 
الإجراءات المتخذة والتي تسعى إلى تحديث القطاع العام، والإصلاح الاقتصادي بشكل أوسع، تمهيدية في جوهرها، بمعنى أنها لا تمضي في بناء مخيلة لتصور الأردن الذي ستعيشه الأجيال المقبلة، والشكل الذي سيطرحه الأردن للتواجد على خارطة تنافسية نشطة مثل التي تتشكل في المنطقة، وتستحوذ على المبادرة فيها دول الخليج العربي، ومؤخراً، لا يمكن أن نتجاهل خطوات كبيرة تتخذ في عمان والكويت لتلتحقا بما يجري منذ عقود في الإمارات وقطر والسعودية والبحرين.
 
تفكر دول الخليج العربي في مرحلة ما بعد النفط، أي بعد خمسين سنة من اليوم، والتوجه الواضح هو إدارة اللوجيستيات العالمية، والعودة إلى الأصول الاستراتيجية، أي ما كانت المنطقة تمثله تاريخياً قبل أن تدخل في عصر جديد كانت قناة السويس أحد ملامح تشكله، إلا أن ذلك لن يعمل طويلاً، لأن الموارد من المناطق الكثيفة في الإنتاج الصناعي والزراعي في آسيا، سيحتاج إلى توزيعه بناء على عوامل ومفردات التكلفة في أوروبا وغيرها إلى أنشطة إعادة التصدير من منطقة يخدمها الموقع الجغرافي، وهي منطقة المشرق العربي، وهو ما أخذت دولة الإمارات تلتفت له مبكراً، ووصلت بأنشطة إعادة التصدير إلى نحو 7% من ناتجها المحلي.
 
أين يمكن أن نتمركز في هذه الخارطة؟ وهل نمتلك من الأصول في البنية التحتية ما يكفي لأن نندمج أصلاً في المشروعات الإقليمية؟
 
إذا كان واقع الموانئ الأردنية محصوراً أصلاً بواجهتنا البحرية المحدودة، فإن المطارات الأردنية لا تبدو كافية للدخول في تنافس نشط على حصة النقل الجوي، ولا تبدو شركة الطيران الوطنية، الملكية الأردنية، قادرة أصلاً على المنافسة، والطرق البرية ليست في حال أفضل، ويمكن استعراض تراجع الشهية تجاه المشروعات الكبرى في مشروعات الموازنة العامة المتلاحقة، والاكتفاء بالتدوير للوضع القائم، والإصلاحات التدريجية التي يمكن ألا تكون كافية بالصورة اللازمة في عالم متغير يمكن أن تحدث فيه مفاجآت كثيرة في الوقت الذي يحسب ضائعاً.
 
يوجد صراع في الإقليم، لا يبدو مشجعاً على أية حال، ولكن عند الحديث عن مدى زمني يصل إلى عشرين أو ثلاثين عاماً، فما يحدث حالياً يدخل في تسوية أوضاع الإقليم في المدى البعيد، ودخولنا في الصراع في جانبه الاستراتيجي هو لتحسين الممكنات للأردنيين والفلسطينيين، ويمكن أن نحقق نجاحاً في ظل ذلك، وأن نخفق في بعض الأمور، ولكن في النهاية، المشروع يتخطى إرادة أي دولة بصورة منفردة، بما في ذلك إسرائيل نفسها.
 
البنية التحتية، تستلزم التوازي مع العامل البشري، ومخيلة تستوعب شكل العالم في العقود القادمة لتقدم ما يمكنه أن يخدم دور الأردن وأن يمضي إلى الحدود القصوى في استغلال مزاياه النسبية بل والمزايا النسبية في الدول المجاورة على أساس التكامل، وخاصة العراق وسوريا والخليج، وبطبيعة الحال، التعامل مع التحديات القائمة والمحتملة.
 
التفكير خارج الصندوق لم يعد كافياً، لأن الصندوق نفسه بمعطياته التاريخية التي تشكلت في الستينيات والسبعينيات وظروفهما التاريخية وأهمها الفورة النفطية لم تعد الأدوات التي في داخله مناسبة للمستقبل ومتطلباته.
 
كثيرون ينظرون في الصندوق الحالي ومعطيات التشكل التاريخي للاقتصاد الأردني وقيم الإنتاج والتوزيع المرتبطة به، وهذه منطقة مألوفة ويوجد فيها فائض من التشخيص، أما الصندوق الجديد فيبدو مجهولاً ويحتاج إلى مخيلة مبدعة ورغبة في التحرر من كثير من الأفكار الجاهزة والمكرسة.