بيع الفاكهة الصيفية.. فرصة موسمية تنعش موازنات أسر أردنية
الغد-عبد الرحمن الخوالدة
في كل موسم صيف، تجد الكثير من الأسر الأردنية “فرصة اقتصادية” لتحويل عطايا وبركات الأرض إلى مصدر رزق عبر بيع الفواكه الصيفية الموسمية التي تنمو في البساتين والمزارع، فيما يحولها البعض إلى مربيات وفواكه مجففة، ما يمكن من مضاعفة الدخل.
وعلى امتداد الطرق الرئيسية في المملكة، تنتشر خلال فصل الصيف العديد من “البسطات” الصغيرة التي تبيع وتعرض الفواكه الموسمية والمنتجات المتعلقة بها من مربيات وفواكه مجففة، فيما يمتد بيع هذه الفواكه والمنتجات إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وهنالك سلة واسعة من الفواكه الموسمية التي تنضج خلال فصل الصيف في الأردن منها (المشمش، الخوخ، الدراق، البرقوق، الكرز، التوت، الفراولة، العنب، التين، البطيخ والشمام)، إذ تتزين بها عادة واجهات محال بيع الفواكه وموائد الأسر، وما يفيض من هذه الفواكه على حاجة الاستهلاك، يتم تحويله إلى منتجات أخرى، ومنها المربيات والفواكه المجففة.
وتشير أحدث المعطيات الإحصائية التي جمعتها “الغد” من التقارير السنوية للإنتاج الزراعي لعام 2023 الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة إلى إنتاج الأردن سنويا نحو 230 ألف طن من الفواكه فقط.
وبلغ معدل البطالة في الأردن خلال الربع الأول من العام الحالي 21.4 %، مسجلا انخفاضا طفيفا قياسا بالفترة ذاتها من العام الماضي والذي بلغ حينها 22 %.
الفواكه الموسمية..
مصدر دخل رئيسي
بعد سنوات طويلة من انتظار الحصول على وظيفة، وجد قصي العويسات وزوجته بهيرة الجرادات، في الفواكه الموسمية مصدرا للدخل، من خلال عملهما في جمع وشراء الفواكه وتحويلها إلى مربيات وفواكه مجففة.
وبحسب الزوجين، أصبح بيع هذه المربيات مصدر الدخل الوحيد الذي تعتمد عليه الأسرة طوال العام.
وفي حديث لهما لـ”الغد” من مطبخهما الإنتاجي بمنطقة وادي الحماد في محافظة الكرك، أوضح العويسات وزوجته، أن جزءا من الفواكه التي يتم تحويلها إلى مربى يقطفانها من أرضهما، والجزء الآخر من خلال الشراء من المزارعين في المنطقة التي تكثر بها المزارع.
وتقول بهيرة “خلال أشهر فصل الصيف، يتم إنتاج المربيات من مختلف انواع الفواكه، إذ تنتج يوميا ما يتراوح بين 70 - 100 كيلو مربى، وتعتمد في عملية إنتاج المربى على “الحطب” كمصدر للوقود في طهو الفواكه”.
وتضيف “ما ينتج لدينا يتم تسويقه عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمعارف”؛ إذ إن مبيعاتهما من المربى وصلت في الفترة الأخيرة إلى خارج الأردن، إذ طلبت من بعض المغتربين الأردنيين في دول الخليج وكندا والولايات المتحدة وغيرها.
وبينت بهيرة أن أسعار المربيات لديها تتراوح بين 4 و5 دنانير، مشيرة إلى أن مربيات التين والسفرجل والتوت والمشمش هي الأكثر إقبالا من الزبائن.
وأوضح الزوجان أنه رغم توسع مبيعاتهما خلال الفترة الأخيرة، إلا أنه لم يسبق أن تم دعوتهما إلى أي من المهرجانات والمعارض المختصة في بيع المنتجات المحلية، لافتين إلى افتقاد محافظة الكرك لتنظيم هذا النوع من الأنشطة.
وأعرب الزوجان عن أملهما في التفات الجهات المسؤولة، كوزارتي التنمية الاجتماعية والزراعة، لإيجاد مظلة لتبني مشاريعهما وتسويقها وتقديم الدعم اللازم لهما، بما يتيح تحويل نشاطهما إلى مشروع اقتصادي حقيقي، موضحين أنه في حال توفير إمكانيات وأدوات إنتاجية أكبر يمكن أن ينتجا كميات أكبر وشراء فواكه من المزارعين بكميات أكبر، فضلا عن تشغيل أيد عاملة لديهما، بما يعود بالنفع العام على المجتمع المحلي في المنطقة.
