أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2018

دبلوماسيون وخبراء: أوروبا عاجزة عن حماية الاتفاق النووي مع اقتراب موعد بدء العقوبات الأمريكية على قطاع النفط الإيراني

 رويترز: في اجتماع عقد في واشنطن عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو/أيار، قال مسؤول أمريكي كبير لعدد من الدبلوماسيين الأوروبيين «لن تستطيعوا إنقاذ الاتفاق»، وأن جهودهم لحماية الاستثمارات الأوروبية التي ستواصل العمل في الجمهورية الإسلامية عديمة الجدوى.

وحاليا يقر دبلوماسيون أوروبيون أن المسؤول الأمريكي كان على صواب. ويضيفون ان الاتحاد الأوروبي لم ينجح في وضع إطار قانوني فعال يحمي شركاته داخل إيران للتغلب على الامتداد العالمي للنظام المالي الأمريكي وتحدي ترامب.
بل وعلى العكس، كما قال سبعة مسؤولين ودبلوماسيين أوروبيين، فإن أوروبا تعمل مع روسيا والصين لإظهار أنها على الأقل تبحث عن سبل لضمان حصول طهران على مزايا مبيعات النفط حتى يرى الرئيس الإيراني حسن روحاني سببا وجيها للحفاظ على الاتفاق.
وفي ظل تداعي الاقتصاد في الداخل، يواجه روحاني مأزقا في ظل ضغوط من المحافظين المطالبين بالتخلي عن الاتفاق المبرم في عام 2015 لتبدد منافعه الاقتصادية.
ووصلت قيمة التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي وإيران هذا العام إلى ملياري يورو (2.35 مليار دولار) شهريا، لكن من المتوقع تراجع الرقم مع خروج شركات أوروبية كبيرة من الجمهورية الإسلامية والقيود الخانقة على صادرات النفط الإيرانية نتيجة العقوبات الأمريكية.
وكانت الشركات الأوروبية الكبيرة «بيجو» و»رين» و»دويتشه تليكوم» و»إيرباص» من بين الكيانات التي انسحبت من إيران منذ مايو، بينما أوقفت «إير فرانس» و»الخطوط الجوية البريطانية» عملياتها هناك بعد التراجع الكبير في حركة السفر. كما ستتوقف شركة «مولر ميرسك» الدنمركية عن نقل النفط الإيراني.
ويهدف الاتفاق، الذي وقعت عليه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا وإيران في العاصمة النمساوية فيينا ونص على رفع العقوبات عن طهران مقابل الحد من برنامجها النووي، إلى منع الجمهورية الإسلامية من امتلاك قنبلة نووية.
ويقول ترامب ان الاتفاق النووي، الذي يعد أكبر إنجاز في السياسة الخارجية لسلفه باراك أوباما، أخفق في وقف برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، ووقف أنشطتها النووية بعد عام 2025، ومنعها من التدخل في حربي اليمن وسوريا.
وتقول بريطانيا وفرنسا وألمانيا إن التخلي عن الاتفاق لا يبدد المخاوف الأمنية الأمريكية بل ويهدد الاستقرار في الشرق الأوسط. وتنفي إيران اتهامها بالسعي لامتلاك أسلحة نووية.
وأعادت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على قطاعات الطاقة والسيارات والمالية الإيرانية على مرحلتين بدءا من أغسطس/آب.
وحاول الاتحاد الأوروبي تحييد العقوبات الأمريكية بإجراءات منها مد خطوط مالية معظم تعاملاتها باليورو، وسن قانون يجرم التزام المواطنين الأوروبيين بالعقوبات الأمريكية. لكن الدبلوماسيين يقولون ان هذه الإجراءات لم تطمئن الشركات بأنها ستحظى بحماية من غرامات أمريكية أو من مخاطر محتملة على أنشطتها في الولايات المتحدة في حال استمرارها داخل إيران.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية «إذا قررت مباشرة نشاط استثماري مع عدو للولايات المتحدة الأمريكية، فإنك لن تقدر على القيام به (النشاط) مع الولايات المتحدة. لن تتمكن من الدخول على النظام المالي الأمريكي».
ويقول دبلوماسيون أمريكيون ان الغضب الذي أظهره الدبلوماسيون الأوروبيون في اجتماعاتهم خلال مايو مع مسؤولين في الخارجية الأمريكية في واشنطن قد تلاشى.
ويقول مبعوثون أمريكيون في أوروبا ان الأوروبيين يتقبلون الآن على مضض فشلهم في حماية الاستثمارات الأوروبية في إيران من العقوبات الأمريكية.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير «عندما يبدأ أثر العقوبات في الظهور في نهاية العام، فإنها (العقوبات) ستزيد الأمور صعوبة لكن ما سنملكه على الطاولة لن يكون كافيا».
 
