أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Nov-2018

الطريق إلى التنمية الاقتصادية يصبح أكثر غدرا

 الغد-ترجمة: ينال أبو زينة 

تخلى الاقتصاديون، في تسعينيات القرن الماضي، بشكل كامل تقريبا عن العالم النامي، وعلى الرغم من أن بعض الدول الفردية -أمثال سنغافورة وكوريا الجنوبية- قلصت سُلم الدخل في مناسبات عدة، فإن الصورة الأشمل –بكلمات لانت بريتشيت، اقتصادي تطوير في جامعة هارفرد- كانت "متباعدة بشكل كبير" بين الاقتصادات المتقدمة وبقية العالم. 
ولكن المشهد تغير عقب ذلك، فقد نمت التجارة العالمية بشكل هائل في أواخر التسعينيات، وسُدت الفجوة بين الأثرياء والفقراء بسرعة كبيرة في ضوء ذلك.
وانخفضت معدلات الفقر بانخفاض تعداد هؤلاء الذين يعيشون على ما لا يتجاوز الـ1.90 دولار في اليوم (في تعادل القوة الشرائية) من 36 % في العام 1990 إلى 10 % فقط في العام 2015.
وقد تكون هذه أفضل الأنباء في حال كان بالإمكان المحافظة على هذا الاتجاه ولكن هذه أنباء سيئة بالنسبة لأفريقيا بشكل خاص. 
وعادة ما تمر الطريق نحو التحول إلى بلد ثري بالتصنيع المدعوم بالإنفتاح على التجارة وتطوير الصناعات التصديرية.
وتسهل التجارة بطبيعتها نقل التكنولوجيا وتقتلع الأسواق العالمية جميع الشركات باستثناء تلك الأكثر إنتاجية، فيما تتيح حتى للشركات من الدول الصغيرة التوسع باستخدام تقنيات مثل الإنتاج الجماعي.
ومن الناحية التاريخية، كانت قلة من الدول الفقيرة من تتمتع بحكومات مستقرة موجهة نحو النمو لفترة كافية من أجل بناء قاعدة صناعية واسعة وتنافسية.
ولكن العقود الأخيرة التي شهدها النادي الذي كان في وقت من الأوقات حصرياً –ويشمل الاقتصادات سريعة النمو فقط- يرحب بعشرات من الأعضاء الجدد، والذين انضموا إليه من خلال نموهم السريع في التجارة والمرتبط بنشأة سلاسل التوريد العالمية. 
وسمحت سلاسل التوريد للدول بتفادي العملية الشاقة لبناء قاعدة صناعية من الصفر وكانت العمالة الرخيصة والقرب من الأسواق الكبرى أمورا كافية عادة لاجتذاب المصانع الأجنبية.
وقد خدم نمو الصين، الواقعة في قلب التصنيع الآسيوي، كـ"مضاعف لقوة ذلك" وحول أيضا مركز جاذبية الاقتصاد العالمي إلى أضعف اقتصادات آسيا، وأشعل طفرة السلع الأساسية التي حفزت أجزاء من العالم الناشئ غير مرتبطة بشبكات سلاسل التوريد –خاصة أميركا اللاتينية وأجزاء من أفريقيا. 
وبعد ربع قرن، أصبحت حدود هذه المعجزة الإنمائية واضحة المعالم بصورة متزايدة وارتفعت الدخول في الأجزاء الأفقر من آسيا وأوروبا بشكل أقرب إلى تلك في أميركا.
وفي أماكن أخرى، كان هناك تقارب أقل فلم يعوض نمو الدخول الأخير في أميركا اللاتينية وأفريقيا بشكل كامل خسائر الأراضي خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الراحل، وها هو الناتج الحقيقي لكل فرد ينخفض مرة أخرى مقارنة معه في أميركا. 
وسوف تكون أنباء نهاية التقارب قاتمة بالنسبة لأفريقيا، حيث الدخل في أخفض أشكاله. 
وانخفضت حصص الأفارقة الذين هم فقراء جدا في الحقيقة من 54 % في العام 1981 إلى 41 % في العام 2015 ولكن أعداد الفقراء الأفارقة ارتفعت مع نمو التعداد السكاني هناك بشكل مطرد.
وتضع معظم الدول التي تعاني مستويات منخفضة من النمو آمالها على تكرار تجربة الصين.
وقد اتبع التصنيع في شرق آسيا نمط "طيران الإوز": فبينما تصبح الاقتصادات الرائدة أكثر تقدما وترتفع الأجور، تتحول وظائف الانتاج الأقل تعقيدا إلى المناطق الأفقر التي تمتاز بتكاليف عمالة منخفضة. وقد استفادت الصين بهذه الطريقة من كوريا الجنوبية وتايوان. 
