أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-Mar-2023

نيجيريا: أكبر بلدان افريقيا اقتصاداً وسكاناً وموارد وعدداً للفقراء

 إسطنبول – الأناضول: نيجيريا بلد المفارقات والتناقضات. فرغم امتلاكها أكبر اقتصاد في أفريقيا، وأكبر إنتاج نفطي وأكبر احتياط غازي وأكبر عدد من السكان في القارة السمراء، وكونها رابع أكبر قوة عسكرية قارياً، فإنها تضم أكبر عدد من الفقراء في القارة، ونحو 40 في المئة من نفطها في الجنوب يتم سرقته، ومساحات واسعة من شمال شرق البلاد خاضعة لسيطرة الجماعات الإرهابية، ناهيك عن انتشار عصابات النهب والقتل والاختطاف المتحالفة أحياناً مع الجماعات الإرهابية.

هذه الأزمات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية مجتمعة حدّت من صعود عملاق أفريقي بإمكانه ضبط الاستقرار، ليس فقط على أرضه، بل في كامل منطقة غرب أفريقيا.
وطيلة عقود، تزعمت جنوب أفريقيا القارة السمراء اقتصادياً، ونافستها على الصدارة كل من الجزائر ومصر لأعوام قصيرة ومتفرقة. لكن منذ 2013 تجاوزت نيجيريا الجميع بفضل إنتاجها الكبير من النفط (الأولى أفريقيا منذ 1979) بالتزامن مع ارتفاع أسعاره لمستويات قياسية.
وكانت البلاد تنتج نحو مليوني برميل يومياً قبل أن يتراجع إنتاجها في 2022، لنحو 1.6 مليون برميل يومياً، بسبب لصوص النفط ما أفقدوها نحو 200 ألف برميل يومياً وفق مصادر رسمية، بينما يرى خبراء أن هذا الرقم يصل إلى نحو 600 ألف برميل يومياً.
بل إن بيانات حكومية لهيئة تنظيم النفط النيجيرية كشفت أن إنتاج النفط تراجع لأقل من مليون برميل يومياً في أغسطس/آب 2022، وهو أدنى مستوى منذ 1990، مما كاد يُفقد البلاد صفتها كأكبر منتج للنفط في أفريقيا، بعد تفوق أنغولا وليبيا عليها في بعض الأشهر من العام الماضي.
ويقدر البعض أن 40 في المئة من كميات النفط التي تنتجها البلاد تفقد بسبب سرقة، وعدم الدقة في حساب الإنتاج، وفق تدقيق جنائي أجرته “لجنة تنظيم التنقيب والإنتاج النيجيرية” للفترة بين يناير/كانون الثاني 2020، ونوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وتمتلك نيجيريا ثاني أكبر احتياطي نفطي مؤكد في أفريقيا بعد ليبيا، بكمية تقترب من 37 مليار برميل في نهاية عام 2021، لكنه الأقل منذ 2011.
وتطمح نيجيريا لأن تصبح ثالث أكبر مُصدِّر للغاز المُسال في العالم، من خلال استغلال احتياطاتها الضخمة من الغاز الأكبر في أفريقيا والتي تبلغ 5.7 ترليون متر مكعب 2021، بينما يصل إنتاج الغاز إلى 45.9 مليار متر مكعب، صدرت منه 35.46 مليار متر مكعب.
لذلك تراهن نيجيريا على زيادة استثماراتها في الغاز الطبيعي والغاز المُسال، ليس فقط لزيادة الصادرات بل أيضاً لتلبية الطلب الداخلي المتزايد على الكهرباء.
ففي يونيو/حزيران 2020 أطلقت نيجيريا مشروع إنجاز خط أنابيب “إيه.كيه.كيه” لنقل الغاز من دلتا النيجر في الجنوب إلى مدينة كانو في الشمال، والذي سيكون جزءاً من الأنبوب العابر للصحراء “نيغال” في اتجاه النيجر والجزائر في الطريق إلى أوروب.ا
ووعدت السلطات النيجيرية أن يبدأ العمل في إنشائه خلال الربع الأول من 2023، وسيساعد في توليد 3.6 غيغاوات من الطاقة، ودعم الصناعات القائمة على الغاز على طول امتداده عند اكتماله.
