الغد-عبدالرحمن الخوالدة
في الوقت الذي أظهرت التقديرات الأولية أن غالبية الأنشطة الاقتصادية شهدت نمواً خلال الربع الثالث من العام الماضي وبمستويات أعلى من التقديرات قليلا، توقع اقتصاديون أن تستمر مستويات النمو بالتحسن خلال الفترة المقبلة، في ظل الحراك الاقتصادي للحكومة الجديدة واعتمادا على ما اتخذت من إجراءات على مدار الأشهر الثلاثة الماضية.
وأكد الخبراء أن استجابة الاقتصاد الاردني للأزمات ومرونته ساهما في تقليص تأثيرات العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، إضافة لاستمرارية برنامج الإصلاح الاقتصادي محليا على مدار أشهر العام الماضي، ما ساهم في استقرار مؤشرات النمو الاقتصادي وانتعاشها قليلا رغم كل ما يحيط بالمملكة من تحديات.
وفي الوقت ذاته أكد الخبراء ان مستويات النمو المتحققة ما تزال أقل من الطموح وبعيدة عن قدرتها في المساهمة بحل مشكلات الاقتصاد الوطني، إلا انها تبقى مقبولة قياسا على الظروف الجيوسياسة في المنطقة والتي كان لها اثر سلبي على اداء بعض القطاعات المحفزة للنمو لا سيما قطاع السياحة.
ويرى هؤلاء الخبراء ان النهوض بمعدلات النمو الاقتصادي إلى مستويات أفضل من المتحققة يتطلب من الحكومة القيام باتخاذ اجراءات عدة منها، تحفيز الاستهلاك المحلي من خلال تخفيض نسب الضرائب على القطاعات التي تعاني من تراجع، وتخفيض ضريبة المبيعات، إضافة إلى تشجيع التصدير من خلال فتح أسواق جديدة وخاصة في سورية وتعزيز الأسواق التقليدية ومحاربة التهرب الضريبي، فضلا عن أهمية استقطاب الاستثمارات الاجنبية.
ونما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال الربع الثالث من عام 2024 بنسبة 2.6 بالمائة، مقارنة بنفس الربع من عام 2023.
وبحسب التقرير الربعي لدائرة الإحصاءات العامة للربع الثالث من عام 2024، أظهرت التقديرات الأولية أن غالبية الأنشطة الاقتصادية شهدت نمواً خلال الربع الثالث من عام 2024، وتركز أغلب النمو في القطاعات الإنتاجية، مقارنة مع الربع الثالث من عام 2023، كما ارتفع بنحو 0.2 % قياسا مع الربع الذي سبقه.
وحقق قطاع الصناعات الاستخراجية أعلى معدل نمو خلال هذه الفترة بنسبة بلغت 10.5 %، مساهماً بمقدار 0.22 نقطة مئوية من معدل النمو المتحقق، تلاه قطاع الزراعة بنسبة 6 % مساهماً بمقدار 0.25 نقطة مئوية، ثم قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 4.35 % بمساهمة مقدارها 0.81 نقطة مئوية، تلاه قطاع الكهرباء والمياه الذي نما بنسبة 4.2 %، بمساهمة مقدراها 0.08 نقطة مئوية.
وجاءت معدلات النمو الاقتصادي في الربع الثالث من العام الماضي أعلى من تقديرات صندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد الاردني في عام 2024 والمقدر بـ2.3 %، وبحسب الصندوق من المتوقع أن يرتفع النمو في المملكة الى 2.5 % في عام 2025.
وقال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض، إن نجاح الأردن في تحييد تأثيرات العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، على الاقتصاد الوطني منذ منتصف العام الماضي، إضافة إلى استمرارية برنامج الإصلاح الاقتصادي محليا على مدار أشهر العام الماضي، ساهم في استقرار مؤشرات النمو الاقتصادي وانعاشها قليلا رغم كل ما يحيط به من تحديات، وهو ما يفسر الارتفاع الاخير لمؤشر النمو الاقتصادي.
وأضاف انه من المتوقع أن تتحسن نتائج النمو في الربع الرابع قليلا، في ظل الحراك الاقتصادي النشيط للحكومة الجديدة منذ تكليفها وما اتخذته من إجراءات على مدار أكثر من 3 أشهر من عمرها، حيث إن قراراتها كان هدفها تحفيز الاقتصاد المحلي وتخفيف الاعباء على المواطنين، مما ستنعكس نتائجه حتما على مستويات النمو الخاصة بالربع الاخير من العام الماضي.
