أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Jul-2025

دعوات للتركيز على جوهر "رؤية التحديث".. النمو والتوظيف والاستثمار

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

 بينما تتواصل جهود الإصلاح الشامل ضمن رؤية التحديث الاقتصادي التي بدأ العمل بها منذ بداية العام 2023 يؤكد خبراء اقتصاديون أن إعلان إطلاق سلسلة من ورشات العمل بهدف تقييم "الرؤية" يعطي مؤشرا لجدية التمسك بتنفيذ مكوناتها، فيما دعوا إلى تكثيف الجهود لدعم القطاعات التي تخلفت عن تحقيق نتائج إيجابية.
 
 
 وشدد الخبراء في تصريحات خاصة لـ"الغد" على ضرورة تركيز جهود القائمين على الرؤية خلال المرحلة المقبلة في تحقيق جوهرها الأساسي، المتمثل في زيادة معدلات التوظيف والنمو الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
ودعا الخبراء إلى ضرورة توسيع مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ الرؤية وتسريع وتيرة عملها إضافة إلى تعزيز القطاعات التي ساهمت بزيادة نمو الناتج الإجمالي وتعزيزها والبناء عليها.  
ورشات التقييم  
أعلن الديوان الملكي الهاشمي عن استضافته سلسلة من ورشات العمل القطاعية التي تهدف إلى تقييم سير العمل في رؤية التحديث الاقتصادي بعد مرور ثلاث سنوات على إطلاقها بتوجيهات ملكية وذلك ابتداء من اليوم الأحد الموافق 13 تموز(يوليو) 2025.
وتنعقد الورشات في إطار حرص جلالة الملك عبدالله الثاني على متابعة تنفيذ الرؤية، وضمان تسارع النمو الاقتصادي وتحقيق أثر ملموس في حياة المواطنين، وترسيخ التزام الحكومات المتعاقبة في تنفيذ الرؤية ضمن الإطار الزمني المقرر. 
وتشكل ورشات عمل المرحلة الثانية للرؤية، مراجعة مسؤولة ومستقلة لضمان التغذية الراجعة وتجويد مبادراتها وتوصياتها لمواكبة المستجدات التكنولوجية والتطورات الفنية بما يتناسب مع أفضل الممارسات الحديثة، وهي إجراء دوري لكل مرحلة.
ويشارك في الورشات القطاعية، التي تستمر حتى 29 تموز(يوليو) الحالي، خبراء مختصون وممثلون عن القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وأكاديميون وإعلاميون ممن صاغوا الرؤية، تعزيزا لاستمراريتها على منهجها.
وتعد رؤية التحديث الاقتصادي التي تم وضعها خلال عام 2022، بمشاركة أكثر من 500 من المتخصصين والمعنيين والخبراء الاقتصاديين، بمثابة خريطة طريق للاقتصاد الوطني خلال العقد المقبل، وتعتمد رؤية التحديث الاقتصادي على ركيزتين رئيسيتين، هما ركيزة النمو الاقتصادي (إطلاق كامل الإمكانات)، وركيزة جودة الحياة (النهوض بنوعية الحياة)، إذ تتشارك الركيزتان بخاصية "الاستدامة".
وتكمن الأهداف الإستراتيجية للرؤية باستيعاب مليون شاب وشابة في سوق العمل، وزيادة الدخل الفعلي للفرد بنسبة
3 % سنويا في المتوسط، والوصول بمعدل النمو الاقتصادي السنوي في نهاية الرؤية إلى 5.7 % علاوة على رفع ترتيب الأردن في عدد من المؤشرات الاقتصادية الدولية. 
الرؤية اختبار لصدقية الحكومة 
وقال وزير الدولة للشؤون الاقتصادية الأسبق يوسف منصور إن "استضافة الديوان الملكي لسلسلة من الورشات النقاشية لتقييم سير العمل في رؤية التحديث الاقتصادي، دلالة جديدة على جدية وحرص الدولة الأردنية على المضي قدما في عملية الإصلاح الاقتصادي، والنهوض بالواقع التنموي والمعيشي للأردنيين".
وأضاف منصور "تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي من قبل الدولة ومؤسساتها لا رجعة عنه إذ أن هناك تعهدا ملكيا لتنفيذ هذه الرؤية وتأكيد أنها مختلفة عن أي خطط وبرامج إصلاحية سابقة".
وأكد أن الالتزام بتنفيذ الخطة هو نجاح لمصداقية الحكومة والجهاز التنفيذي والتشريعي. 