فرغم أن البلاد غنية بموارد الطاقة إلا أن نسبة السكان الذين يحصلون على الكهرباء تبلغ 55.4 في المئة فقط، وفق بيانات البنك الدولي، مقارنة بتونس التي تصل هذه النسبة إلى 100 في المئة مع أنها مستوردة للغاز.
وإلى جانب خط أنابيب “نيغال” لتصدير الغاز النيجيري إلى أوروبا (إيطاليا) عبر الجزائر، تدرس أبوجا إنجاز خط أنابيب ثان يمر عبر 13 دولة أفريقية في اتجاه المغرب ثم أوروبا (إسبانيا).
غير أن أوروبا ليست متحمسة كثيراً لاستيراد الغاز النيجيري عبر الأنابيب، وتفضل استيراد الغاز المُسال منها عبر السفن، وذلك لعدة اعتبارات، أبرزها سعي دول الاتحاد للتخلص من الوقود الأحفوري في آفاق عام 2050، بينما أنبوب الغاز العابر للأطلسي مثلا من المتوقع أن يستكمل في 2046 على الأقل.
والأمر الآخر، أن الدول الغربية لا تريد رهن أمنها الطاقوي عبر أنابيب غاز تمر من مناطق غير آمنة أو مناطق نزاع، خاصة وأن دلتا النيجر تشتهر بعصابات سرقة النفط، وقد تتعرض هذه الأنابيب إلى التخريب سواء على يد الجماعات الإرهابية أو عصابات سرقة المحروقات.
ونيجيريا ليست فقط أكبر دولة أفريقيا من حيث الناتج الداخلي الخام والبالغ 440 مليار دولار في 2021، وفق البنك الدولي، ولكنها الأكبر أيضاً أفريقيا من حيث عدد السكان (216 مليون نسمة)، ونصيب الفرد فيها من الناتج الإجمالي منخفض ولا يتجاوز 2065 دولاراً، أي أنها ليست من الدول الغنية بل يمكن اعتبارها من الدول الفقيرة.
وقد صنفت بيانات “ساعة الفقر العالمي” العام الماضي نيجيريا الأولى أفريقيا من حيث عدد الفقراء، حيث يعيش أكثر من 70 مليوناً من مواطنيها تحت خط الفقر، ويمثلون 33 في المئة من إجمالي عدد السكان.
وكانت نسبة النيجيريين الذين يعيشون تحت خط الفقر (1.9 دولار للفرد في اليوم) تبلغ 40 في المئة في مارس/آذار 2022.
وبلغ معدل التضخم 21.5 في المئة في نهاية عام 2022، ومعدل البطالة 33 في المئة لجميع البالغين و42.5 في المئة للشباب.
كما أن نيجيريا الأولى من حيث الكثافة السكانية أفريقيا، ونسب المواليد الجدد بها مرتفع وبلغ 2.4 في المئة في عام 2021، وفق البنك الدولي، ما يدفع الخبراء للاعتقاد أنها ستتفوق على الولايات المتحدة الأمريكية من حيث عدد السكان، للتصبح الثالثة بعد الهند والصين في عام 2050.
يصنف موقع “غلوبل فاير باور” الجيش النيجيري كرابع قوة عسكرية في أفريقيا بعد كل من مصر والجزائر وجنوب أفريقيا. ويبلغ تعداد جيشها 135 ألف عنصر.
ورغم أن الجيش النيجيري يعد الأكبر في غرب أفريقيا، إلا أنه يواجه عدة تنظيمات مسلحة على غرار القراصنة في خليج غينيا، وانفصاليي إقليم بيافرا (جنوب شرق) وانفصاليي منطقة دلتا النيجر الغنية بالنفط (جنوب)، وتنظيمات إرهابية في الشمال الشرقي مثل بوكو حرام وداعش، وجماعات صغيرة مقربة من تنظيم القاعدة في الشمال الغربي، وعصابات النهب والخطف.
ناهيك عن النزاعات بين الرعاة والمزارعين، وبين المسلمين في الشمال والمسيحيين في الجنوب.
وكثرة الجماعات المسلحة في البلاد أثقل كاهل الجيش والقوى الأمنية، وأضعف قدرة البلاد على التطور ولعب دورها الإقليمي المفترض كشرطي غرب أفريقيا.