أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Mar-2023

تغيير أولويات الدول المانحة وراء تقلص مخصصات الأزمة السورية

 الغد-عبد الرحمن الخوالدة

حذر خبراء من استمرار تدني حجم الدعم المالي الذي يقدمه المجتمع الدولي لصالح الدول المستضيفة للاجئين في ظل تغير أولويات الدول المساعدة مع توالي الأزمات المتعددة في السنوات الأخيرة.
ويؤكد الخبراء أن تبعات جائحة كورونا ومن ثم موجات التضخم وآثار الحرب الروسية الأوكرانية والهزة المالية الأخيرة بدل الأولويات ما جعل كثيرا من الدول مشغولة بنفسها تماما.
ودعا هؤلاء الحكومة إلى ضرورة بذل جهود دبلوماسية كبيرة لحث وإقناع المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته الإنسانية واستمرار دعم الأردن وزيادة حجم هذا الدعم إضافة إلى ضرورة إبراز الدور الإنساني الذي يقدمه الأردن إلى جانب ممارسة الشفافية والوضوح حول استخدام هذه المساعدات وإنفاقها.
ولفتوا إلى أهمية تشجيع اللاجئين السوريين الذين يناهز عددهم 1.3 مليون في الأردن للعودة إلى بلادهم بعد أن بدأت الأوضاع هنالك في الاستقرار سياسيا وأمنيا إلى جانب أهمية مطالبة الولايات المتحدة بتعويضات عن الضرر الذي تسبب به قانون قيصر على الاقتصاد الأردني والذي يمنع الدول من إقامة علاقات تجارية مع سورية أو على الأقل منح الأردن استثناء منه.
وتذبذب حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية خلال السنوات الماضية، وبقي بعيدا عن أرقام عام 2019 والذي بلغ خلالها حجم التمويل نحو 1.211 مليار دولار من أصل 2.4 مليار دولار بما نسبته 50.4 % وبعجز بلغ 1.189 مليار دولار من حجم تمويل الخطة.
ويشار إلى أن نسبة التمويل هذه قد وصلت خلال عام 2020 34.7 % فقط من حجم الخطة المقدرة بـ 2.24 مليار دولار، حيث تم الالتزام فقط بنحو 781 مليون دولار منها، في حين بلغ في عام 2021 حجم تمويل الخطة 744.4 مليون دولار، من أصل 2.432 مليار دولار، وبنسبة تمويل 30.6 %، وكان قد بلغ حجم التمويل لمتطلبات خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية خلال العام الماضي نحو760.3 مليون دولار، أي ما نسبته 33.4 %، من حجم تمويل متطلبات الخطة والبالغة 2.276 مليار دولار.
وكان من الملاحظ في بيانات وتفاصيل تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية خلال العام الماضي تدني المخصصات الموجهة إلى بنود المجتمعات المستضيفة، والبنية التحتية وبناء القدرات المؤسسية، ودعم الخزينة العامة، والاستجابة لجائحة كورونا ضمن الخطة، مقابل ارتفاع مخصصات بند الدعم المباشر الموجه للاجئين وبنسبة تفوق المقدر في الخطة، مما يثير التساؤلات حول إذا ما كانت الدول المانحة قد بدأت في التخلي عن دعم البنية التحتية والخدمية والمجتمعات المحلية، ورمي هذه الأعباء بشكل كامل على عاتق الدول المستضيفة، وهل هذا مؤشر على تغيير جذري في أولويات دعمها وتهيئة الدول المستقبلة على تقليص المزيد من هذه المساعدات؟
ويذكر أن توزيع مخصصات تمويل خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية والتي بلغ حجمها خلال العام الماضي ما مقداره 760.3 مليون دولار جاءت بتمويل بند المجتمعات المستضيفة بنحو 88 مليون دولار بما نسبته 49.3 % من حجم ما هو مقدر في الخطة، وبلغ تمويل بند البنية التحتية وبناء قدرات المؤسسات قرابة 100 مليون دولار ما نسبته 27.4 % بما هو مقدر لذلك في الخطة، أما البند المخصص لدعم الخزينة العامة فبلغ نحو 22 مليون دولار ما نسبته 2.3 % فقط من حجم تقديرات الخطة، في حين وصل مقدار بند الاستجابة لجائحة كورونا نحو 4.7 مليون دولار ما نسبته 2 % من تقديرات الخطة، مقابل ذلك بلغ حجم تمويل البند المخصص لدعم اللاجئين بشكل مباشر ما مقداره 545 مليون دولار أي ما نسبته 101.6 % من حجم ما هو مقدر في الخطة.