واستدرك عوض "رغم التحسن الطفيف لمعدل النمو الاقتصادي إلى أنه ما يزال اقل بكثير من المعدلات المستهدفة في رؤية التحديث الاقتصادي، حيث إن تحقيق مستوى النمو المرجو في رؤية التحديث عند 5.6 ٪ يتطلب حراكا اقتصاديا حكوميا أكثر عمقا تكون في مقدمته خطوات جادة نحو استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي محمد البشير ان استمرار مؤشر النمو الاقتصادي في النمو رغم ما يحيط به من تحديات داخلية وخارجية ما يعكس متانة الاقتصاد الأردني واستجابته لكافة التحديات، معتبرا ان مستوى النمو المتحقق في الربع الثالث مؤشر جيد.
وأوضح البشير ان اهمية مؤشر النمو وسلامته تنبع من كونه المؤشر الاكثر قدرة على معالجة كافة المؤشرات الاخرى، حيث يعد المعيار الاساسي لقياس واقع الاقتصاد في أي بلد.
وبين البشير ان الارتقاء بالاقتصاد الوطني ومعالجة مشكلاته بصورة حقيقية يحتاج إلى مستويات نمو مرتفعة عما هو مسجل حاليا، حيث ان معدلات النمو المسجلة محليا في السنوات الاخيرة بقيت متواضعة وبعيدة عن الطموح.
وشدد البشير على ان تحسين مستوى النمو الاقتصادي وتعزيزه يتطلب من الحكومة وضع استراتيجية واضحة لخفض كلف الانتاج على القطاعات الاقتصادية والانتاجية التي تعد مرتفعة، حيث ان الكلف المرتفعة تؤدي إلى رفع أسعار بيع السلع والخدمات مما يقل من فرص تصديرها وفي ذات الوقت يضعف من حجم الاستهلاك المحلي، موضحا ان خفض الكلف والضرائب على القطاعات الاقتصادية هو السبيل الوحيد لإقلاع الاقتصاد الأردني نحو مدارج النمو المستدام.
وأعرب عن أمله بأن تنعكس الاجراءات الحكومية التي اتخذتها منذ تكليفها على نتائج النمو المتوقعة للربع الاخير، وان تستمر الحكومة بذات الوتيرة في تنفيذها للإصلاحات وان تنجح في النهوض بمؤشرات الاقتصاد المحلي.
إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة ان النهوض بمعدلات النمو الاقتصادي إلى مستويات أفضل من المتحققة يتطلب من الحكومة القيام باتخاذ اجراءات مستعجلة كتحفيز الاستهلاك المحلي من خلال تخفيض نسب الضرائب على القطاعات التي تعاني من تراجع، وتخفيض ضريبة المبيعات لتحفيز، إضافة إلى تشجيع التصدير من خلال فتح أسواق جديدة وخاصة في سورية وتعزيز الأسواق التقليدية ومحاربة التهرب الضريبي.
ولفت المخامرة "لولا تأثيرات العدوان الاسرائيلي المستمر ضد غزة لتمكن الاقتصاد الوطني من تحقيق مستويات نمو افضل، حيث ان عدة قطاعات محفزة للنمو جاء اداءها اقل من المستويات المأمولة نتيجة العدوان خاصة قطاع السياحة وقطاع الخدمات".
وأكد ان تنفيذ روية التحديث الاقتصادي ومبادراتها تتطلب بذل جهود مضاعفة من الحكومة لتحفيز الاقتصاد الوطني والنهوض بمعدلات نموه.
وأشار إلى ان هناك فرصة لتحسين مستويات النمو الاقتصادي المحلي في حال الاستثمار في القطاعات الواعدة كقطاعات الادوية وقطاعات التكنولوجيا وقطاع الزراعة والقطاعات اللوجستية وقطاعات النقل أمر ضروري ولا بد من توجية صندوق الاستثمار للضمان الاجتماعي والصناديق التي أنشأتها البنوك موخرا للاستثمار في هذه القطاعات.
ودعا المخامرة إلى ضرورة وضع خطة اقتصادية تقشفية لتخفيض النفقات الحكومية غير المبررة لتقليص العجز في الموازنة وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لإنشاء مشاريع بنية تحتية وإنتاجية ضخمة ينجم عنها تنشيط للعملية الاقتصادية وبالتالي المساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي عدا عن المساعدة في الحد من ارتفاع نسب البطالة.