أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-Nov-2021

إلى أين تذهب نفايات لقاحات كورونا؟

 الغد-فرح عطيات

داخل غرفة صغيرة أشبه بمستودعٍ للخردوات، والأجهزة الكهربائية التالفة، تُخزن نفايات لقاحات كورونا في أحد المراكز الصحية الشاملة الحكومية، الواقعة في العاصمة عمان، ولمدة تصل لنحو أسبوع تقريباً.
 
وفي تلك الغرفة المتواجدة بالقرب من مدخل المركز الخلفي، تكاد تكون الإنارة والتهوية فيها شبه معدومة، إذ لم ترصد كاميرا “الغد” وجود أي شباك، أو أجهزة تبريد، كما اشترطت تعليمات إدارة النفايات الطبية بما فيها مخلفات لقاحات كورونا، الصادرة عن وزارة الصحة عام 2001.
 
وفي رصد لـ”الغد” كشفت الكاميرا مخالفات بالجملة في عملية تخزين مخلفات المطاعيم، وبصورة اعتبر خبراء أنها تهدد صحة وبيئة الأردن. يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه أعداد الملقحين ضد فيروس كورونا، وترتفع معه حكماً نسبة المخلفات المعدية والحادة، ما يستوجب التخلص منها بطرق صحيحة وآمنة تحمي الإنسان والبيئة.
 
ويظهر أن طريقة التخزين في عدة مراكز صحية زارتها “الغد”، تخالف المادة الخامسة من تعليمات إدارة النفايات الطبية التي توجب أن “يتناسب حجم ومساحة موقع التخزين مع كمية المخلفات المنتجة، ودورية نقلها إليه، وأن تكون الأرضية منشأة من مادة صلبة، وملساء سهلة التنظيف، والتطهير، ومخدومة بنظام تصريف صحي جيد، وأن تكون الإضاءة والتهوية جيدة، ومحمية من أشعة الشمس، وعوامل المناخ، مع كفالة منع دخول الحيوانات، والطيور، والحشرات إليها”.
 
ورغم تشديد التعليمات في البند ذاته بأن “لا تزيد مدة التخزين على 48 ساعة في فصل الشتاء، وعن 24 ساعة في فصل الصيف، ما لم يكن المكان مبرداً”، لكن واقع الحال مختلف في هذا المركز، وبعض المراكز الأخرى التي زارتها “الغد” إذ تتكدس نفايات لقاحات كورونا في المخازن لمدة تصل لنحو أسبوع تقريباً، حتى يحين موعد تسليمها للجهة صاحبة الاختصاص للتخلص منها، وفي وحدات المعالجة التابعة لوزارة الصحة.
 
والمخالفة هذه، إلى جانب تلك المتعلقة بتخزين نفايات لقاحات كورونا كانت ذاتها، التي رصدتها كاميرا “الغد” في أحد المراكز الصحية الأخرى، الواقعة في عمان، فداخل غرفة مرحاض صغيرة، ذات تهوية وإضاءة منخفضة، وغير مبردة، تُخزن أكياس صفراء تحوي هذه المخلفات المعدية، والحادة، إلى جانب معدات التنظيف.
 
وتتكدس هذه الأكياس، بطريقة عشوائية، ودون ترتيب، في وقت يتم فيه وضع الإمبولات الفارغة للقاحات، وبأنواعها المختلفة (فايزر، سبوتنيك، أسترازينكا، سينوفارم)، داخل عبوات كرتونية مفتوحة السقف، وذات أحجام مختلفة، محفوظة في خزانة خشبية منفصلة تتواجد في الغرفة المخصصة لتطعيم المواطنين.
وفي بند يتعلق بالنفايات الطبية الحادة، شدد دليل فرز النفايات الطبية، الذي أعدته وزارة الصحة، الذي حصلت “الغد” على نسخة منه، على “ضرورة أن توضع داخل عبوة بلاستيكية ذات غطاء محكم متينة، وغير مسربة”.
 