وبينما أصبحت العمالة الصينية أكثر تكلفةً، حولت بعض الشركات التوظيف مرةً أخرى، إلى فيتنام على سبيل المثال.
 وربما يدفع رفع الأجور في آسيا الناشئة في نهاية المطاف بالمصنعين إلى النظر إلى أفريقيا لإيجاد العمالة الرخيصة.
ولكنها قد تنظر كثيراً في ظل ذلك، فكما أوضح كل من إيووت فرانكيما من جامعة واشنطن الواقعة في هولندا، ومارلوس فان ويجنبورغ من جامعة ميتشيغان، في ورقة بحثية صدرت مؤخرا، فإن تدفق الوظائف من الاقتصاد الأكثر تقدماً إلى الأقل تقدما يعتمد في جزء منه فجوة الأجورة الواسعة جداً. وخلال بدايات القرن العشرين، عندما تحدى منتجو المنسوجات في اليابان الصناع البريطانيين، كانت الأجور في الأولى تشكل ثمن تلك في الأخيرة، على سبيل المثال. 
وفي معظم دول أفريقيا، تراوح الأجور ثلث تلك في الدول الصناعية حديثاً مثل فيتنام وبنغلاديش.
إمكانية النمو
ربما تكون تلك الفجوة صغيرة جدا لتعويض تكاليف البنية التحتية الرديئة وإنتاجية العمال المتدنية.
وهناك بالطبع بعض الاستثناءات، مثل أثيوبيا حيث الأجور أخفض بكثير مما هي عليه في آسيا الناشئة وحيث القيمة المضافة في التصنيع ارتفعت بشكل حاد خلال نصف العقد الماضي كجزء من الناتج المحلي الإجمالي. 
ومع ذلك، فهي تشكل ما مقداره 5.3 % من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعد جزءاً ضئيلاً للغاية وفقا للمعايير الدولية.
وتقترح دراسة جديدة، قام عليها كل من كريس بلاتمان من جامعة شيكاغو وستيفان ديركون من جامعة أكسفورد، أن أثيوبيا تجتذب جزءا بسيطا للغاية من العمل الصناعي.
ولا يجني عمال مصانعها أكثر من مواطنيهم في قطاعات أخرى، فيما تعتبر صحته الجسدية أسوأ حالاً. 
وتواجه أفريقيا عقبات أخرى أيضاً، فالحكومات هناك أضعف من تلك في آسيا النامية. ولن يساعد النمو المتباطئ في التجارة العالمية وحمائية العالم الثري في حل هذه المشكلة، وكذلك لن يفعل الضعف الاقتصادي في الصين، الذي يجتذب الكثير من الصادرات الأفريقية والآلات أيضا سوف تؤدي إلى تآكل جاذبية اليد العاملة الرخيصة. 
وليس التصنيع السبيل الوحيد للتطوير والتنمية، فقد ساعد تصدير الخدمات التجارية الهند على النمو بشكل سريع ولكن فوائد مثل هذا النمو كانت محدودة: فما تزال 70 مليون نسمة تقريبا في الهند تعيش فقرا عارما.
وكما أشارت بونام غوبتا من البنك الدولي وباري إشينغرين من جامعة كاليفورنيا، باركلي، فإن صادرات الخدمات الهندية تعتبر هائلة بشكل فريد، وأكبر مما قد تتوقعه الأساسيات الاقتصادية، مما يقترح أن خبرتها ستكون صعبة التقليد.
ويمكن للموارد الطبيعية أن تفضي أيضاً إلى طفرة اقتصادية.
وعلى سبيل المثال هنا أفضل رواية تنمية لأفريقيا، والتي تعتمد بشكل كبير على الماس. 
ولكن كما أشار السيد فرانكيما والسيدة وايجنبورغ، فإن تزايد أعداد السكان يعني أن ثراء الموارد سينتشر بشكل أكثر ضعفا –وهذا بافتراض أن لا تأخذ النخب الجزء الأكبر منها وتعتبر بوتسوانا، على وجه الخصوص، إحدى أقل السكان كثافة في العالم.
وحالة أفريقيا ليس ميؤوس منها، وتوقع القليل من الاقتصاديين حدوث طفرة نمو في العالم الناشئ ولكن الطريق إلى التنمية ربما يكون يشتد صعوبة مرة أخرى.
ومن أجل التقدم، ينبغي على حكومات القارة السمراء تحسين المؤسسات التعليمية والاقتصادية وعلى الدول الثرية، من جهتها، أن تخفض –لا أن ترفع- الحواجز التجارية وتلك الخاصة بالهجرة، والتي تمنع الأفارقة من لعب دورهم الكامل في الاقتصاد العالمي، وها هو مصير المليارات على المحك في الوقت الراهن.
 
"الإيكونوميست"