وقال الخبير الاقتصادي قاسم الحموري “الأردن يتحمل عبئا كبيرا في استقباله للاجئين السوريين بإنفاقه على الخدمات والبنية التحتية المقدمة لهم، ويقابل هذا بتراجع المجتمع الدولي عن الالتزام بمساندته للأردن في هذه الأزمة، وفي ذلك تحد اقتصادي على الاقتصاد الوطني الذي يعاني أصلا منذ 20 عاما من مشكلات عدة”.
وبين الحموري أن التراجع الحاصل في التزام المجتمع الدولي بدعم الأردن لاستقباله اللاجئين السوريين يعود إلى عدة أسباب منها انشغال واهتمام الدول المانحة بالحرب الروسية الأوكرانية إضافة إلى تغيير أولويات هذه الدول نحو أولويات أخرى تمس مواطنيها وتتعلق بما أفرزته جائحة كورونا والنزاعات الأخيرة المتصلة بملف أوكرانيا إلى جانب تردد بعض الدول في الاستمرار بمساعدتها نتيجة بعض الأقاويل حول وجود فساد وثغرات محليا بشأن هذه المساعدات وعدم إنفاق هذه المساعدات بمحلها.
ودعا الحموري الحكومة إلى بذل جهود دبلوماسية كبيرة لحث وإقناع المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته الإنسانية واستمرار دعم الأردن وزيادة حجم هذا الدعم إضافة إلى ضرورة إبراز الدور الإنساني الذي تقوم به الأردن إلى جانب ممارسة الشفافية والوضوح حول استخدام هذه المساعدات وإنفاقها والرد على ما يشاع حول فساد يكتنف هذا الملف.
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد البشير أن المجتمع الدولي تخلى عن اللاجئين السوريين ولم يلتزم بتعهداته حول ذلك للدول المستضيفة كافة والتي قدمها في أكثر من مؤتمر للمانحين خصص لهذه الأزمة، موضحا أن التعامل مع المجتمع الدولي يحتاج إلى صوت عال لإجبارها على الالتزام بتعهداتها كما فعلت تركيا.
ويرى البشير أن الأزمات المتعددة التي شهدها العالم خلال السنوات الاخيرة من جائحة كورونا وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والموجات التضخمية الأخيرة إلى جانب الأزمة الروسية الأوكرانية كان لها دور في تقليص الدعم المقدم للاجئين السوريين والمجتمعات المستضيفة لهم.
وأشار البشير إلى أن أزمة اللجوء السوري فاقمت من سوء الظروف الاقتصادية في المملكة وزادت من حجم الضغوط على البنية التحتية والخدمية وهذا انعكس ايضا على الناس والمجتمع معتبرا أن المزيد من تقلص المساعدات سيشكل خطرا على الاقتصاد الوطني يستوجب التنبه له.
وطالب البشير أهمية العمل على فتح المجال لإعادة اللاجئين السوريين لبلدهم وقد يكون هذا هو الحل الوحيد لمواجهة هذه الأزمة في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بدوره الإنساني إضافة إلى ضرورة توظيف العلاقات الدبلوماسية للأردن لحث الدول المانحة والعربية أيضا على تقديم المزيد من الدعم.
إلى ذلك، أوضح الخبير الاقتصادي مازن مرجي أن تقديرات الدول المانحة أصبحت ترى أن مشكلة اللاجئين السوريين ليست ذات أولوية تامة على الرغم من تعهدات هذه الدول بتقديم الدعم للدول المستضيفة، إضافة إلى نظر بعض الدول المانحة إلى أن تقديرات الأردن لكلفة أزمة اللجوء السوري كان مبالغ فيها.
وبين أن لهذه الأزمة كلفا ومصاعب يتكبدها الاقتصاد المحلي الذي يعاني من محدودية الموارد، وستشكل هذه الأزمة مع مرور الوقت خطرا على المصالح الوطنية خاصة وأن عدد السوريين في المملكة يشكل نحو 12 % من مجموع السكان.
ودعا مرجي إلى ضرورة أن يكون هناك تشجيع من الحكومة للاجئين على العودة إلى سورية بعد أن بدأت الأوضاع هنالك في الاستقرار سياسيا وأمنيا إضافة إلى أهمية مطالبة الولايات المتحدة بتعويضات عن الضرر الذي تسبب به قانون قيصر على الاقتصاد الأردني والذي يمنع الدول من إقامة علاقات تجارية مع سورية أو على الأقل أن تمنح واشنطن عمان استثناء من هذا القانون خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر على الأردن.