ومن الأمثلة على هذه المخلفات “الشفرات، والإبر، والمشارط، والأمبولات الفارغة، والدبابيس، والخيوط الجراحية، ومحاقن المطاعيم المستعملة الفارغة مع الإبرة، وقطع الزجاج المكسور، وغيرها”.
كما أن ذلك يخالف تماماً ما نصت عليه الإرشادات المؤقتة “للتطعيم ضد فيروس كوفيد- 19 التجهيز، والإرشاد اللوجستي”، الصادرة في شباط (فبراير) الماضي عن منظمتي الصحة العالمية، واليونيسف، التي قضت بأن “يتم التخلص من قوارير اللقاح المستعملة، وغير المفتوحة، والتي انتهت صلاحيتها، أو تعرضت للحرارة، عبر وضعها في كيس أحمر، أو حاوية لمواد المخاطر البيولوجية”.
ويجب أن “تغلق الحاويات قبل نقلها الى موقع التخلص النهائي من النفايات، مع اتباع الارشادات الوطنية، وقانون الحكومة المحلية في هذه العملية”.
 
ورغم ما جاء في هذه الإرشادات، لكن ما يجري في مركز صحي ثالث، يقع كذلك في العاصمة عمان، يخالف نصوصها، اذ توضع الإمبولات الفارغة للقاحات، في كيس أبيض، وعبوات كرتونية بأحجام مختلفة، لتُخزن في نهاية الأمر، داخل غرفة تتواجد في كراج السيارات، إلى جانب المخلفات الأخرى الطبية الحادة، وتلك التي تندرج تحت النفايات المنزلية، والملقاة في أكياس سوداء مخصصة لهذا النوع.
 
وتتزايد هذه المخلفات نتيجة ارتفاع أعداد المطعمين في الأردن (من فيروس كورونا)، والتي زادت على 4.1 مليون ممن تلقوا الجرعة الأولى، و3.7 ممن تلقوا الجرعة الثانية، في حين بلغ عدد الحالات التراكمي 336 ألفا (حتى إعداد هذا التقرير)، وفق إحصائية كوفيد- 19، المنشورة على موقع وزارة الصحة.
ولم تتمكن “الغد” من الحصول على حجم النفايات الطبية المتولدة سنوياً في الأردن، من أجل الاستدلال على نسب مخلفات لقاحات كورونا، وذلك بعد أن رفضت وزارة الصحة الإدلاء عن أي “أرقام وإحصائيات في هذا الشأن”، بحجة أنها معلومات “حساسة لا يمكن الإفصاح عنها”.
 
عاملون لا يتقيدون بمعايير الصحة والسلامة المهنية
والمخالفات التي رصدتها “الغد” خلال جولاتها الميدانية لمراكز، لم تقف عند حد تخزين نفايات لقاحات كورونا، بل تعدت الى قيام أحد العمال في مركز صحي شامل رابع، يقع كذلك في العاصمة عمان، بحمل أكياس النفايات المعدية، والطبية الحادة، من أماكن تخزينها، ودون ارتداء أدوات الحماية الشخصية من قفازات، وكمامات، وأرواب طبية ذات الاستخدام الواحد، لإلقائها في سيارات نقل النفايات الخطرة، التابعة لوزارة الصحة.
 
وينافي ذلك الأمر ما نصت عليه المادة العاشرة من تعليمات ادارة النفايات الطبية على أن “يقوم جميع العاملين في تداول النفايات الطبية باستخدام معدات الوقاية الشخصية مثل ملابس العمل، والقفازات، والكمامات الواقية، وأحذية السلامة المناسبة، مع المحافظة على سلامتها، وصيانتها بشكل دوري”.
 
