الغد-عبدالله الربيحات
فيما جاءت إستراتيجية المراعي الجديدة التي أقرتها الحكومة مؤخرا لتعزيز التنوع الحيوي والحفاظ على التربة والأراضي من الانجراف والتصحر، أكد خبراء زراعيون مدى الحاجة إلى إقرار مثل هذه الإستراتيجية الممتدة من 2024 - 2030 سواء كانت قصيرة أو بعيدة، آملين أن يكون لها أثر إيجابي في تعزيز التشريعات المثلى للحفاظ على المراعي.
ووفق الخبراء أنفسهم، فإن الإستراتيجية جاءت من أجل استدامة الموارد وتعزيز التكيف مع تداعيات وآثار التغيير المناخي بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال تطبيق القانون، وتفعيل أنظمة حاكمة، وكذلك دور المجتمعات المحيطة في الحفاظ على المراعي واستدامتها.
وأوضح الخبراء في تصريحات منفصلة لـ"الغد" أن المراعي تعد من القطاعات المهمة على الصعيد الوطني والعالمي، وأن للإستراتيجية دورا في خفض الفاتورة العلفية لمربي الثروة الحيوانية واستدامة خدمات النظام البيئي للمراعي، وذلك من خلال الإدارة المستدامة للمراعي التي تنطوي على فوائد بيئية للأراضي.
وكان مجلس الوزراء أقر إستراتيجية المراعي الأسبوع الماضي، حيث بين وزير الزراعة خالد الحنيفات حيثيات القرار، مؤكدا أنه يأتي نظرا لكون المراعي من القطاعات المهمة على الصعيد الوطني والعالمي، ولخفض الفاتورة العلفية لمربي الثروة الحيوانية وخدمات النظام البيئي للمراعي، وذلك من خلال الإدارة المستدامة.
دعم التنوع الحيوي
في السياق أكد الباحث والخبير في الشؤون الزراعية والتنموية د. حسان العسوفي، أن المراعي مكون أساسي من مكونات الإنتاج الزراعي، وهي داعم للتنوع الحيوي، وعامل مهم في الحفاظ على التربة، فضلا عن كونها رافدا أساسيا في توفير الأعلاف، ومهمة لمربي الثروة الحيوانية في خفض فاتورة الأعلاف.
وأضاف العسوفي أن المراعي تواجه تحديات طبيعية وبشرية متعددة، لعل أبرزها التغيرات المناخية وعمليات الرعي الجائر، وكلاهما يحتاج للتوعية المجتمعية لتعزيز التكيف مع التغير المناخي وسبل تنظيم عمليات الرعي وتعزيز الحمولات الرعوية.
وقال إن إعداد خطة وإستراتيجية وطنية للمراعي، سواء قصيرة أو بعيدة المدى، ضرورة ملحة وجاءت في الوقت المناسب، ولها أثر إيجابي في تعزيز الحكومة للتشريعات المثلى للحفاظ على المراعي.
وأشار إلى أن صياغة الإستراتيجية الوطنية لإدارة المراعي جاءت لتعزيز التنوع الحيوي والحفاظ على التربة والأراضي من الانجراف والتصحر، وغيرها من المكونات لاستدامة الموارد وتعزيز التكيف مع تداعيات وآثار التغيير المناخي بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال تطبيق القانون وتفعيل أنظمة حاكمة، وتفعيل دور المجتمعات المحيطة بالحفاظ على المراعي واستدامتها.
وقال إن الإستراتيجية الوطنية لإدارة المراعي نهج وتوجه سليم يخدم القطاع الزراعي برمته، وتوجه وطني وإجراء يستحق الإشارة إليه والثناء على القائمين عليه.
مواجهة التغيرات المناخية
من جهته، بين مدير اتحاد المزارعين محمود العوران، أن إقرار إستراتيجية المراعي 2024 - 2030 بأبعادها الثلاثة، البيئي والاقتصادي والاجتماعي، لمواجهة الظروف والتغيرات المناخية التي تحتاج إلى زياده المسطحات الخضراء بشكل عام، وبالتالي تنمية وتطوير أو إنتاج الأعشاب والشجيرات الرعوية، وهي متطلب في مثل هذا الظرف لمواجهة التغيرات المناخية.
