الراي
ثمة فرق كبير بين الهجرة بلا عودة وبين العمل خارج البلاد، والأخيرة يجب أن تحظى بتشجيع لارتباطها بتحسين المستوى المادي وحوالات العاملين بالخارج لدعم الأسر وتحريك الاقتصاد وإن شئت الاستثمار.
هل ترغب بالهجرة؟.
هذا السؤال المعلق لم يعد يطارد مئات الشباب ممن يفكرون اليوم في الهجرة ويأخذونها على محمل الجد. ترتبط الرغبة في الهجرة بظروف اقتصادية أو الرغبة بالحصول على جنسية اخرى أو الرغبة بحياة في بيئة أفضل لكن الرغبة في العمل بالخارج ترتبط فقط بتحسين المستوى المادي.
ليس هناك مشكلة في الرغبة بالعمل خارج البلاد حيث يصقل الشباب بخبرات أفضل، لكن المشكلة تقع عندما تشمل الهجرة الأدمغة والخبرات التي تحتاجها البلاد، وهو ما يفتح الباب أمام نقاش عريض حول معدلات الأجور والرواتب فابي من المعقول ان تلزم الشركات نفسها بالحد الادني للاجر ما الذي يدفع الشباب الى التفكير بالهجرة حتى إستدانة المال لتنفيذها, بالتأكيد الأوضاع الإقتصادية الطاردة وقلة فرص العمل وتدني الدخل.
ليس جمهور المهاجرين أو الراغبين في الإقدام على هذه الخطوة من طبقة غير المتعلمين, بل أن خيرة العقول والكفاءات الأردنية هي التي تسكنها هذه الفكرة، ويعملون على تنفيذها مثل حلم كان يراود كثيرا من الشباب الذين اعتدنا على رؤيتهم يصطفون في طوابير أمام السفارات طلبا لتأشيرة أو هجرة, لكن الطموح في أوضاع أفضل كان دافعهم, بيد أن مهاجري اليوم فإن البحث عن فرصة في مكان ما هو الدافع الوحيد.
هناك شريحة واسعة من الشباب لم يغادروا الأردن طلبا للرزق أو لفرصة فقط, وأسبابهم ليست مادية فقط, بل إن بعضهم كان سيفضل دخلا مقبولا.
لماذا تهاجر بعض الكفاءات الأردنية الى الخارج..! لا أتحدث هنا عن الكفاءات الذين تطلب خبراتهم دول الجوار. ولا أعني اولئك الخريجين الجدد من المبدعين في تحصيلهم العلمي ممن انضموا الى صفوف العاطلين قبل ان يظفروا بفرصة عمل في الخارج.
ولا اتحدث عن اولئك الذين تركوا اعمالهم بحثا عن فرص عمل لتحسين مستواهم المعيشي. انما اعني بالسؤال اولئك الذين بلغوا مراتب وظيفية مميزة ومستوى دخل مناسب في مختلف مؤسسات الدولة لكنهم تركوها فجأة وتركوا معها كل شيء. امالهم وطموحاتهم وفضلوا أن يحققوا ذاتهم في بلاد الاغتراب.
ليست هذه الشريحة فقط، فلا يكاد يمر يوم الا ونسمع فيه عن تأسيس أردنيين لشركات في الخليج أو في أوروبا وحتى أميركا وكندا وغيرها من الدول، فهجرة رجال الأعمال هي الأسوأ وأسباب هجرة المستثمرين الأردنيين الى أسواق أخرى باتت معروفة وإستثماراتهم التي تكبر في بلاد الإغتراب و تحمل وسائل الإعلام أنباءها بين فترة وأخرى تدل على فداحة خسارتنا.
بظني أنه يجب تشجيع الشباب على العمل خارج الأردن، فمن ناحية هم يكتسبون خبرات تعود بالنفع عليهم وعلى بلدهم مستقبلا ومن ناحية يرفدون حوالات المغتربين بمزيد من الأموال التي ختامها البلاد والتي تمثل البند الثاني بعد الدخل السياحي
يقطع الشباب المسلح بالعلم والمهن نصف المدة التي قد تستغرقهم في بلدهم لتحقيق اهدافهم في الارتقاء المهني وفي حياة افضل، ليس لسبب انما فقط لان متوسط الدخل هنا اقل كثيرا من بلدان الهجرة.