ولا بد، بحسب نص المادة ذاتها، أن “يمسك العامل بالجزء الأعلى من كيس النفايات عند حمله، دون أن تضم هذه الأكياس الى الجسم (الحضن)، أو أن لا تمسك بالأيدي من الأسفل”، وهو ما رصدته كاميرا “الغد” كذلك، إذ قام العامل بإلقاء الأكياس داخل السيارة، التي كان يحمل بعضها من الأسفل، ليضعها بكلتا يديه العاريتين من القفازات.
 
نهاية رحلة فرز وتخزين النفايات
وتتجه هذه السيارات الخاصة بنقل النفايات الخطرة، مرة كل أسبوع، وأحياناً مرتين، وبناء على طلب تتلقاه من المركز الصحي، في حال ارتفعت أعداد أكياس مخلفات لقاحات كورونا، الى وحدات المعالجة بالتعقيم (الإوتوكلاف) التابعة لوزارة الصحة، حيث يبدأ العمال هنالك، بإفراغ محتوياتها، ومن ثم توزين كل كيس على حدة، قبل وضعه في حاوية صفراء كبيرة، بحسب ما رصدته كاميرا “الغد”.
ومن بعد تلك الخطوة، تؤخذ الحاويات الى مكان تواجد جهاز التعقيم، الذي تبدأ دورته أوتوماتيكياً، بالضغط من قبل العامل على زر تحميل الحاوية في الشاشة الرقمية، وصولاً الى الانتهاء من كافة المراحل وهي الفرم، والتسخين، والتعقيم، والتبريد، والصرف، وسحب البخار، والتفريغ.
 
تهديدات بيئية نتيجة سوء إدارة مخلفات كورونا
وكما يبدو، لا يلقي المتعاملون مع مخلفات لقاحات كورونا بالاً للمخاطر البيئة الناجمة عن سوء تخزينها، والتعامل معها بمراحلها المختلفة، وعلى رأسها تهديد ما يسمى “بالأمن البيولوجي، الذي يشير إلى التدابير الهادفة لمنع إدخال، و/ أو انتشار الكائنات الضارة مثل الفيروسات، إلى الحيوان أو غيره، وتالياً تقليل مخاطر انتقال مرض معد للأشخاص”، وفق أستاذ مساعد في قسم إدارة الأراضي والبيئة، في كلية الأمير حسن بن طلال للموارد الطبيعية والبيئية، في الجامعة الهاشمية الدكتورة جوان العبيني.
 
وبينت العبيني، لـ”الغد” أن “التحورات الجينية لفيروس كورونا، في حال انطلاقها للبيئة بطرق مختلفة، فإنها ستؤدي الى توسيع قاعدة العائل (أو المضيف، وهو كائن حي يؤوي ضيفاً طفيلياً، أو متعايشاً، أو متكافلاً، وعادة ما يزود الضيف بالغذاء والمسكن)، مما يشكل خطراً كبيراً على التنوع الحيوي، مثل الحيوانات، التي قد تصبح ناقلاً للأمراض الوبائية للإنسان”.
ولفتت الى أن “تزايد أعداد الملقحين ضد فيروس كورونا، ترتفع معه حكماً نسبة المخلفات الطبية المعدية، والحادة، والتي تصنف ضمن النفايات الخطرة، لذلك لا بد من العمل على تعقيمها، والتخلص منها بطرق صحيحة، لضمان القضاء على أي فيروسات حية كانت متواجدة فيها”.
 
وبينت أن “هنالك أدلة إرشادية وضعت لهذه الغاية من قبل وزارة الصحة، والتي عممت على المراكز الصحية، والمستشفيات التي تقدم خدمة التطعيم للمواطنين ضد فيروس كورونا”.
وأشارت الى أن “المعالجة الحرارية تعد واحداً من الأساليب المتبعة في التعامل مع النفايات الطبية الخطرة، اذ يتم أحيانا استخدام المحارق، أو التعقيم البخاري (الإوتوكلاف)”.
 
