أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Jan-2021

الدور التنموي للمصارف ومسيرة الإصلاح الاقتصادي*سامح المحاريق

 الراي

تعرضت البنوك بشكل عام وفي مختلف أنحاء العالم لعمليات تشويه كثيرة منذ أن أصبح العمل المصرفي جزءاً أساسياً في الاقتصاد العالمي، وجرى الحديث عن ممارسات استغلالية للمؤسسات المصرفية وصلت إلى حد شيطنة عملها، مع أن قراءة التاريخ الاقتصادي تبين أن البنوك كانت جزءاً من الثورة الاجتماعية التي أنهت النظام الإقطاعي وصعدت بالبرجوازية التي على الرغم من جميع عيوبها كانت قفزة هائلة في التاريخ الإنساني واستطاعت أن تقدم مستويات غير متخيلة مسبقًا من الحرية والعدالة في مختلف المجتمعات.
 
تبدأ القصة التي يتجاهلها كثيرون مع طرد الأقنان من الأراضي في بريطانيا ليتم استثمارها في تربية الأغنام لتصدير الصوف المطلوب عالمياً، ووجد مئات الآلاف من الأفراد أنفسهم هائمين على وجوههم في الشوارع، ولم يكن متصورًا من غير دور البنوك في تمويل المصانع الصغيرة في المدن أن يتم استيعاب الفائض البشري الذي وجد نفسه يشهد تهاويًا لنظام عاش في ظله زمناً طويلاً.
 
هذا الدور الأساسي في عمل البنوك ونتيجة لشيوعه لم يعد أحد يشير له أو يشيد به، بل ويعتبر من نافلة القول، فلا أحد مثلًا سيمتدح صنبور المياه أو لمبة الكهرباء في المنزل، ولكن لمن يريد أن يتعرف على أهمية هذه المفردات البسيطة في الحياة اليومية عليه أن يجرب أن يستغني عنها لأيام.
 
لحماية أموال المودعين أخذت البنوك تسعى لتطبيق سياسات متحفظة، وتقرض عملياً من يستطيعون السداد مقدمًا، صحيح أن ذلك يحدث أثرًا اقتصادياً كبيراً، ولكنه يبقى دون الطموحات، ولا يُمَكِن المصارف من أداء دورها الذي قدمته قبل قرنين أو ثلاثة من الزمن، فالأولوية في تنظيم العمل المصرفي تتوجه للمحافظة على أموال المودعين.
 
الدور الذي تؤديه البنوك الأردنية ومحافظتها على أموال المودعين، والعمل الكبير الذي ينجزه البنك المركزي لتجنيب السوق الأردني الصدمات والمحافظة على الاستقرار النقدي كلها أمور تحسب للقطاع في الأردن، ولذلك لم يواجه القطاع في الأردن صعوبات كبيرة على خلفية الأزمة المالية العالمية التي ضربت القطاع المصرفي في بلدان كثيرة حول العالم.
 
مع ذلك ربما من المناسب الحديث عن ضرورة البحث عن استراتيجية جديدة تمكن البنوك في الأردن من الدخول بوصفها فاعلاً نشطاً في تحفيز الاقتصاد والريادة، وتتقدم خطوة أبعد ولو قليلًا من التحفيز الذي يضبطه البنك المركزي، والبنوك مطالبة بالتحرك بالمبادرة لا الاكتفاء بالمشاركة في تنفيذ الخطط والاستراتيجيات، فالبنوك تمتلك كمًا هائلاً من المعلومات حول القطاعات الاقتصادية يمكن أن توظفها في تحديد مزايا وسلبيات كل قطاع، كما وتمتلك الكوادر المؤهلة التي يمكن أن تستوعب من خلال التدريب المتخصص آليات جديدة في التمويل وتقنيات جديدة من أجل خلق أنماط استثمار تناسب الوضع المحلي الأردني الراهن، دون أن تكتسب بالطبع سمعة بنوك الاستثمار الأجنبية التي تحولت من رافعة لمناقلة التمويل إلى ساحة للمضاربة كما اتضح في بعض فصول الأزمة المالية العالمية.
 
تحتاج البنوك الأردنية بوصفها جزءًا من المنظومة المتكاملة للإصلاح الاقتصادي أن تعمل على استعادة دور مهم وحيوي، وأن تمنح هذه الفرصة من قبل مجتمع يجد البنوك أسهل الأطراف لتمرير الخصومات والانتقادات.