فرصة لتحسين الظروف المعيشية
أما المزارع محمد محمود العياصرة فيقول “إن موسم الصيف لنا كمزارعين صغار فرصة جيدة لتحسين الظروف المعيشية مؤقتا”؛ حيث لديه مزرعة صغيرة مشجرة بالتوت، وهو من أبرز الفواكه المرتبطة بفصل الصيف محليا.
ويمارس محمد نشاطه التجاري في بيع التوت من خلال البيع المباشر من مزرعته في منطقة ساكب بجرش، وكذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
ويضيف محمد “أن الإقبال على شراء التوت لديه جيد، لكنه يأخذ زخما من الإقبال خلال فترة الرواتب الشهرية ونهاية الأسبوع”، وبحسبه، يتراوح سعر التوت بحسب أنواعه بين 1.5 - 3.5 دينار للكيلو.
وعلى الطريق الواصل بين محافظتي الزرقاء وجرش، تنتشر مئات البسطات والسيارات المتنقلة التي تبيع الفواكه الموسمية، وفي أحد جنبات هذا الطريق يأخذ المتقاعد محمد أبو علي من سيارته محطة بيع للفراولة والمشمش، ويؤكد أبو علي أنه يقلب أصناف الفواكه التي يبيعها على مدار أشهر الصيف، حيث في نهاية شهري نيسان (أبريل) وأيار (مايو) يبيع الفراولة والمشمش، أما خلال الأشهر المتبقية من الصيف فيبيع البطيخ والشمام.
ويشير أبو علي إلى أن بيعه للفواكه يؤمن له ولأبنائه الذين يعملون معه، مصدر دخل إضافيا، يعينهم على تأمين احتياجات البيت الإنفاقية المتزايدة من شهر إلى آخر.
الصيف.. فصل الخيرات
“فصل الصيف يحمل لي ولعائلتي الخيرات، وهو فرصة لتحسين وضع العائلة المعيشي”، هذا ما تقوله الخمسينية أم محمد التي اعتادت منذ سنوات عدة على بيع بعض الفواكه الموسمية في السوق الشعبي المحيط بمجمع رغدان.
وفي بيعها للفراولة والمشمش والعنب التي تقطفها من بعض الشجيرات المحيطة ببيتها في منطقة الضليل بالزرقاء، إضافة إلى الكميات التي تشتريها من المزارعين في المنطقة، يمكنها مساعدة زوجها في دفع أقساط الجامعة لابنتهما، إضافة إلى تحسين دخل العائلة.
وبحسب أم محمد، فإنها خلال فترة الصيف تبيع الفواكه الطازجة، في حين تحول الزائد من هذه الفواكه إلى مربيات تبيعها خلال فصل الشتاء.
التفكير خارج الصندوق للتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة
من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري، أن الظروف الاقتصادية الصعبة للعديد من الأسر تدفعها إلى التفكير خارج الصندوق واستغلال أي فرصة، لتحسين واقعها المعيشي وإيجاد مصدر دخل إضافي.
ولفت الحموري إلى أن موسم الصيف المعروف بوفرة الفواكه خلاله يمثل فرصة لهذه الأسر، مشيرا إلى أن الكثير من الأسر وجدت في الهبوط الحاد لأسعار الفاكهة لحظة مناسبة للاستفادة اقتصاديا من ذلك، من خلال تحويل الكثير من الفواكه غير المباعة إلى سلع ومنتجات ذات قيمة مضافة كالمربيات.
وطالب الحموري بضرورة مد الحكومة والجهات المعنية يدها إلى هذه الأسر، والأخذ بيدها لتحويل نشاطها هذا إلى مشاريع اقتصادية مستدامة ومشغلة، وذلك من خلال تقديم الدعم المادي واللوجستي لهذه الأسر، وإكسابها أساليب التسويق والترويج، وتخصيص أسواق بالمحافظة والأطراف لعرض منتوجاتهم.
كما طالب الناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما في مجال التغذية، بضرورة حث الجمهور لديهم على أهمية شراء فواكه الصيف والمنتوجات المتعلقة بها، وما تحمله من قيمة غذائية وصحية ضرورية.