أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-May-2023

بداية الحل الاقتصادي*سلامة الدرعاوي

 الغد

ليس من الصعوبة بمكان تشخيص مشاكل وتحديات الاقتصاد الأردني، فهي واضحة كوضوح الشمس منذ عقود، وهي ليست وليدة لحظة أو فترة معينة بقدر ما هي تراكمات عبر سنوات طويلة أدت إلى هذا المشهد.
وليس من السهل أيضاً أن تجد حلولاً واقعية سريعة للمشاكل والاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد، لكن بإمكان أي شخص أن ينظر، وأن يتحدث بالحلول الشكلية، دون أن يكون لها أساس في الواقع، لأن ببساطة الحلول التي يحتاجها الاقتصاد الأردني اليوم تتضمن تشابكات عالية من التعقيد والقلق المالي والأمني والاجتماعي، التي ما زالت الحكومات بلا استثناء عاجزة عن اتخاذها لنفس أسباب التشابك.
لكن الحل ليس مستحيلاً، بل يحتاج إلى خطوات تدريجية تبدأ بأصغر القضايا والأمور. فلا يعقل أن يكون هناك ثورة وتغيير على المشهد الاقتصادي الداخلي بين ليلة وضحاها، فالأمر يحتاج إلى ترو وإجراءات طويلة الأمد لإحداث التغيير المطلوب وتقليل تداعياته الأمنية والاجتماعية والاقتصادية في المدى القصير.
الأمر يحتاج إلى تدخلات رسمية وإرادة حكومية عالية في تنفيذ سلسلة من الإجراءات التي سيكون لها انعكاس مباشر على الأمن المعيشي للمواطنين، دون أن تكون لها تكلفة مادية بالشكل الذي يتصوره البعض. ومن أبرزها سيادة القانون في كل شيء، وهذا أمر أساسي لأي عملية إصلاحية، فهو في غاية الضرورة داخلياً وخارجياً معاً. فوجود قانون فوق الجميع والكل يخضع لسيادته يعد رسالة إيجابية وهو نقطة وركيزة أساسية لتحسين بيئة الأعمال وجعلها نقطة جذب لأي مستثمر.
تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتحديداً في ثلاثة قطاعات رئيسة هي الصحة والتعليم والنقل، فجميع المرافق موجودة، لكنها تدار بعقلية إدارية استنزفت الموارد المالية، وأدت إلى تراجع مستويات الخدمات؛ مما أثار استياء الشارع تجاه الوضع العام. وهذا الأمر يتطلب تغييراً في القوى البشرية التي تدير هذه المرافق، ويحتاج إلى محاسبة وتقييم ونظام حوافز ودعم للموظفين الناجحين والمبدعين، ورفع الحصانة غير المباشرة عن الفاشلين إدارياً كما هو الحال اليوم.
حماية القطاع الخاص من أشكال التغول على قراره وشؤونه بأشكال اعتداء سافرة من قبل بعض فعاليات المجتمع المختلفة. والاعتداء ليس مباشراً بقدر ما هو متعلق بجهاز إداري رسمي يتعامل معه بشكل لا يحقق الهدف الأساسي من أي عملية إصلاحية في الاقتصاد، ويتعاملون بندية وليس ضمن مفهوم الشراكة التنموية. فالتعاطي الإداري مع القطاع الخاص في كثير من الأشكال منفر له في الوقت الذي تتغنى الحكومات بالقطاع الخاص ودوره، إلا أن الواقع يشير لممارسات فعلية واقعية تتنافى وتتعارض مع الخطاب المنفتح.
لا يعقل أن تبقى بعض مظاهر الاعتداء على القطاع الخاص بكافة أشكاله التي يعاني منها يومياً في تعاملاته مع بيروقراطية سلبية تعطل الإنتاج والتنمية، ثم نأتي لنقول: أين دور القطاع الخاص في النهوض بالواقع الاقتصادي في المملكة؟ وهنا لا بد من التأكيد على أهمية السير في مشروع الأتمتة الوطني لكافة الأعمال الرسمية والخدمية، لتقليل تعقيدات الجهاز البيروقراطي وفهمه للقوانين والأنظمة.
توسيع القاعدة الإنتاجية في الاقتصاد، وهذا لا يتحقق إلا بمزيد من الجهود المبذولة لتسهيل الاستثمار ودخوله فعلياً في الاقتصاد الذي هو بأمس الحاجة للاعبين استثماريين جدد في هيكله، لكي يكون هناك قدرة توظيفية عالية خارج الإطار التقليدي المعمول به الآن.
المرتكزات الأربعة السابقة من فرض سيادة القانون وتحقيق العدالة وتحسين الخدمات وإصلاح الجهاز الإداري الرسمي، بالإضافة إلى توسيع الاستثمار، ستكون أولى خطوات الإصلاح الشامل، وستؤسس لمسيرة إصلاحية حقيقية بدعم من الجميع حينها.