أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Aug-2024

الأفقر مائيا، ماذا بعد؟*د.عبدالله سرور الزعبي

 الغد

قبل عام وتحديدا بتاريخ 2023/8/21 كنت قد كتبت مقالا في جريدة الغد الأردنية، تحت عنوان «الأردن وخط الفقر المائي المطلق» وقد أشرت فيه إلى أن حصة الفرد الأردني من مياه الشرب قد انخفضت إلى 61 مترا مكعبا في السنة، وفي ذلك الوقت كان الأردن يصنف الدولة قبل الأخيرة في العالم من حيث حصة الفرد من المياه، هذا مع العلم بأنه قبل عشر سنوات كان الأردن يصنف ضمن أفقر عشر دول، وقبل خمس سنوات، كان من أفقر خمس دول في العالم، والعام الماضي، الدولة قبل الأخيرة، واليوم الدولة الأفقر مائيا، وهذا ما صرح به معالي وزير المياه والري لبرنامج مسارات والمنشور في موقع عمون بتاريخ 2024/8/22، وهو يستحق الشكر على هذه الصراحة. 
 
إن تراجع الأردن إلى هذا المستوى، وبدون منافس، يعني بأن حصة الفرد المقيم على الأرض الأردنية من المياه تكون قد انخفضت دون الرقم الذي أشرنا له في العام الماضي، وتكون بذلك قد اقتربت من 45 مترا مكعبا من المياه المخصصة لأغراض الشرب. وما يؤكد ذلك أن كميات المياه المتاحة لأغراض الشرب ومن كافة المصادر هي 519 مليون متر مكعب (حسب معطيات وزارة المياه) وعدد سكان الأردن في بداية النصف الثاني لعام 2024 بلغ 11.630 مليون نسمه تقريبا ( حسب دائرة الإحصاءات العامة، والمنشور في جريدة الغد بتاريخ 2024/7/11، ثلثهم من غير الأردنيين، حسب معطيات المجلس الأعلى للسكان، والمنشور بتاريخ 2023/7/3) وهذا يعني بأن حصة الفرد الأردني من المياه ومن كافة المصادر والبالغة 1093 مليون متر مكعب سنويا، ولكافة الاستخدامات (الزراعة والشرب والصناعة وغيرها) تكون حوالي 95 مترا مكعبا فقط. وهنا نشير إلى أن كميات المياه المخصصة لأغراض الزراعة هي حوالي 531 مترا مكعبا. ومن باب الإنصاف، لا بد من الإشارة إلى أن التدابير المتخذة من قبل وزارة الزراعة للاستغلال الأمثل للمياه لرفع كميات الإنتاج، للمساهمة في الأمن الغذائي يجب ان تشكر عليها. 
 
إن استمرار الوضع وللسنوات الخمس المقبلة، وهي السنوات المتوقع ان يتم فيها تنفيذ مشروع الناقل الوطني، من المتوقع ان تنخفض حصة الفرد من مياه الشرب إلى رقم كارثي، حوالي 40 مترا مكعبا  (في حال عدم توفر اي مصدر جديد وغير تقليدي)، آخذين بعين الاعتبار نسبة النمو السكاني الطبيعية والبالغة 1.9 % (حسب معطيات دائرة الإحصاءات العامة). إن لغة الأرقام المتوفرة لدينا اليوم من حيث عدد السكان ونسبة النمو السكاني وكميات المياه المتاحة وفي حال نفذ مشروع الناقل الوطني (عن طريق تجزئة العطاء لضمان التنفيذ بأقل التكاليف، لضمان المحافظة على أسعار معقولة للمتر المكعب للمواطن)، والتي ستصبح في عام 2030 حوالي 820 مليون متر مكعب (إلا في حالة اللجوء لمزيد من الاستنزاف للمياه الجوفية، والتي نضخ منها بما يقارب 200 مليون متر مكعب سنويا فوق الحد الآمن لها، حسب بيانات وزارة المياه) وفي جميع الأحوال فإننا، سنعود إلى إيصال حصة الفرد من مياه الشرب إلى حوالي 65 مترا مكعبا. 
إن مثل هذا الوضع، يتطلب من الحكومة أن تسخر كافة الإمكانات والموارد لتدارك الأمر، والتي منها تسريع وتيرة الحد من الفاقد المائي (تصل إلى 52 % من المياه الجارية في الشبكات بشتى أشكالها، والتي أحد اسبابها اهتراء الشبكات، والمواطن ليس طرفاً فيها، بل ندرة الضخ في الشبكات يؤدي إلى تلفها، حسب بيانات وزارة المياه، وبالمناسبة تتساوى تقريبا مع نسبة الفاقد التعليمي في الأردن، حسب تصريحات وزير التربية والتعليم العام الماضي) للوصول بها إلى النسبة المقبولة نوعا ما والتي يجب أن تكون بحدود 10 %، والإسراع في توسيع شبكات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي لرفع كفاءتها وتجويد مخرجاتها بالكامل لرفع كميات المياه من 186 (حسب معطيات وزارة المياه) إلى 250 -300 مليون متر مكعب واستخدامها في قطاع الزراعة (يستخدم 167 مليونا منها لأغراض الزراعة) بدلا من استخدام المياه الجوفية، والإسراع في التوسع باستخدام مصادر الطاقة المتجددة والرخيصة نوعا ما لتخفيض تكلفة الطاقة المستخدمة في قطاع المياه والبالغة 9 % من كميات الطاقة المنتجة. 
إن تسخير كافة الجهود وتفعيلها على أرض الواقع في هذا القطاع، يضمن لنا تحقيق أهداف التنمية المستدامة والرؤية الاقتصادية والتي هي موضع اهتمام من قبل جلالة الملك وسمو ولي العهد لمستقبل الدولة الأردنية.