الراي
في وقت مضى تولدت قناعة لدى بعض الوزراء بأن تحويل الاردن الى مركز تجاري في المنطقة يعتمد على إعفاءات سخية وحتى شطب الضرائب على السلع المصنفة بالكماليات مثل الجلود والساعات الثمينة والعطور الفاخرة والملابس الثمينة وغيرها عشرات السلع المماثلة.
هذه القناعة تحولت الى قرارات مضت قدماً وكانت المبررات ان الوكالات العالمية ستجتاح السوق الاردنية والمراكز التجارية وان السياح ورجال الاعمال سوف يملأون هذه المراكز، وان البيع الكثيف سيعوض الضرائب الفائتة لكن شيئاً من هذا لم يحدث حتى ان الوكالات القائمة بعضها صمد واخرى اخلت الساحة.
فات هؤلاء ان هذه النظرية تنفع في السلع الاستهلاكية الاساسية والضرورية التي تواجه طلبا كثيفا في ظل ضرائب مرتفعة فما بالك لو كانت في ظل ضرائب مخفضة.
لم يتحول الاردن الى مركز تجاري والتجربة التي بدأت من العقبة لم تنجح سيما وانها لم تلتفت الى ان الضرائب المخفضة في المنطقة الاقتصادية الخاصة لم تساعد على حدوث ذلك فكيف يمكن ان يساهم مزيد من التخفيض في الحصول على هذه النتيجة.
لطالما كان الحل الاسهل والمقبول هو رفع الضرائب والرسوم على الكحول والسجائر والمكسرات والمكيفات باعتبار أنها إما كماليات يمكن الاستغناء عنها أو تلحق الضرر بالصحة.
لا اعتقد ان أحداً قد يعارض رفع اسعار الدخان والمعسل ليس لاسباب صحية فقط بل لان اسعارها في الاردن وبعد الاضافة الاخيرة تظل اقل كثيرا من اسعارها في العالم وفي دول الجوار ويمكن ببساطة ملاحظة ذلك من خلال التهريب والتجارة المعاكسة.
زيادة إيرادات الخزينة لتخفيض العجز وتعويض جزء من الايرادات المتناقصة لا شك سبب جوهري خصوصا اذا كانت المديونية هي البديل.
الجزء الأكبر من استهلاك الكحول والسجائر يعتمد أساساً على التهريب والسوق الحرة. ويباع الدخان المهرب في الشارع بشكل علني.
هناك من يذهب للقول ان رفع اسعار الدخان والمعسل سيشجع على التهريب وهذا صحيح نوعا ما لكن ذلك كان سيتحقق قبل المتابعة الحديثة والمتطورة لمنع التهريب خصوصا السجائر وحتى بعد الرفع الاخير تظل السجائر المهربة اعلى سعرا واكثر ضررا لان غالبيتها مقلدة.
لا شك ان تجارا اثروا من تهريب المكسرات من العقبة الى عمان وباقي المدن وهناك من يقلل من شأن تهريب هذه السلع ويستثمرها لكن حججهم لا تصمد اذا علمنا ان الارباح تناهز في معظمها ١٥٠ و٢٠٠٪ وهي الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها.
هذه بعض النماذج التي يمكن ان تنسحب على سلع كمالية اخرى
الأصل هو توحيد الضريبة العامة على المبيعات وتخفيضها لتشمل كل السلع من دون استثناء.
بالنسبة الى الضرائب على السيارات هناك من تحفظ لاسباب بيئية لناحية تشجيع السيارات العاملة على الوقود عوضا عن تشجيع تلك العاملة على الكهرباء وهم محقون في ذلك ولكن ما لم يسترعِ الانتباه هو ان السيارات العاملة بالكهرباء ستكون الاكثر من بين الانواع الاخرى في البلد بل السواد الاعظم ما يستدعي هيكلة مبكرة الضرائب المفروضة عليها كي تبدو العملية متدرجة ومحتملة.
الاثر المالي لاسعار الدخان والمعسل الجديدة سيكون عاجلا اما السيارات فهو مؤجل وسيبدأ مع موازنة ٢٠٢٥.
في كل الدول التي نعرفها الضرائب على الكماليات مرتفعة بينما هي ليست كذلك على السلع الاساسية او الضرورية.