أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-May-2023

تنظيم السوق أولوية على الانفتاح*سلامة الدرعاوي

 الغد

من الأخبار المتكرّرة بين الفترة والأخرى، والّتي تتصدّر المشهد الاقتصاديّ، هو موضوع بيع المشتقّات النفطيّة من قبل الشركات التسويقيّة الثلاث العاملة في المملكة. آخرها ما أصدرته هيئة تنظيم قطاع الطاقة الأسبوع الماضي، بأنّ الباب مفتوح أمام الراغبين بالاستثمار في أنشطة تسويق وتوزيع المشتقّات النفطيّة داخل المملكة. كما أشارت الهيئة إلى أنّها تقوم حاليّاً بدراسة طلب جديد لترخيص شركة تسويقيّة جديدة بما يتوافق مع التشريعات الناظمة للعمل في القطاع النفطيّ داخل المملكة.
 
هذا التوجّه يذكّرني ببعض الحالات المماثلة الّتي قادت الحكومة إلى فتح الأسواق في بعض القطاعات، ظنّاً منها أنّ ذلك سيكون له تأثير إيجابيّ على المنافسة في الأسواق والخزينة معاً، ولكنّ النتيجة كانت على العكس تماماً.
يعلم الجميع جيّداً أنّه كانت هناك في المملكة شركة إسمنت واحدة، وكانت توزّع أرباحاً على المساهمين في بعض الفترات تتجاوز الـ 120 مليون دينار، بالإضافة إلى رسوم التعدين والضرائب المتنوّعة المتّجهة للخزينة. وبعد فتح القطاع بالكامل ودخول ستّة مستثمرين جدد في صناعة الإسمنت، الّذين استثمروا مئات الملايين من الدنانير في إقامة مشاريع صناعيّة ضخمة، فإنّ المشهد العامّ لسوق الإسمنت يبدو محزناً جدّاً لكافّة الأطراف، بما في ذلك الحكومة، ومستثمرو الإسمنت، والمستهلك. الشركات تعاني تقريباً جميعها من خسائر كبيرة. فلا الخزينة تحصل على ضرائبها ورسومها كما في السابق، ولا المستثمرين حصلوا على أيّ أرباح منذ سنوات عديدة، ولا المستهلك استفاد من حيث الأسعار. الجميع خاسر، في النهاية.
ولا ننسى ما فعلته الحكومة عندما أرادت إدخال مشغّل رابع للاتّصالات وفشلت، رغم أنّها طرحت العطاء ثلاث مرّات متتالية، ولم يتقدّم أحد له، نظراً لعدم وجود جدوى اقتصاديّة في المشروع أساساً.
اليوم، تعيد الحكومة المشكلة نفسها بكافّة أبعادها في قطاع الطاقة، من خلال رغبتها في إدخال شركة تسويقيّة رابعة للسوق، علماً أنّ الشركات الثلاث العاملة حاليّاً تواجه صعوبات مع الجهات المختلفة، ولديها مشكلات كافية لدفع أيّ واحدة منها للخروج من السوق. جميعها تعاني من نفس المشكلات المرتبطة بالجهات الرسميّة، من تأخيرات في السداد، وعمولات، وضرائب، وغيرها من القضايا المتراكمة منذ سنوات وحتّى اليوم لم تجد حلّاً.
والأهمّ من ذلك كلّه، أنّ المواطن لن يستفيد أساساً من وجود شركة، أو ثلاث، أو حتّى أربع، طالما بقيت التسعيرة بيد الحكومة، والضرائب على شكلها وحجمها الراهن. بالعكس، قد يساهم دخول شركة تسويقيّة جديدة في زيادة الأعباء على المستهلك نتيجة المنافسة الضعيفة بين الشركات وتراجع أنشطتها، ممّا قد يدفعهم لطلب حوافز وعمولات لتعويض هذا التراجع، والّذي في النهاية سيكون على حساب المستهلك.
دخول شركة تسويقيّة رابعة للمشتقّات النفطيّة يتطلّب دراسة للآثار السلبيّة المرتبطة به، خاصّة في بعض القطاعات مثل زيادة التلوّث البيئيّ. فزيادة عدد الشركات المتخصّصة في تسويق المنتجات النفطيّة في الأردنّ قد تؤدّي إلى زيادة حجم التلوّث البيئيّ وتأثيره في الصحّة العامّة والبيئة.
أو قد يؤدّي إلى انخفاض جودة المنتجات، حيث يمكن أن تؤدّي المنافسة الشديدة في السوق إلى انخفاض جودة المنتجات المقدّمة من الشركات المنافسة، بهدف خفض التكاليف وجذب المزيد من العملاء. أو تقليل الاستثمارات في البيئة؛ فمع زيادة المنافسة بين الشركات في السوق، قد يتمّ تقليل الاستثمارات في تقنيات الحدّ من التلوّث وحماية البيئة بشكل عامّ، وهذا قد يؤثّر سلباً على جودة البيئة والصحّة العامّة.
أقول بصراحة إنّ الأمر يتطلّب الهدوء والدراسة المعمّقة، الّتي تهدف بشكل رئيسيّ إلى تنظيم السوق وحماية المستهلك، وليس إلى التسبّب في الضرر بالأسواق والمستهلك والخزينة معاً. 
فالتنظيم يجب أن يكون أولويّة قبل الانفتاح غير المدروس وغير المجدي.