أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-May-2023

"أسرار" النفط في تحول العلاقات الأميركية الخليجية*احمد جميل عزم

 الغد

تشير البيانات إلى استمرار ارتفاع صادرات الولايات المتحدة الأميركية النفطية هذا العام (2023)، وهذا ما سيكون له نتائج سياسية وإستراتيجية مهمة تنعكس في مجالات مختلفة، منها العلاقات الخليجية الأميركية. 
خلال خمس سنوات ما بين (2017 - 2022) تراجع استيراد الولايات المتحدة من النفط الخام من 7 ملايين برميل يومياً إلى 1.1 مليون. والولايات المتحدة الآن هي المنتج (والمستهلك) الأكبر للنفط في العالم. في العام 2019، تضاعفت صادرات النفط السعودية إلى الصين، في ذات الوقت انخفضت الصادرات السعودية إلى الولايات المتحدة بمقدار الثلثين. 
 
عندما قررت الولايات المتحدة الانسحاب من العراق وأفغانستان، بسبب فشلها عسكرياً هناك، قررت أيضاً، تغيير السياسة النفطية، فبَعد أن كانت تعتمد على استيراد النفط، قامت بالتوسع في إنتاجه داخل الولايات المتحدة، وتم إلغاء الكثير من القيود على حفر آبار في مناطق كانت ممنوعة لأسباب بيئية، وتم تنويع مصادر استيراد البترول، من مناطق مثل بحر قزوين وأفريقيا، وفي العام 2018 وصلت الولايات المتحدة لمستويات إنتاج في النفط وتصدير أكثر مما تستورد، وانتقلت من كونها من الدول المستهلكة إلى دولة مصدّرة، وفي نهاية عام 2022، كانت الولايات المتحدة تصدر يومياً 3.4 مليون برميل يومياً، من النفط الخام، و3 ملايين يومياً من مشتقات النفط المصنّعة، وهذا يضاف لارتفاع كبير في صادرات الغاز.
بدأت العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية، بعد الحرب العالمية الثانية، عندما دخلت إدارة الرئيس فرانكلين روزفلت، علاقة خاصة مع دول الخليج العربية، وخصوصاً السعودية، تقوم على ضمان وصول نفط رخيص، مقابل مساعدات ودعم عسكري. حدث تحول عام 1979 عندما انتصرت الثورة الإيرانية، وغزا الاتحاد السوفييتي أفغانستان، فبدا أن الراديكاليات الإسلامية والشيوعية دخلت المنطقة بشكل أكبر، فأعلن الرئيس الأميركي حينها، جيمي كارتر ما عرف باسم «مبدأ كارتر» وأعلن أنّ واشنطن تعتبر أي تهديد في منطقة الخليج، هجوماً على المصالح الحيوية الأميركية، سيتم الرد عليه بأي وسيلة بما فيها العسكرية. 
في الثمانينيات استغلت واشنطن الحرب العراقية الإيرانية، لتزويد الطرفين بالسلاح وحتى المال، سرّاً وعلانية، ليتقاتلا. وعندما انتهت الحرب الباردة، وبعد أن أصبحت الجيوش الأميركية، في المنطقة، بعد أن طُبّق مبدأ كارتر فعلا عام 1990/ 1991 لإخراج صدام حسين من الكويت وبقيت القوات الأميركية في المنطقة، قررت الولايات المتحدة تنفيذ سياسة جديدة فبعد دعم الإضعاف المتبادل (بين العراق وإيران في الثمانينيات)، قررت تطبيق سياسة الاحتواء المزدوج، حيث تقوم بنفسها بحصار ومراقبة العراق وإيران. 
استمرت هذه السياسة حتى العام 2001، عندما حدثت اعتداءات 11 سبتمبر، وجزء من أسباب هذه الاعتداءات استياء شعبي عربي في بعض الدول من الوجود الأميركي المباشر، هنا قررت واشنطن الاتجاه لسياسة أكثر هجومية، تقوم على احتلال العراق وتغيير النظام السياسي هناك، كمقدمة لتغيير سلسلة أنظمة في المنطقة، وفرض تغييرات على الأنظمة العربية الحليفة. 
فشلت هذه السياسة بسبب عدم القدرة على تحقيق الاستقرار في العراق، ولأن الأنظمة العربية الحليفة لم تتحمس لها، فهي لم تتحمس لإزالة صدام حسين، وكانت تفضل أن تراه رادعاً لإيران، وقاومت إحداث إصلاحات سياسية، وهنا بدأت سياسة الاستقلال النفطي الأميركي.
هذه التحولات توضح تحولات في الموقف الأميركي، فمثلا في منتصف العام 2019 نفذت عدة هجمات ضد ناقلات نفط في الخليج العربي، وفي أيلول/ سبتمبر تم الهجوم على منشأتي نفط سعوديتين، إبقيق وهجرة خُرَيص، التابعتين لشركة أرامكو، وكان هناك قناعة واسعة أن إيران خلف الهجمات، بطائرات مسيرة، حينها قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنّ إيران تبدو «مسؤولة عما حدث، ولكن لا نريد حربا»، هذا جسّد ابتعادا أميركيا عن سياساتها السابقة التي تستعد لحماية إمدادات النفط من الخليج بالقوة.
 اللافت أن دول الخليج لم تعارض أو تعلق على الموقف الأميركي (الانسحابي) وبدا أنها تطور بديلها الخاص. وهذا ربما قاد لاتفاق إيراني – سعودي بوساطة صينية عام 2023، في إشارة لأنّ السعودية لا تعتمد على مبدأ كارتر.
في الواقع أنّ على محللي السياسة مراقبة التحولات الجيوإستراتيجية للنفط عن قرب، وإدخال ذلك في فهم سيناريوهات المستقبل.