وشددت على أن “متابعة كافة مراحل عملية التخلص من نفايات التطعيمات تحتاج الى جهد وطني حثيث، ومكثف منعاً لحدوث أي مخالفات قد ترتكب من قبل عاملين في المراكز، أو غيرهم، لتسبب معها أضرارا في البيئة والصحة”.
 
سوء التخزين: تحذيرات صحية من العواقب الوخيمة
وحذر الخبير الوبائي الدكتور عبد الرحمن المعاني من “عدم اعتماد البروتوكولات، والتعليمات الخاصة بالتعامل مع نفايات لقاحات كورونا، وعلى رأسها المتعلق بالتخزين، والفرز والتجميع، لما سينتج عن ذلك من عواقب وخيمة صحية قد تطال الكوادر الطبية المقدمة لهذه الخدمة، أو المواطن، أو المرضى والمراجعين، وكذلك العاملين في المراكز الصحية”.
ولفت المعاني لـ”الغد” إلى أن “مخلفات التطعيمات، وعلى رأسها إبر الحقن، قد تكون محملة بأنواع مختلفة من الفيروسات، بعد أن يتم إخراجها من جسم متلقي المطعوم، لكونه من الصعب الاستدلال على التاريخ الطبي للمواطنين، وإن كان أحدهم مصابا، أو أصيب بأمراض معدية سابقاً، أم لا”.
ولكن الخوف الأكبر، برأيه “ينتج عما يسمى بالفيروس الصامت لكورونا، الذي لا تظهر أي من أعراضه على المريض، ولا يمكن ملاحظتها من قبله، أو من الكادر الصحي، وهؤلاء نسبتهم كبيرة جداً”.
 
ويبرر المعاني تخوفاته بأن “هذا الفيروس وبعد أن يتلقى أي مصاب به مطعوم كورونا، فإن إبر الحقن، والإمبولة المستخدمة، ستصبح حكماً ملوثة بنفس المرض، وستنقل بالتالي العدوى لغيره ممن يتعاملون مع هذه المخلفات من الكوادر الصحية، أو حتى المواطنين الآخرين المتواجدين في المركز في حال ملامستهم لها”.
 
ومن المخاطر الأخرى، التي حددها المعاني بأن”الفيروسات التي تحملها المخلفات تبقى على الأسطح لفترة وجيزة، لذلك يتم الطلب من الكوادر الطبية الالتزام بارتداء وسائل الوقاية الشخصية لحمايتهم من أي عدوى”.
وأضاف أن “إساءة تخزين هذه النفايات، ووضعها في أماكن غير صحية، أو يتواجد فيها أي أدوات أخرى، فإن الفيروسات ستنتقل اليها بصورة مباشرة لكونها ملامسة لها”.
 
وانتقد المعاني “قيام مراكز صحية، بالاحتفاظ بمخلفات التطعيمات لمدة تزيد على 48 ساعة، مخالفة بذلك تعليمات إدارة النفايات الطبية، والذي يعد مؤشراً صحياً خطيراً، حيث لا بد من إتلافها خلال فترة قصيرة، تفادياً لأن تتحول هذه الأماكن الى بؤر لنقل العدوى الفيروسية المختلفة”.
 
مخالفات حقوقية جسيمة تطال الصحة والبيئة
وبحسب ما جاء في تقرير حقوق الإنسان والبيئة، وجائحة “كوفید- 19″، الذي أعده برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والأمم المتحدة لحقوق الإنسان في وقت سابق فإن “الاستجابة لجائحة كورونا ساهمت في زيادة استخدام الإمدادات الطبية، بما في ذلك مجموعات أدوات الاختبار، ومعدات الوقاية، ومستلزمات التغلیف/التوصیل، مثل المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد”.
 
