أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Feb-2025

الأردن حالة استثنائية في الدبلوماسية الدولية*د.عدلي قندح

 الدستور

على مدار أكثر من خمسة وسبعين عامًا، تطورت العلاقات الأردنية الأميركية لتصبح واحدة من أكثر الشراكات الاستراتيجية استقرارًا في الشرق الأوسط. فقد شهدت هذه العلاقة مراحل متعددة من التعاون الوثيق في مجالات الاقتصاد والأمن والسياسة، مما جعل الأردن حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة في المنطقة. هذا التعاون انعكس في الدعم المالي الذي تقدمه واشنطن للأردن، حيث تتجاوز المساعدات الأميركية السنوية 1.45 مليار دولار، تشمل دعم الموازنة ومشاريع تنموية حيوية في مجالات التعليم والطاقة والبنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، تلعب اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين دورًا محوريًا في تعزيز التبادل التجاري، إذ شهدت الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة نموًا كبيرًا، حيث وصلت قيمتها إلى 2.9 مليار دولار في عام 2024، مما يعكس قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
في الجانب الأمني، يعد الأردن شريكًا رئيسيًا في جهود مكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي، حيث يستفيد من دعم عسكري أميركي سنوي يقدر بنحو 425 مليون دولار. ويشمل هذا الدعم تحديث القوات المسلحة الأردنية، وتزويدها بالمعدات والتدريب المتقدم، فضلًا عن التعاون في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق الأمني. كما تستضيف الأردن قواعد تدريب عسكرية مشتركة، مما يعزز قدرتها على التصدي للتهديدات الأمنية في المنطقة، ويجعلها لاعبًا أساسيًا في الحفاظ على الأمن الإقليمي.
على الصعيد السياسي، يتمتع الأردن بعلاقة قوية مع الولايات المتحدة، حيث تنظر الأخيرة إلى المملكة باعتبارها حليفًا موثوقًا وشريكًا استراتيجيًا في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيانه الصادر عام 2024 بمناسبة مرور 75 عامًا على العلاقات بين البلدين أن هذه الشراكة تمثل شهادة على رؤية مشتركة للسلام والازدهار، مشددًا على التزام الولايات المتحدة بدعم الأردن في مساعيه لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
وتعكس تصريحات جلالة الملك عبد الله الثاني، حفظه الله ورعاه، أهمية هذه العلاقة، حيث أكد في عدة مناسبات أن الأردن والولايات المتحدة يتمتعان بشراكة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مشددًا على ضرورة استمرار هذا التعاون لضمان تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار. كما أشار جلالة الملك إلى أهمية الدعم الأميركي في تعزيز الاقتصاد الأردني، معبرًا عن تطلعه إلى تطوير هذه العلاقة بما يخدم المصالح الاستراتيجية للبلدين.
يمثل الأردن حالة استثنائية في الدبلوماسية الدولية، حيث يتمتع بعلاقات متينة ومتوازنة مع مختلف دول العالم، وهو ما يعكس السياسة المعتدلة التي ينتهجها النظام السياسي الأردني. فالأردن يسعى باستمرار إلى بناء جسور التعاون مع جميع الأطراف، مع التركيز على الحوار والتفاهم كوسيلة لحل النزاعات. هذا النهج جعله يحظى باحترام واسع على الساحة الدولية، حيث يُنظر إليه كدولة مسالمة تسعى إلى تحقيق العدالة والاستقرار في المنطقة. ويعد دوره الفاعل في القضايا الإقليمية والدولية، مثل القضية الفلسطينية والجهود المبذولة في مكافحة الإرهاب، دليلًا على التزامه بالسلام كخيار استراتيجي.
ورغم هذا التعاون الوثيق، تواجه العلاقات الأردنية الأميركية بعض التحديات، خاصة فيما يتعلق بتغير السياسات الأميركية الداخلية وتأثيرها على استمرارية المساعدات. وقد ظهر ذلك جليًا في قرار تجميد المساعدات لمدة ثلاثة أشهر عام 2024، والذي أثار تساؤلات حول مدى استدامة هذا الدعم. ومع ذلك، فإن الأردن يسعى إلى تعزيز استقلاله المالي عبر تنويع شراكاته الاقتصادية والاستثمار في مجالات جديدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
تظل العلاقات الأردنية الأميركية نموذجًا للشراكات الاستراتيجية الناجحة في المنطقة، حيث أسهمت هذه الشراكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي في المملكة. ومع استمرار هذه العلاقة، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين الاعتماد على الدعم الأميركي وتعزيز الاستقلال المالي والسياسي للأردن، بما يضمن استدامة النمو والازدهار في المستقبل.