الملك لاقتصاديين.. دروس ورسائل اقتصادية*نيفين عبدالهادي
الدستور
عندما تتكاثر الأزمات وتعدد التحديات، أكثر القطاعات تأثرا بها وتسقط عليه نتائجها السلبية هو القطاع الاقتصادي، فسرعان ما تصله النتائج قبل أي قطاع أو مجال آخر، وبطبيعة الحال هذا الأمر يعدّ نظرية عالمية ليست مقتصرة على دولة بعينها، إنما هو قطاع حساس، يتطلب رؤى خاصة تجعل من تأثره قليلا أو قويا لتجاوز أي صعاب وتحديات.
وليس هناك أكثر من المرحلة الحالية والتي جاءت بعد جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وصولا للحرب على الأهل في غزة، ليس هناك أكثر من صعوبتها، ودقتها، هي مرحلة طالت تحدياتها كافة القطاعات الاقتصادية، طالت أكثر الأنظمة الاقتصادية قوّة في العالم، ما يجعلها مرحلة يجب التنبّه بها للآثار الاقتصادية السلبية، والأخذ بها على محمل العلاج، ووضع أساسيات اقتصادية يُمكن من خلالها تجاوز أي تحديات أو صعوبات.
بالأمس، وفي رسالة هامة جدا من جلالة الملك عبدالله الثاني، أكد «أن الأردن بلد قوي ومستقر والأزمات تجعله دائما أقوى»، لتتضح صورة الواقع الاقتصادي المحلي، وأنه مواجها للصدمات وضدها، وقادرا على المواجهة فهو ليس فقط قويا، بل هو في الأزمات يكون «الأقوى»، وفي هذه الرسالة تأكيد ملكي على أن الاقتصاد يمكنه دوما تجاوز التحديات والصعاب.
وفي وصفة نموذجية من جلالة الملك لدى لقائه أمس ممثلين عن القطاع في قصر الحسينية بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، لبقاء الاقتصاد في مكانة القوّة، دعا جلالته «إلى المساهمة في تقديم الأفكار والحلول لدعم بعض القطاعات الاقتصادية المتأثرة جراء الأوضاع الراهنة، خصوصا قطاع السياحة. وبين جلالته أن الأردن يمتلك الخبرة في كيفية التعامل مع الأزمات، وهو قادر على مواصلة بناء اقتصاده والعمل في الظروف الصعبة، لافتا إلى أن المملكة تحظى بدعم الأشقاء والأصدقاء لأنها بلد قوي»، فهي وصفة ورؤية اقتصادية متكاملة وضعها جلالته بكلمات مباشرة، للخروج من أزمات بعض القطاعات المتضررة، خصوصا قطاع السياحة، بتأكيدات أن الأردن قادر، ويمتلك الخبرة، والقوة، التي هي مصدر دعم الأشقاء والأصدقاء، فطالما كانت القوة مصدر ثقة، وهذا هو الأردن.
وفي ذات اللقاء، الذي وضع به جلالة الملك الواقع الاقتصادي أولوية يجب التنبّه للاهتمام به والسعي لحمايته، والتحوّط لحمايته، وربما أخّرت السياسة النظر له بعين الاهتمام، ليؤكد جلالته أنه أولوية، ومن «الضروري إدامة عمل عجلة الاقتصاد الوطني، داعيا إلى إيجاد آلية للتحوط حماية للاقتصاد نتيجة للظروف الراهنة المحيطة»، ما يجعل من الشأن الاقتصادي ضرورة يجب عدم اغفالها، وأولوية ليس فقط في متابعة وضعه الآني، إنما وضع آلية لحمايته، من الظروف الراهنة المحيطة، ولا شك في رؤى جلالته خارطة طريق لاستمرار الاقتصاد قويا ومضيه على هذا النحو، ورسالة طمأنة بأن الاقتصاد الوطني قويا.
كما لفت جلالته إلى جانب غاية في الأهمية، متعلق بقوة ومنعة الأردن الاقتصادية، بأن «منعة الأردن الاقتصادية قوة للأردنيين والأشقاء في فلسطين، قائلا «الأردن القوي هو القادر على الاستمرار في دعم الأشقاء الفلسطينيين»، هو درس سياسي اقتصادي عبقري، في تطبيقه أعلى درجات التفوّق الاقتصادي في دعم الأشقاء في فلسطين اقتصاديا، لتبدو الصورة اقتصادية بإطار سياسي يحقق ما ينتظره الفلسطينيون من دعم أردني، ربما الأكثر حاجة من بين دول العالم، وفي القوّة جاهزية وقدرة وإمكانية متاحة.