وشدد منصور على أن الورشات التي ستعقد ستكون فعالة وذات أثر في رسم معالم المرحلة المقبلة لتنفيذ هذه الرؤية واستكشاف مكامن الخلل التي اعترت تنفيذها خلال المرحلة الماضية ، لذلك فإن الرهان كبير على الورشات القادمة في رفع نسق العمل بالبرنامج التنفيذي للرؤية.  
ولفت منصور إلى أن وتيرة العمل برؤية التحديث الاقتصادي منذ وصول الحكومة الحالية، تتزايد بشكل ملموس وواضح إذ أنها اتخذت أكثر من 100 إجراء إصلاحي مرتبط ببرنامج الرؤية، موضحا أن رئيس الحكومة الحالية 
وأغلب أعضاء الفريق الاقتصادي الحكومي، كانوا مشاركين فاعلين في صياغة هذه الرؤية، ما يمنح القدرة على تنفيذها خلال المرحلة المقبلة.
وأشار منصور إلى أن الحكومة الحالية نجحت في إيجاد نمطية إيجابية جديدة لدى المواطنين، وترميم الثقة  لديهم ورفع منسوبها بعد سنوات من تراجعها، مؤكدا أن توفر الثقة هو حجر الأساس في نجاح أي خطة إذ تعد الثقة أفضل عامل قوة يمكن أن يدفع الرؤية إلى الأمام. 
واعتبر منصور أن التوترات الجيوساسية من حولنا خلال العامين الأخيرين لاسيما الحروب الإسرائيلية في المنطقة، كان لها أثر سلبي على سير عمل تنفيذ الرؤية وتحقيق مؤشراتها، إذ كان لهذه التوترات ضغوط واضحة على السياحة والنمو والاستثمار. 
وأكد منصور أن الحكومة قادرة على اجتراح الحلول التي تضمن توفير التمويل اللازم لمشروعات الرؤية، بما فيها الحلول من داخل الاقتصاد الأردني، مشددا على أن الرغبة في نجاح هذه الرؤية يتطلب جهودا مضاعفة والسعي في كل الاتجاهات بما يضمن توفير سبل تحقيقها.  
إعادة النظر في الجانب الاستثماري 
بدوره، أكد رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية الأسبق عمر النبر أن رؤية التحديث الاقتصادي منذ إطلاقها قبل نحو ثلاث سنوات، كانت خطة حية قابلة للتحديث والتطوير، وهو ما أُعلن عنه بوضوح منذ المراحل الأولى لإعدادها، مشددا على أن الوقت حان لإعادة النظر في بعض محاورها، خاصة في الجانب الاستثماري.
ولفت النبر، إلى أن  مخرجات الرؤية الأصلية في الديوان الملكي العامر وما أُقر من خطط تنفيذية سابقا ، اختلفت في بعض الجوانب عما تم إقراره ومن ثم تطبيقه على أرض الواقع، وهناك جوانب لم تجد طريقها إلى التنفيذ، رغم أنها كانت أساسية لتحقيق أهداف الرؤية. 
وأشار إلى أن الورشات التقييمية المنتظرة اليوم تمثل فرصة مهمة لرصد الإيجابيات والسلبيات، وتحديد خريطة وتحديث للرؤية وخريطة طريق للمرحلة المقبلة، لافتا إلى أن الهدف الرئيسي للرؤية كان دائمًا يتمثل في رفع معدلات النمو الاقتصادي والتوظيف، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون تعزيز البيئة الاستثمارية وإعادة تقييمها بشكل واقعي وشامل.
وأوضح النبر قائلا "الأصل أن تسهل الخطة التنفيذية بيئة الاستثمار وتطور الفرص أمام القطاع الخاص، إلى جانب إصلاحات في القطاع العام، لكن الأوضاع الجيوسياسية المحيطة بالأردن أثرت على قدرة تنفيذ الرؤية بالوتيرة المرجوة لا سيما فيما يتعلق بالسياحة والنمو الاقتصادي".
وأكد النبر أن جوهر الخطة يقوم على تحقيق نمو اقتصادي وزيادة معدلات التوظيف، وهو ما يستدعي معالجة التحديات الداخلية إلى جانب التأثيرات الخارجية، من خلال دراسات دقيقة للقطاعات الاقتصادية الواعدة التي يمكن أن تقود إلى تحقيق هاتين الغايتين . 
