أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Jul-2018

أنصار «خروج بريطانيا» فقدوا السيطرة على كيفية الخروج

فايننشال تايمز -

تبدو المفارقة لطيفة. بالنسبة لأنصار خروج بريطانيا، مغادرة الاتحاد الأوروبي خلال الربيع المقبل من شأنها استعادة سيطرة البرلمان على مصير بريطانيا. لكن الذي حدث هو أن البرلمان تعجل وتصرف قبل الأوان.
حكومة تيريزا ماي فقدت السيطرة. وفقدها أيضا أصوليو حزبها المعادون لأوروبا. مجلس العموم، بحكمته اللا نهائية، يبدو أنه عازم على حجب الدعم عن خيارات خروج بريطانيا المتاحة حاليا. يمكننا أن نصف ذلك بأنه ممارسة السيادة، أو ربما، التقاعس الرحيم.
لا تزال هناك ظروف معقدة كثيرة أمامنا في هذه القصة الكئيبة المتمثلة في إيذاء النفس الوطنية. رغم كل ذلك، عملت الأحداث على تنظيف كثير من الفوضى. الصدامات والتناقضات التي وضعت على الهامش منذ إجراء الاستفتاء أصبحت الآن تحتل مركز الصدارة. والجهود التي تبذلها ماي للتوفيق بين الذين لا يمكن التوفيق بينهم في حزبها وصلت إلى نهاية الطريق. من خلال استرضاء أنصار المغادرة، تعمل على تشديد عزيمة الفرقة المخلصة من المحافظين المؤيدين للتكامل الأوروبي.
دائما ما كان افتراض أنصار "خروج بريطانيا" هو أنهم سيفرضون على البقية منا أوهام العصر الإليزابيثي المتمثلة في إنجلترا المغامرة التي استعادت هيمنتها العالمية. وباعتبارهم ممن يهتفون للمغادرة، افترضوا أن بإمكانهم تحديد شروط الرحيل. الآن وجدوا أن البرلمان يريد أن يكون له دور في القرار. يمكنهم إفشال خطط ماي، لكنهم يفتقرون إلى الأصوات التي تمكنهم من تنفيذ خططهم. الغضب الذي يشعرون به واضح الآن. والجمود يمكن أن يؤدي أيضا إلى بقاء بريطانيا في الاتحاد.
سيخبرك الوزراء بكل هدوء أن الحلول الوسط التي جاءت في الكتاب الأبيض من الحكومة تحقق التوازن بين البرجماتية الاقتصادية والاستقلال السياسي الوطني الذي دائما ما كان في صميم أية صفقة مع بلدان الاتحاد الأوروبي الـ 27. كما يضيفون أن مشاعر الغضب ستهدأ خلال فصل الصيف. وستعود ماي إلى وضعها في سدة الحكم مرة أخرى في أيلول (سبتمبر). ربما هكذا ما تبدو الأمور في أروقة الإدارة الحكومية البريطانية. برأيي، السياسة لديها شعور مختلف تماما.
الخروج الصاخب من مجلس الوزراء لاثنين من أنصار خروج بريطانيا البارزين، بوريس جونسون وديفيد ديفيز، تبعه عدد ضئيل من الاستقالات من المناصب الوزارية الصغرى. معظم المغادرين كانوا من بين الأشخاص الذين لم يكونوا قط، ولن يكونوا أبدا، من أفراد الحياة الوطنية. مع ذلك كان التمرد كافيا لإخافة رئاسة الوزارة البريطانية. في أماكن أخرى، تم التبرؤ من الكتاب الأبيض من قبل أعضاء حزب العمال المؤيدين للتكامل الأوروبي. مشاعر زعيم حزب العمال، جيريمي كوربين، مع خروج بريطانيا، لكن ماي نصبت جسرا فوق فجوة المعارضة.
إقرار قانون خروج بريطانيا الخاص بالحكومة من خلال البرلمان الأسبوع الماضي كان شاهدا على الضعف الذي تعانيه رئيسة الوزراء. في مواجهة حركة تمرد من أنصار خروج بريطانيا، تخلت عن مواقعها. لكن قبولها بتعديلات على التشريعات الجمركية الخاصة بالحكومة لم يؤد إلا إثارة تمرد بين أعضاء حزب المحافظين المؤيدين لأوروبا. وبذلك اضطرت إلى الاعتماد على عدد قليل من المتمردين من حزب العمال لإنقاذ الحكومة من هزيمة مهينة.