ولطالما كانت المجتمعات الأكثر فقراً، وضعفاً وتهميشاً، والتي لا تتوافر لھا إمكانية الوصول إلى إدارة النفايات أو البنية التحتية للصرف الصحي، تعد الأكثر تضرراً بالآثار الثانوية التي تلحق بالصحة، وسبل كسب العیش.
وهذا ما أكده الرئيس التنفيذي لمنظمة “محامون بلا حدود” المحامي صدام أبو عزام الذي أكد أن “النفايات الطبية تشكل خطراً عاماً، والتي تعتبر المطاعيم جزءا منها، لكونها تمس بمنظومة حقوق الإنسان من أكثر من جهة، وفي أكثر من حق، وعلى رأسها حق الانسان في بيئة سليمة، والحق في التمتع بالصحة”.
 
ومن وجهة نظره “قد تمس هذه النفايات بحق الانسان في الحياة نتيجة عدم التخلص منها بالطرق السليمة، والآمنة، والتي تودي بحياة الافراد نتيجة التعرض لأي إشعاعات صادرة عنها، أو في حال لمسها، أو عبر أي أشكال من الاحتكاك غير الآمن”.
كما أن “تقرير مقرر الأمم المتحدة المعني بالآثار الضارة لنقل، والقاء المنتجات، والنفايات السمية، والخطرة على التمتع بحقوق الانسان، أشار الى حدوث العديد من الوقائع التي أودت بحياة الأفراد حصلت في البرازيل، والجزائر، والمغرب، والمكسيك”، بحسبه.
وأشار الى أن “النفايات الطبية لها عدة أشكال منها النفايات الملوثة بأمراض معدية، والأدوات الحادة، والإبر والمخلفات الكيميائية، والصيدلانية، والزئبق، فضلا عن غازات الديوكسين”.
 
“ولعل المطاعيم ومخلفاتها تقع ضمن هذه الأنواع لكونها تُسهم في انتشار العدوى، أو أن لها آثارا غير مباشرة أخرى”، بحسب قوله.
وحذر من “عدم الإتلاف الآمن لهذه النفايات، لما من شأنه أن يمس بحق الافراد، والكوادر الطبية، في حال لم تتوفر ظروف عمل مأمونة تتفق مع أسس، ومعايير السلامة المهنية، وهذا ينطبق على العاملين في المستشفيات ومن يتولون عملية إتلاف هذه المواد”.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، فبرأيه أن “تلك الخطوة تمس بحق الأفراد بالتمتع في مستوى معيشي لائق، حيث أن المرافق الصحية تقع في وسط المدن، والأرياف، وربما الإتلاف الخاطئ قد يؤثر على مجاري المياه، وفي انبعاث الغازات، وتدفقها في وسط الأحياء”.
وشدد على أن” انعدام توفر خطط وطنية واضحة لتصريف النفايات الطبية يلحق بالغ الضرر بمصادر المياه السطحية، وقد يتسلل إلى الجوفية مع مرور الزمن”.
 
وعلى الرغم من خطورة النفايات الطبية “إلا أنه لهذه اللحظة لا يوجد إطار تنظيمي دولي متخصص بهذا النوع من المخلفات، يحدد مسؤوليات كافة الأطراف فيها سواء الحكومات، أم القطاع الخاص، أم الكوادر، وغيرهم”. إلا أن العديد من الاتفاقيات البيئية أشارت لـ “النفايات الخطرة بشكل عام دون التركيز على النفايات الطبية، ومنها اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل المخلفات الخطرة، والتخلص منها عبر الحدود، وكذلك اتفاقية استوكهولم الخاصة بحماية الإنسان من الآثار الضارة للملوثات العضوية الثابتة”، تبعا له.
وأكد أبو عزام أن “قانون الصحة العامة لم يشتمل على أدوات، ونصوص تشريعية خاصة بذلك، وإنما اكتفى بالصياغات العامة المبهمة، والتي تظل المسؤولية حيالها غير واضحة”.
 