أما عن الجانب الاقتصادي، فأكد العوران أنه يمكن النظر إلى المراعي على أساس كونها مصدرا علفيا للمواشي، وخاصة إذا علمنا أن معظم مربي المواشي يعتمدون في فصل الربيع على المناطق الرعوية في المملكة، وهو ما يساعد في تقليل الفاتورة العلفية وتكلفة الإنتاج على مربي المواشي، لا سيما في مثل هذه الظروف التي تشهد تغيرات مناخية، فإن الإستراتيجية تساعد في تقليل استخدام العلاجات البيطرية؛ لأن التغيرات المناخية تؤدي إلى ظهور بعض الأوبئة والأمراض في الثروة الحيوانية بشكل عام.
أما فيما يخص البعد الاجتماعي، وفق العوران، وفي ظل وجود ثروة حيوانية مع غياب المراعي، فإن ذلك يعني انقراض الثروة الحيوانية التي يعتمد عليها كثير من الناس في معيشتهم، مبينا أن الاهتمام بالمراعي سينعكس إيجابا على القطاع الزراعي بشكل عام، وسيواجه التغيرات المناخية والحد من انجرافات التربة.
تحديث الإستراتيجية
من جانبه، قال مدير مديرية الحراج في وزارة الزراعة خالد المناصير، إن تحديث إستراتيجية قطاع المراعي يتم كل خمس سنوات أو عشر سنوات، حسب الخطة.
وأضاف ان أهمية إستراتيجية المراعي تكمن في تنظيم عمليات الرعي وزيادة الحمولة الرعوية أيضا، وكذلك الحفاظ على مناطق مرصودة بوصفها مناطق للمراعي، وتزخر بأنواع نباتية معينة.
وبين المناصير أن الإستراتيجية تتضمن إعادة تأهيل المواقع، سواء في المناطق الشرقية أو البادية الجنوبية أو البادية الغربية، من خلال إستراتيجية واضحة.
وأشار إلى أن الإستراتيجية الجديدة سترتبط بقضايا التغير المناخي وأماكن أنواع النبات الأصيلة، إضافة إلى الحفاظ على الموجود منها وزيادة المساحات الرعوية، من خلال التنسيق مع مشاتل وزارة الزراعة، وإنتاج أنواع ملائمة لتلك المناطق، بشراكة كاملة مع وزارة الزراعة ومديرية المراعي ومديرية الحراج، مضيفا أن كل هذا يأتي في إطار الإستراتيجيات التي تعمل عليها وزارة الزراعة.
وأكد أننا جزء من المنطقة كاملة، وهذا مرتبط أيضا بالدول المجاورة، ويتقاطع جميعها للنهوض بقطاع المراعي، لما لذلك من أثر إيجابي للتخفيف من الفاتورة العلفية لدى الدول المربية للثروة الحيوانية.
وبين أن الإستراتيجية تضمنت توفير بيئة مناسبة، وتوفير عمليات الري للثروه الحيوانية، وتطوير المراعي التي تتبع لتلك المواقع، مبينا أن الإستراتيجية ضرورية للغاية ومعمول بها في معظم دول العالم، حيث تمت الاستعانة بتجارب الدول المتقدمة في هذا الموضوع.
وأضاف المناصير أن الإستراتيجية التي ستستمر حتى العام 2030، ستساهم في التعاون مع دول الإقليم، وإعاده تأهيل المراعي، وإعاده الأنواع الأصيلة من النباتات إلى موقعها، بهدف الحصول على كمية أعلاف مناسبة أو استخدام تلك النباتات وإعادة تأهيلها وزيادة مساحتها لخفض الفاتورة العلفية على الدولة، وعلى مربي الثروة الحيوانية.