أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-Jun-2018

صندوق الحكومة المنتظرة *رمزي الغزوي

 الدستور-في الأسطورة اليونانية، أرادت الأسياد أن تنتقم من الإنسان، لأنه حصل على النار رمز المعرفة، دون رغبتها، فقدمت له هدية رائعة، هي امرأة بهية، ذات جمال، وذات امتيازات، وخصال لطيفة، اسمها (باندورا)، أي هدية الجميع، لأن الكل اشترك في تجميلها!.

أعطيت هذه المرأة هدايا كثيرة، من ضمنها صندوق ذهبي بديع، بعد أن اشترطت عليها، ألا تفتح هذا الصندوق أبداً، وكانت آخر هدية قُدمت لها: حب الاستطلاع، وداء الفضول، والرغبة بمعرفة المستقبل!.
عاشت (باندورا) مع الإنسان، وكان يؤرقها ويثير شجونها، أنها كشفت كل الهدايا، إلا هذا الصندوق الغامض، الذي منعت أن تفتحه، فعمدت إلى دفنه، كي تدفن فضولها معه، لكن هذا الدفن العميق، لم يخنق رغبتها الجامحة بمعرفة ما فيه!.
وفي ليلة، خرجت إلى الحديقة، وحفرت حتى بان الصندوق، ثم أخذت مفتاحاً ذهبياً صغيراً، من ثوبها، وأدخلته في القفل، ورفعت الغطاء بلطف، كان هناك أزيز، ونبضات سريعة، وضجيج لحمي وحشي، ورائحة كريهة، داخل الصندوق، فعندما فتحته في ضوء القمر، أزّت وطارت مخلوقات شبيهة بالسحالي المحرشفة، ذات أجنحة كأجنحة الخفافيش، وعيونها حمراء ملتهبة!.
طارت المخلوقات من الصندوق، وحامت حول رأسها، تخبط بأجنحتها، وتصرخ بأصوات نحيلة هازئة، كانت باندورا شبه مغماة، وراكعة على ركبتيها، فأمسكت الصندوق، بما تبقى لها من قوة، وأقفلت الغطاء بألم، فأمسكت بآخر وحش، كان وقتها يحاول أن ينطلق، صرخ وشاجر، وخرمش يدها، لكنها طرحته في الداخل، وأطبقت الصندوق، ودفنته مجدداً.
يا ترى ماذا كانت هذه المخلوقات المميتة القبيحة، التي انطلقت من الصندوق الذهبي؟!، إنها الأمراض التي تحيط بالبشرية، الآن، كما ادعت الأسطورة: الفساد، المحسبوية، التخبط، الحروب، والجنون، والتزييف، وغيرها من المشاكل المعروفة.
الأمور كانت ستجري أسوأ بكثير، لو أن المخلوق الذي أطبقت عليه باندورا الصندوق قد انطلق، لقد كان أعظمها خطراً، لأنه نذير شؤم، وهو الضربة القاضية للإنسان، فلو أنه تحرر لكان كل فرد في العالم، يعرف بالضبط حظه، وما سيحدث له، وعندها لن يكون الأمل ممكناً، فالإنسان يقدر على كل مشقة وفساد، ويحتمل الأمراض والديون والأسقام والإنقسامات والإضطرابات، إلا أنه لا يحيا بلا أمل!.
وبعيداً عن هذه الأسطورة العجيبة، وقريباً من واقعنا المفعم بهاجس التغيير. هل بقاء الصندوق مغلقاً، سيمنحنا الحق بالتفاؤل والأمل بحكومتنا الجديدة ونهجها؟!.