ورغم تطوير تعليمات إدارة النفايات، ولكن هذا الإطار التشريعي، ومن وجهة نظره “ذو طابع تقليدي شابه العديد من أوجه القصور، والخلل من حيث ترخيص، وتنظيم مراكز الإتلاف، وشروطها، وتحديد الأجهزة الواجب استخدامها في كل نوع من الأنواع”.
ونوه إلى أن “قانون حماية البيئة لم يحتو على تنظيم خاص متطور في هذا المجال، الأمر الذي يترتب عليه العديد من الممارسات العملية الضارة، والخطرة على حياة الأفراد، وصحتهم، وبيئتهم، كما شهدنا في عمليات إتلاف المطاعيم”.
ودعا إلى “ضرورة تعريف النفايات الطبية بشكل واضح، ليشمل كافة الأشكال، وتحديد واجبات، ومسؤوليات، ومهام كل طرف من الأطراف ذوي العلاقة، وآلية الرقابة، والمتابعة، والتقييم”.
 
كما وحث على “أهمية تحديد الجهة الوطنية المعنية بذلك، ووضع الجزاءات الرادعة على المخالفين، وأن يتم وضع خطة وطنية شاملة للتخلص الآمن من النفايات الطبية لضمان تصريف النفايات الطبية، والتخلص منها دون مساس بحقوق الإنسان”.
ووفق المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فإن “الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمى هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً”.
 
كما وتنص المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بأنه “تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه، وعليها كذلك، تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية، والوقاية من الأمراض الوبائية، والمتوطنة، والمهنية، وعلاجها ومكافحتها”.
 
صحة البيئة: تعليمات لإدارة النفايات الطبية
 
وحسب تعليمات إدارة النفايات الطبية فإن “مديرية صحة البيئة تعد الجهة الرقابية على كافة المخلفات الطبية المتولدة من مختلف المنشآت العامة، والخاصة، وفي أنحاء المملكة”، بحسب مدير المديرية التابعة لوزارة الصحة د.أيمن المقابلة.
 
وبناء على ذلك، وبحسبه، “تعمل فروع مديرية صحة البيئة المتواجدة في محافظات المملكة، بجمع النفايات الطبية، وعبر سيارات مبردة ومخصصة لهذه الغاية من المراكز، والمستشفيات التي تقدم خدمة التطعيم ضد كورونا”.
 
ونوه الى أن “وزارة الصحة كانت قد طرحت في وقت سابق عطاءات تشغيلية للتعامل مع النفايات الطبية، والتي أحيلت الى شركتين من القطاع الخاص تتولى الآن مهمة تنفيذ كافة مراحل الجمع، والتخلص من هذه المخلفات”.
وشدد على أن “النفايات المتولدة من التطعيمات يتم تخزينها في أماكن تتراوح درجة الحرارة فيها بين 2 الى 8 درجة مئوية، وحسب المواصفات العالمية المعمول بها حالياً”.
 
وأما ما يتعلق بآلية التخلص من نفايات التطعيمات المعتمدة في وزارة الصحة منذ عام 2015، فإنها “تنحصر فقط بأجهزة الأوتوكلاف، بحيث يتم فرمها وتعقيمها، لضمان أن تكون صديقة بالبيئة”.
 
وشدد على أن “فرز النفايات يعتبر من الخطوات المهمة جداً في عملية حماية العاملين من الإصابة بأي عدوى، ابتدء من أدوات الوقاية الشخصية، وصولاً الى تلك المستخدمة في عملية التطعيم، وعبر اتباع بروتوكول محدد، تم توزيعه على الكوادر الطبية العاملة في القطاعين العام والخاص في وقت سابق”.
 
وأكد أن “الأردن من الدول المتقدمة في المنطقة، التي نجحت في التعامل مع النفايات الطبية المتولدة من الاستجابة لكوفيد- 19، ووفقاً للبروتوكولات العالمية”.
 
