أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    15-Nov-2018

توجهات حكومية لاتخاذ قرارات شعبية*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-خبر مهم؛ تداولته وسائل الاعلام حول توجه الحكومة لتخفيف الجموح في أسعار الخضار والفواكه، مقارنة بسعرها الضئيل حين يبيعها المزارع، ومثل هذا التفكير والتوجه إن نجحت الحكومة في تفسيره ومعالجته، فهي بذلك و»على عهدتي» تكون أفضل حكومة تقدم للناس أمنا غذائيا، وتساعدهم وتحميهم من تغول المال والأسواق ووحشية منطق الكسب السائد فيهما..

حين يحتج مزارعون، الى درجة تدفعهم للتخلي عن محصولهم من البندورة مثلا، ورميه على الشوارع، وهو موقف يحدث كل عام تقريبا، أو حين يقوم مزارع آخر بسكب حليب الأبقار الطازج في الشارع، والسبب في الحالتين انخفاض الأسعار الى ما دون التكلفة، وبلا حساب للتعب والكدّ والكدح وضياع الحلم الممتد طوال الموسم أو العام، بينما في الوقت نفسه تذهب الى أسواق الخضار والألبان لتجد أن سعر كيلو البندورة لا يقل عن 50 قرشا، وسعر حليب البقر الطازج أكثر من هذا الرقم، تتساءل، وتناقش البائع، وتنتقد هذا الجشع، لكنه يقسم لك بأنه لا يربح 10% في السلعتين، وأن أسعارهما من المصادر «السوق المركزي للخضار» قريبة جدا من سعر البيع «المفرق»..
وحين تتوغل في البحث وتحاول فهم سبب جموح هذا السعر لتلك السلعة المحلية، التي يهدرها منتجوها بسبب تدني سعرها وعدم جدارة المحصول بالتعب والتسويق، يقال لك بأنها حلقات التسويق «والسماسرة والدلاّلين»، هي التي تشتري المنتجات من المزارعين بثمن بخس، مستغلة غزارة الانتاج، ثم تقوم بإعادة عرض المنتج ورفع سعره الى أكثر من 10 أضعاف السعر الذي دفعوه لشرائه من المزارع.. 
نحن ندرك تماما أن الحكومة الأردنية وغيرها كثيرات من حكومات العالم لا يمكنها تحديد سعر سلعة في السوق، بناء على اتفاقيات دولية لتحرير السوق، لكننا نتوقف كثيرا عند مسألة القوانين والإجراءات التي تقوم بها هذه الحكومات ليستغلها تجار ومستثمرون، ليحتكروا هذه السلع ويتحكموا بأسعارها، ليصبح الموقف أكثر وحشية على المستهلك الفقير، وأكثر حرجا للحكومات التي يتم اتهامها بأنها لا تتخذ قرارات شعبية لحماية الفقراء، وهذا كله صحيح، فعندما تقوم الحكومة مثلا بوقف الاستيراد لمنتج ما، كالبطاطا أو البصل مثلا، لأنها تريد دعم المزارع المحلي ودعم منتجاته، وضمان عدم منافستها من قبل منتجات شبيهة مستوردة، قد تكون أكثر جودة من المنتج المحلي وأقل سعرا، بسبب انخفاض التكلفة في بلدان المنشأ، كأن نستورد منتجا زراعيا من بلد يعوم على الماء، فهو بكل المقاييس سيكون أفضل من المنتج المحلي وأقل سعرا..وهذه معضلة تواجه الحكومة التي تتعهد بأن تحمي مواطنيها المزارعين وقطاعها الزراعي عموما، وأن تقف في الوقت نفسه مع المستهلك الفقير.. لكن بعض التجار، هم من يستغلون قرارات وقف الاستيراد، ويسيطرون على جزء كبير من المنتج المحلي «كالبطاطا» مثلا، يقومون بشرائها من المزارع وهي ما زالت في التراب أحيانا، ثم يقوموا بتخزينها، ويستغلوا توقف استيرادها من الخارج، فيزودون السوق بكميات قليلة لا تكفي حاجته، ليزداد الطلب على هذا المنتج فيبادرون برفع سعره، وهذه قصة «موسمية» نعاني منها في الأردن كل عام، وتنبئك الممارسات في السوق بأن ثمة حالة من الاستغلال لقرارات الحكومة الساعية لدعم المزارع والزراعة .
سعت وزارت الزراعة؛ ودعت المزارعين والمستثمرين في القطاع الزراعي، أن يقوموا ببعض الخطوات التي تؤمن سوقا معتدلة لمنتجاتهم، تمكنهم من الربح المعقول، وتضمن دوام استثماراتهم او زراعاتهم الفردية، لكنها «الحكومة» مكبلة بدورها بقوانين دولية، لا يمكنها القفز عنها «كثيرا»، وهذا ما تفكر به الحكومة الحالية، فهي تريد تنظيم السوق أكثر من التدخل في أسعار السلع والمنتجات، وأجزم بأن توجه وزارة الزراعة الجديد في سعيها لفك هذه العقدة في أسواقنا من أهم الخطوات التي تقوم بها الحكومات الأردنية من ناحية دعم المزارع الأردني وفي الوقت نفسه حماية المستهلك الأردني، والتخلص من بعض الممارسات الجشعة التي تظهر في بعض أسواقنا ومنها أسواق الخضار..
هذا توجه حكومي شعبي يفهمه الناس ويدركون أبعاده، فالمواطن الفقير او محدود الدخل، الذي ينفجر غضبا وهو يتنقل بين المحلات التجارية يبحث عن سلعة معينة بسعر مناسب ليطعم أطفاله، ولا يجدها، هو المواطن؛ الذي سيفهم معنى هذا التنظيم الحكومي للأسواق وتخفيف جموح أسعارها.