إحياء الحرب الباردة
 
وكانت أجرأ فكرة للمفوضية الأوروبية لحماية الشركات الأوروبية هي أن تشتري البنوك المركزية الأوروبية النفط الإيراني باليورو مباشرة وتتجاوز النظام المالي الأمريكي. لكن دبلوماسيين قالوا ان الفكرة تواجه حساسية سياسية حتى الآن سواء في البنك المركزي الأوروبي أو في «دويتشه بنك».
وفي لوكسمبورغ، رفض «بنك الاستثمار الأوروبي»، وهو ذراع الإقراض في الاتحاد، تقديم قروض لشركات أوروبية في إيران خشية المخاطرة بقدراته على تحصيل الأموال في الأسواق الأمريكية.
نظام المقايضة هذا قد يروق لدول آسيوية تشتري النفط الإيراني، ومنها الهند التي تواصلت مع بروكسل بشأن سبل تفادي العقوبات الأمريكية. لكن دبلوماسيين يقولون ان تعقيده يدل على أن القوى الأوروبية تواجه مأزقا.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير طلب عدم نشر اسمه نظرا لسرية المناقشات «إنه معقد للغاية وأعتقد أنه سيعمل بشكل محدود فقط».
وعرض دبلوماسي أوروبي آخر نفس الرأي، وقال «نأمل أن نحصل على بعض هذه (المقترحات) في نهاية العام وعندئذ سيكون الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني (موعد بدء الدفعة الثانية من العقوبات الأمريكية) قد مر، وعندها فقط سنرى إن كانت الإجراءات التي يمكننا القيام بها سيكون لها تأثير».
وفي دلالة على وجود معوقات، فقد تغير تركيز الاتحاد الأوروبي على المدى الطويل ليركز على السعي للتغلب على انطباع أن السياسة الأوروبية أسيرة لوزارة الخزانة الأمريكية.
واقترح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الترويج لليورو كعملة عالمية لتحدي الدولار، مما يسمح بتسعير النفط بالعملة الأوروبية الموحدة في الأسواق العالمية. لكن اقتصاديين قالوا ان الصين سعت لدور عالمي لعملتها اليوان على مدار سنوات بلا طائل.
وقال نيكولاس فيرون الخبير الاقتصادي في مؤسسة «بروغل» البحثية في بروكسل «من الواضح تماما أننا نتحدث عن تغييرات جذرية بطيئة».
وتجري المفوضية الأوروبية محادثات مع اليابان أيضا لتفادي الإجراءات الأمريكية، لكن يبدو أن طوكيو مستعدة لوقف استيراد الخام الإيراني بحلول منتصف أكتوبر/تشرين الأول بعدما استبعدت الولايات المتحدة منح أي بلد استثناءات من العقوبات.
في غضون ذلك، تضغط الولايات المتحدة لإخراج إيران من جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك «سويفت» التي مقرها بلجيكا والتي تسهل معظم المعاملات المالية العابرة للحدود في أنحاء العالم، كما كان الوضع في عام 2012 قبل الاتفاق النووي.
وقال دبلوماسيون إنه رغم عدم امتلاك الولايات المتحدة للأغلبية في مجلس مديري «سويفت» إلا أن إدارة ترامب قد تهدد بعقوبات على البنوك المدرجة بالجمعية.
وقال مسؤول فرنسي كبير «إن هددت بأقصى ضغط ثم استبعدت الاستثناءات أو تخفيف موقفك وبدون ثغرات، إذن فالأمر مسألة وقت فقط».
وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس دعا الشهر الماضي إلى إقامة نظام شبيه بـ»سويفت» مستقل عن الولايات المتحدة، لكن المسؤولين يقولون أنه مشروع طويل الأجل أيضا ومعقد.
ومن خلال ما وصفه أحد المسؤولين الغربيين «بالتراسل الاستراتيجي» فإن أوروبا تأمل أن يكون سعي الحكومات الدؤوب لاتخاذ إجراءات تحفظ تدفق الاستثمارات الأوروبية إلى طهران دافعا للجمهورية الإسلامية للالتزام ببنود الاتفاق النووي والبعد عن أي عمل طائش.
وقالت سنام فاكيل، الزميلة مؤسسة «تشاتام هاوس» البحثية في لندن «أعتقد أن الرمزية هي أهم شيء في هذ المرحلة». وأضافت أن برلين وباريس ولندن «لا تملك القوة السياسية والوقت لتقديم أي عرض جاد أو كبير لطهران».
 