المرحلة المقبلة تتطلب شراكة حقيقية مع القطاع الخاص 
وشدد النبر على أهمية أن تلتزم الجهات المنفذة للرؤية بالمخرجات التي ستتمخض عنها الورشات المنتظر عقدها وتستند إلى توصيات المختصين، مؤكدا أن القطاع الخاص يجب أن يكون شريكا رئيسا في عملية التحديث، لأنه المحرك الأكبر للتوظيف والنمو الاقتصادي.
وأكد النبر أهمية إشراك القطاع الخاص في تنفيذ الرؤية من الاسفل الى الاعلى، والعمل مع القطاع الخاص بشكل تكاملي، مع تقديم الحوافز المشروطة المناسبة له حتى يحقق زيادة في الإيرادات والتصدير والتوظيف والاستثمار بما يتناسب مع مقدرات الخزينة ومتطلبات سداد الديون مقابل مساهماته في التوظيف وتنفيذ المشروعات وزيادة التصدير والاستثمار، كل قطاع على حدة وبالتفصيل لكل قطاع.
فلسفة رؤية التحديث قابلة للتطوير 
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة "يجب التركيز على المتابعة والتقييم المستمر لسير تنفيذ الرؤية وضرورة إجراء مراجعات دورية تحاكي التطورات والمتغيرات المتسارعة إذ أن الرؤية في فلسفتها هي وثيقة عمل قابلة للتطوير". 
وأضاف زوانة "التقييم الدائم ليس ترفا، بل هو قاعدة علمية وأكاديمية، وأساس في العمل السياسي والاقتصادي، لأن العالم من حولنا يتغير بسرعة مذهلة، سواء في التكنولوجيا أو الاقتصاد أو السياسات الإقليمية والدولية، ما يفرض على أي خطة وطنية أن تواكب هذه التحولات".
وقال زوانة "ما نحتاجه اليوم ليس فقط التعديل، بل إعادة نظر شاملة تستفيد من دروس السنوات الثلاث الماضية، وتتفادى الوقوع مجددا في فخ الخطاب الإنشائي والتخبط الإداري، فالأمل معقود على أن يكون القائمون على المراجعة الحالية قد أدركوا حجم التحدي واقتربوا من الواقع".
الأداء الاقتصادي الإيجابي 
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي منير دية أن عقد ورش جديدة للتباحث برؤية التحديث الاقتصادي، خطوة إيجابية تعكس حرص الدولة الأردنية على برنامج الإصلاح الشامل وفي مقدمته الإصلاح الاقتصادي، الذي يعد الشرط الأساسي لتحقيق التنمية والازدهار. 
ويرى دية أن هذه الورش مهمة جدا للبناء على ما تم خلال الفترة الماضية وإزالة التحديات والعقبات التي حالت دون تنفيذ كامل بنود الرؤية خلال السنوات الثلاث الماضية، مشددا على أن المطلوب اليوم مناقشة التحديات كافة وإزالتها والعمل على تنفيذ وتسريع وتيرة العمل بتنفيذ الرؤية.
وشدد على ضرورة أن تركز الورشات على ربط الرؤية بواقع حال الاقتصاد الأردني سواء كان ذلك بمعدلات النمو أوالبطالة أو تدفقات الاستثمار الأجنبي بما يقود إلى تحقيق المستهدفات في هذه المحاور الثلاث التي تطمح الرؤية في تحقيقها. 
وأشار دية إلى أن أداء مؤشرات الاقتصاد الوطني منذ بداية العام ، حققت أداء إيجابيا بشكل عام سواء كان ذلك بارتفاع الصادرات بنسبة 10 % واحتياطات النقد الأجنبية التي وصلت إلى 23 مليارا، فضلا عن ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبية بنسبة 14.3 % علاوة على ارتفاع  نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول إلى 2.7 % وانخفاض البطالة بنسبة 0.1 % لتصل إلى 21.3 % وكذلك زيادة الدخل السياحي بما يزيد على 15 % مشددا على ضرورة البناء على هذه الأرقام الإيجابية وجعلها قاعدة لإنطلاق الاقتصاد الوطني. 
ولفت دية إلى أن المرحلة تتطلب من القائمين على الورشات "النظر قطاعيا" إلى المشهد الاقتصادي المحلي خلال الفترة المقبلة،  والسعي إلى تكثيف الجهود في القطاعات التي لم تستطع تحقيق نتائج إيجابية ملموسة على أرض الواقع، ولم تساهم حقيقة في النمو الناتج المحلي الإجمالي، وفي الوقت ذاته مراجعة القطاعات التي ساهمت في زيادة النمو الناتج الإجمالي وتعزيزها والبناء عليها.