وفي شأن الإشراف على المتعاملين مع نفايات التطعيمات، أشار المقابلة الى أن “ضباط الارتباط التابعين لمديرية صحة البيئة، والعاملين في المحافظات، وبعد تلقيهم التدريبات المطلوبة، يقومون بمراقبة العمل على ارض الميدان بشأن التعاطي مع كافة مراحل عملية جمع، وفرز، والتخلص من نفايات التطعيمات”.
 
ولم ترد أي شكاوى للمديرية، وفق المقابلة “بشأن إساءة إدارة، أو التعامل مع نفايات التطعيمات، التي ارتفعت نسبها تدريجيا خلال الفترات الماضية”.
وخصص دليل فرز النفايات الطبية، الذي أعدته وزارة الصحة، آلية محددة للتعامل مع هذا النوع من المخلفات كلاً حسب تصنيفه، وشدة خطورته.
 
ووفق ما جاء فيه، لا بد أن يتم “وضع النفايات الطبية المعدية، باستثناء تلك المتولدة عن مرضى مصابين بأمراض شديدة العدوى، في أكياس صفراء، داخل حاوية معدنية، أو بلاستيكية ذات غطاء”.
ومن الأمثلة على هذا النوع من المخلفات “القفازات الطبية، القطن، الشاش، الشراشف التي تستعمل لمرة واحدة والمشبعة بالدم، فضلا عن المحاقن بدون إبر، وبلاستيك الكانيولا، وتيوب وكمامة الأكسجين، وغيرها”.
 
على أن تلك التي تصنف على أنها “نفايات طبية شديدة العدوى، فإنها تجمع داخل كيس أحمر في حاوية معدنية، أو بلاستيكية ذات غطاء، من بينها النفايات الناتجة عن أجنحة عزل المرضى المصابين بأمراض خطيرة، و/ أو شديدة السراية، مثل تلك التي تنقل بالملامسة أو الرذاذ، وغيرها”.
 
وتعتبر “وسائل الوقاية الشخصية غير الملوثة بسوائل الجسم، والنفايات الطبية المعالجة بالتعقيم، والمحاقن دون إبر، وغيرها، من الأمثلة على النفايات المنزلية، التي يجب أن توضع داخل كيس أسود في حاوية معدنية، أو بلاستيكية ذات غطاء محكم”.
 
لا شكاوى حول سوء تخزين أو التعامل مع نفايات اللقاحات
 
ويقتصر دور وزارة البيئة بشأن التعامل مع نفايات التطعيمات في الإشراف والرقابة، بحيث يقع على عاتق وزارة الصحة مسؤولية إدارة النفايات الطبية الخطرة، وفق مديرة مديرية المواد الخطرة والنفايات بوزارة البيئة هاجر مصطفى.
ولفتت الى أن “النفايات الطبية المعدية إما أن يتم معالجتها من خلال المحارق، أو أجهزة الأوتوكلاف التابعة لوزارة الصحة، والموضوعة داخل عبوات كرتونية مخصصة، من قبل المراكز الصحية”.
 
ولكن، وبحسب مصطفى فإنه “وفي حال حدوث أي مشكلة في وحدات المعالجة تلك، فإنه يتم توريد النفايات الى المنشآت التجارية المخصصة من قبل وزارة البيئة، والتي تمتلك مثل هذه الأجهزة”.
 
وبينت أن “وزارة البيئة تتواصل مع مديري الصحة البيئيين في كافة محافظات المملكة لمتابعة إجراءات التخلص من النفايات، وإن كان هنالك شكاوى في هذا الصدد”.
 
لكنها أكدت “عدم ورود شكاوى حول الإساءة في التعامل مع هذه المخلفات من قبل موظفي المراكز الصحية المعنيين، سواء ما يتعلق منها في عملية الجمع أو التخزين، أو غيره”.
 
أنجزت هذه المادة ضمن مشروع دعم حرية الإعلام الذي ينفذه مركز حماية وحرية الصحفيين بالتعاون مع ((NED))