آلية محددة الأهداف
 
مع ذلك ورغم كل الشكوك اتفقت الأطراف المتمسكة باتفاق إيران النووي أمس الأول على مواصلة العمل للحفاظ على التجارة مع طهران.
وفي بيان صدر أمس الأول، بعد اجتماع شاركت فيه بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وإيران، قالت المجموعة أنها عقدت العزم على وضع آليات سداد تتيح مواصلة التجارة مع إيران رغم شكوك كثير من الدبلوماسيين بشأن إمكانية ذلك.
وقالت مصادر أوروبية أن هذا الكيان الذي يسمى «الآلية المحددة الأهداف» (سبيشل بوربس فيهيكل – إس.بي.في) سيعمل كبورصة تبادل أو نظام مقايضة متطور انطلاقا من بيع النفط الإيراني، مصدر الواردات الأول للبلاد».
وأوضح دبلوماسي أوروبي أن «الأمر سيكون أشبه بغرفة مقاصة. حين نستورد نفطا من إيران، يتم تسديد المال للآلية المحددة الأهداف. وإن قامت شركة أوروبية لاحقا ببيع تجهيزات في إيران، فسوف يتم التسديد من خلال الآلية».
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي ان هذه الآلية «تحصن» الشارين والبائعين من خلال تجنيبهم صفقات بالدولار يمكن أن تعرضهم لعقوبات أمريكية. وأضاف أن «النفط هو المقابل الوحيد الذي يمكن لإيران تقديمه (…) والآلية تسمح باستخدام عائدات النفط لاستيراد سلع».
وقالت الدول المتمسكة بالاتفاق في بيان مشترك صدر بعد الاجتماع «نظرا للضرورة الملحة والحاجة لتحقيق نتائج ملموسة، رحب المشاركون بالاقتراحات العملية للحفاظ على قنوات السداد وتطويرها خاصة وضع آلية محددة الغرض لتسهيل المدفوعات المتصلة بالصادرات الإيرانية التي تشمل النفط». وقال عدة دبلوماسيين أوروبيين ان فكرة الآلية محددة الغرض تهدف إلى إنشاء نظام مقايضة يشبه الذي استخدمه الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة لمقايضة سلع أوروبية بالنفط الإيراني دون استخدام نقود.
والفكرة هنا هي تفادي العقوبات الأمريكية المقرر إعادة فرضها في نوفمبر/تشرين الثاني، والتي يمكن بموجبها لواشنطن استبعاد أي بنك يسهل معاملات النفط مع إيران من النظام المالي الأمريكي. 
وقالت فيديريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، للصحافيين بعد الاجتماع إن قرار وضع هذه الآلية اتخذ بالفعل مضيفة أن الخبراء الفنيين سيجتمعون مجددا لصياغة التفاصيل.
وقالت «من الناحية العملية سيعني ذلك أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستؤسس كيانا قانونيا لتسهيل المعاملات المالية المشروعة مع إيران، وسيتيح ذلك للشركات الأوروبية مواصلة التجارة مع إيران بما يتفق مع قانون الاتحاد الأوروبي، وقد يكون متاحا أمام شركاء آخرين في العالم».
لكن الكثير من الدبلوماسيين والمحللين أبدوا تشككا في قدرة هذه الآلية على التصدي للعقوبات الأمريكية نظرا لأن الولايات المتحدة يمكنها تعديل قوانينها الخاصة بالعقوبات لمنع معاملات المقايضة.
وقال دبلوماسي فرنسي كبير «المهم هو جعل جميع الإمكانات متاحة بحيث نظهر للإيرانيين أن الباب لن ينغلق».
وقال دبلوماسيون ان الاتحاد الأوروبي فشل حتى الآن في صياغة إطار عمل قانوني قابل للتطبيق لحماية شركاته من العقوبات الأمريكية. 
وفي مؤشر على مدى صعوبة توصل الأوروبيين إلى حلول ملموسة أعلن بنك «بي. بي.آي.فرانس» المملوك للدولة أمس الأول تخليه عن خطة وضع آليات مالية لمساعدة الشركات الفرنسية التي لها معاملات مع إيران.
ولُب الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، والذي تم التوصل له بعد مفاوضات خاضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على مدى عامين تقريبا، كان أن تكبح إيران جماح برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات التي تعرقل اقتصادها.
ويرى ترامب أن هذا الاتفاق معيب لأنه لا يشمل عقوبات على برنامج إيران للصواريخ الباليستية أو دعمها للصراعات في سوريا واليمن ولبنان والعراق.
وأدت العودة المرتقبة للعقوبات الأمريكية إلى تراجع الريال الإيراني حيث فقد نحو ثلثي قيمته منذ بداية العام الحالي وسجل مستوى متدنيا قياسيا مقابل الدولار في الشهر الجاري.