اقتصادات الانتخابات البرلمانية*د. عدلي قندح
الراي
تعتبر الانتخابات البرلمانية في الأردن من الفعاليات الكبرى التي تساهم في تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي للبلاد. وتتأثر الاقتصادات المحلية بشكل كبير بمراحل الانتخابات، حيث يمكن أن تخلق الانتخابات تأثيرات ملحوظة على الطلب على السلع والخدمات، بالإضافة إلى تأثيرها على القطاعات الاقتصادية المختلفة نتيجة للدعاية الانتخابية والحملات الانتخابية.
الانتخابات البرلمانية في الأردن تؤثر بشكل ملحوظ على الاقتصاد الوطني الكلي من خلال تغيير الطلب على بعض السلع والخدمات، وتعزيز النشاط في بعض القطاعات الاقتصادية. بينما يمكن أن توفر فترة الانتخابات دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خلال زيادة الطلب، فإن التأثيرات طويلة الأمد تعتمد على السياسات الاقتصادية والتوجهات التي يتم تبنيها بعد الانتخابات. يتطلب الأمر متابعة دقيقة وتحليلاً مستمراً لفهم التأثيرات الكاملة على الاقتصاد المحلي والقطاعات المختلفة.
في هذا المقال، سنستعرض باختصار شديد كيف يمكن أن تؤثر مجريات الانتخابات البرلمانية على الاقتصاد الأردني والقطاعات المتأثرة.
خلال فترة الانتخابات، خاصة في الفترة التي تسبق الانتخابات مباشرة، يلاحظ زيادة في الطلب على بعض السلع الاستهلاكية مثل الطعام والمشروبات. يُعزا ذلك إلى الحملات الانتخابية التي تتضمن توزيع المواد الغذائية والمشروبات على الناخبين، وهو ما يعزز الطلب في الأسواق المحلية.
وتتطلب الحملات الانتخابية تنقل المرشحين وأعضاء الفرق الانتخابية إلى مختلف المناطق، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على خدمات النقل مثل الحافلات والتاكسي وزيادة تحركات الناخبين بين المناطق وداخل المناطق الانتخابية فيزيد الطلب على المشتقات البترولية وهذا من شأنه زيادة ايرادات الخزينة من الضريبة على المشتقات النفطية.
كذلك، تزداد الحاجة إلى خدمات الإعلان، بما في ذلك الإعلانات التلفزيونية والإذاعية، والإعلانات الخارجية مثل اللوحات الإعلانية. هذا يؤدي إلى زيادة في الطلب على خدمات الشركات التي تعمل في هذه المجالات.
كما ويلاحظ ارتفاع في الطلب على منتجات معينة مثل الأعلام والملصقات التي تستخدم في الدعاية الانتخابية، بالإضافة إلى زيادة الطلب على خدمات الطباعة والتصميم. كذلك، يمكن أن تشهد الخدمات المرتبطة بالفعاليات والحفلات (مثل تنظيم الاجتماعات والنشاطات الانتخابية) زيادة في الطلب.
ويعد قطاع الإعلانات والدعاية من أكبر المستفيدين خلال فترة الانتخابات. تتضمن الحملات الانتخابية تكاليف عالية للإعلانات في وسائل الإعلام التقليدية (مثل التلفاز والراديو) ووسائل الإعلام الرقمية (مثل وسائل التواصل الاجتماعي). كما تزداد الحاجة إلى خدمات الطباعة والتصميم للمواد الدعائية، مما يعزز نشاط هذا القطاع.
وخلال الحملات الانتخابية، يتطلب التنقل بين المناطق لتلبية متطلبات الحملة الانتخابية، كما ذكرنا، مما يزيد من الطلب على خدمات النقل. يشمل ذلك تأجير السيارات والحافلات، بالإضافة إلى خدمات التوصيل للمواد والمنتجات المستخدمة في الحملات الانتخابية.
قطاع التجزئة قد يشهد زيادة في الطلب على السلع المرتبطة بالدعاية الانتخابية مثل الأعلام، الملصقات، والملابس التي تحمل شعارات الحملات الانتخابية. بالإضافة إلى ذلك، يشهد قطاع الخدمات مثل تنظيم الفعاليات والحفلات زيادة في النشاط خلال فترة الانتخابات.
ومع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية، يصبح قطاع التكنولوجيا أحد القطاعات المتأثرة. تزداد الطلبات على خدمات التسويق الرقمي، تطوير المواقع الإلكترونية، وأدوات التحليل البياني، مما يعزز نشاط الشركات العاملة في هذا المجال.
ارتفاع الطلب على السلع والخدمات المرتبطة بالحملات الانتخابية يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الاستهلاك المحلي، ما يوفر دفعة قصيرة الأجل للنمو الاقتصادي. لكن، يجب ملاحظة أن هذا التأثير قد يكون محدودًا في الزمن ويعتمد على حجم الاستثمارات الإنفاقية خلال الانتخابات.
وفي بعض الأحيان، يمكن أن تؤدي الانتخابات إلى عدم الاستقرار الاقتصادي نتيجة للتغيرات السياسية أو الاقتصادية غير المتوقعة. قد تؤثر نتائج الانتخابات على الثقة في الأسواق وتؤدي إلى تقلبات في الاستثمارات والأسواق المالية، وهو ما يتطلب متابعة دقيقة للتطورات السياسية، بالرغم من استبعاد حدوثه في حالة الأردن.
وفي بعض الأحيان، وخاصة في الحكومات البرلمانية، وهي حالة لم نصلها في الأردن بعد، يمكن أن تؤدي النتائج الانتخابية إلى تغييرات في السياسات الاقتصادية، مثل تعديلات في سياسات الضرائب أو الإنفاق. هذا التغيير قد يكون له تأثيرات طويلة الأمد على الاقتصاد المحلي، بناءً على التوجهات الاقتصادية الجديدة التي يتبناها الفائزون في الانتخابات.
تُعد هذه الانتخابات خطوة مهمة نحو تحقيق الحكومات البرلمانية في المستقبل، حيث تمثل تمرينًا متقدمًا في الديمقراطية البرلمانية التي نسعى إلى تعزيزها في الأردن. إننا نشجع الشباب على خوض هذه التجربة والانخراط في العملية السياسية، ليس فقط كمرشحين ولكن أيضًا كمواطنين فاعلين يساهمون في بناء مستقبل الوطن. نحن متفائلون بأن هذه الخطوة ستكون ناجحة وستُسهم في ترسيخ أسس الديمقراطية وتفعيل دور البرلمان في تشكيل الحكومات المستقبلية.