الغد
المقصود بهيكل الدين هو تفاصيله من حيث مكوناته الرئيسة والزمنية، وكيفية نظرة المؤسسات الدولية له، ومدى ارتباط ذلك بدرجات المخاطرة المصرفية، التي تنعكس مباشرة على شكل وحجم التسهيلات وآجالها وأسعار الفائدة.
بالنسبة للحالة الأردنية، فإن متوسط استحقاق الدين الداخلي بالسنوات هو 4.3 سنة، وهو يعكس مدى التعامل الرشيد والحازم مع الدين الداخلي بكافة تفاصيله، كما يشير إلى أنه تحت رقابة صارمة لضمان السداد الحكومي والالتزام الكامل به بشكل حصيف.
أما متوسط استحقاق الدين الخارجي فهو 8.3 سنة، وهو ضمن الحدود المريحة للاقتصاد، مما يمنح الدول ذات المخاطر الائتمانية المستقرة مزيدا من الثقة، وهذا يعتبر سببا رئيسا وأحد العوامل الرئيسة التي دفعت مؤسسات الائتمان الدولية لتحسين التصنيف الائتماني الأردني، مما سيمكن الحكومة من توفير مساحات مالية بأسعار فائدة أقل ومدد زمنية أطول، فكلما زادت آجال الفترات الزمنية للقروض الخارجية، كانت الحالة "صحية" للدول من عدة جوانب، أهمها المرونة في السداد.
أما الدين العام من حيث أسعار الفائدة، فمن المعلوم أن حوالي 86 % من إجمالي الدين هو بأسعار فائدة ثابتة، وهذا الأمر له سلبياته المتعلقة بعدم استفادة الدين من تأثير انخفاض أسعار الفائدة، لكنه بالمقابل يوفر إيجابية في الحفاظ على هيكل الدين من تقلبات أسعار الفائدة، ويوفر رؤية واضحة لصانع السياسة الاقتصادية حول التكاليف المالية المرتبطة بالدين، ويساهم في تعزيز الجاذبية نحو الاستثمار في الأوراق المالية الحكومية.
أما هيكل الدين الداخلي، فهو منقسم ما بين 52.6 % من مصادر بنكية، و47.4 % من مصادر غير بنكية، أبرزها مساهمات صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي. وهذا يعكس مدى الوفورات المالية العالية التي تمولها المؤسسات المالية المحلية، وتساهم بشكل كبير في تنويع مصادر الموازنة العامة لتأمين احتياجاتها التمويلية اللازمة.
أما رصيد الدين الخارجي حسب العملة فحوالي 72 % منه مقوم بالدولار الأميركي، وباقي الدين موزع ما بين اليورو 11.3 %، وحدات حقوق السحب الخاصة 9.3 %، الدينار الكويتي 3.1 %، الين الياباني 2.6 % و1.7 % عملات أخرى. وهذا مؤشر على سياسة تحوط واضحة لهيكل الدين الخارجي، بسبب أن غالبيته بالدولار، وحيث إن سعر صرف الدينار ثابت بالدولار، فمخاطر تقلبات سعر الصرف باتت منخفضة على هيكل الدين الخارجي.
أما عن مصادر الدين الخارجي، فإن أكثر من نصفه وتحديدا (55.2 %) من مصادر ميسرة وبشروط تفضيلية، والمقصود بذلك أنها قروض من "مؤسسات إقليمية ودولية" و "حكومات عربية وأجنبية"، وهذه كلها لها ارتباطات سياسية، وتمتلك مرونة عالية في إعادة تمويلها في المستقبل.
هذا يعني أن حجم الديون التجارية والبالغة نسبتها من الدين الخارجي 44.8 % منخفضة نسبيا مقارنة مع القروض والتسهيلات السيادية، وبالتالي، فإن درجة المخاطرة تكون في هذه الحالة أقل بكثير مما لو كانت نسب الديون التجارية عالية.
يتضح من الأرقام أن هيكل الدين الأردني مستقر إلى حد كبير، مع مراعاة أسعار الفائدة ومصادر التمويل الميسرة، وهذه ميزة تفتقدها العديد من الدول المدينة بلا استثناء.