الغرض من وجود أنصار خروج بريطانيا المتشددين في المقاعد الخلفية لـ "مجموعة البحوث الأوروبية" أصبح واضحا بما فيه الكفاية. فهم يريدون إرسال رسالة إلى ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي المكلف بملف خروج بريطانيا، مفادها أنه على الرغم من كل ما يمكن أن يقال في الكتاب الأبيض، لا تمتلك رئيسة الوزراء السلطة السياسية لإبرام صفقة. ربما هم على حق. لكن الخطأ الذي وقعوا فيه يكمن في قولهم إن بديل التوصل إلى تسوية عبر التفاوض هو الخروج "من غير صفقة". ليس هنالك خيار ثنائي من هذا القبيل.
معظم الأصوليين هم من المتعصبين للقومية الإنجليزية، لكن تحت اسم آخر. وهذا ربما يفسر السبب في أنهم لا يعرفون شيئا يذكر عن عملية المساومة مع دول الاتحاد الأوروبي الـ 27. فهم يريدون من الحكومة "الاستعداد" على نحو أو آخر، لخروج بريطاني على طريقة حافة الهاوية. لكن تماما مثلما أن شروط المفاوضات الحالية تم تحديدها من قبل فريق بارنييه، كذلك سيتم تحديد شروط الخروج بلا صفقة.
سيقع على عاتق دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 أن تقرر ما إذا كان ينبغي لها إيقاف جميع الواردات من بريطانيا إلى أن تحصل المنتجات البريطانية على الشهادات المناسبة من الاتحاد الأوروبي. بالمثل، لن يكون للحكومة أي رأي في مدى الفترة الزمنية التي يمكن أن تحتاج إليها سلطات الطيران الأوروبية لمنح التصاريح للطائرات التي تقلع من المملكة المتحدة، أو حول مجموعة الشروط التي بموجبها يمكن السماح لشركات الشحن البريطانية العمل فيما وراء مدينة كاليه. الشيء نفسه ينطبق على كل مجال تقريبا من الأنشطة الاقتصادية الوطنية، بدءا من نقل البيانات إلى منح تراخيص الأدوية والسلامة النووية. هل يريد جونسون وأصحابه أن تستعد ماي لإغلاق البلاد؟
البديل الذكي للتسوية التي سيتم التوصل إليها هذا الخريف هو تأجيل خروج بريطانيا بدلا من خروج على طريقة حافة الهاوية. إذا نجحت ماي في تأمين صفقة مع دول الاتحاد الـ27 لكنها أخفقت في تأمين أغلبية محلية، سيكون من مسؤولية البرلمان، وليس من الأصوليين في حزب المحافظين، رسم مسار الطريق. في أفضل الظروف، هذا يعني حكومة وطنية تعترف بأغلبية البرلمان البريطاني الموالية لأوروبا. على أية حال، هناك ما يكفي من أعضاء البرلمان العاقلين في جميع الأحزاب لنكون على ثقة بأن البرلمان سيسعى لتعليق عملية الموافقة على المادة 50 بدلا من خيار الخروج الانتحاري.
الأسبوع الماضي عرضت ماي أوراقها حين هدد من يسمون بالمتمردين المحافظين باللجوء إلى انتخابات عامة في حال خسرت الحكومة تصويتا مهما. تعتمد استراتيجيتها على مواصلة الطريق خلال الخريف على أمل تأمين اتفاقية مع بارنييه تستند إلى الخطوط العامة لكتابها الأبيض المكروه من الجميع. إذا نجحت – وهذا احتمال مجهول إلى حد كبير – فإنها ستعرض خيارا على حزبها – إما قبول الصفقة أو المخاطرة بوضع جيريمي كوربين في مقر رئاسة الوزراء.
ربما تتمكن من إنجاح الخطة. لكن الأمور لا تشير إلى ذلك في أروقة الحكومة. هذه الملحمة المؤسفة بدأت من خلال استفتاء. ربما سيقرر البرلمان أن الأمر يحتاج إلى استفتاء ثان من أجل كسر الجمود.