أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-May-2023

التحديات والفرص في النظام الاقتصادي العالمي القادم*د. اخليف الطراونة

 الراي 

لا يُمكن تجاهل الدور المتزايد للاعبين الجدد في الاقتصاد العالمي والحضور الفاعل للمراكز الصاعدة من منظمات وتحالفات اقتصادية جديدة، مثل «بركس» و«مجموعة 77» و«ايكو» و«طريق الحرير الجديد»، الذي تقوده دول لم تتوفر لها سابقًا مؤشرات تنبئ بأنها ستقود التحول الاقتصادي في العالم بسرعة. يبدأ هذا الحضور الفاعل من الصين ويمتد إلى الهند وكوريا الجنوبية وماليزيا والبرازيل، وجنوب إفريقيا، وتركيا وغيرها. في الواقع تتميز هذه الشراكات بأنها تبتعد عن النمط التقليدي؛ إذ استطاعت هذه الدول، وخصوصًا الآسيوية منها، أن تقدم نفسها ?اعتبارها بديلاً قوياً عن أنظمة اقتصادية وسياسية قيادية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وفي ظل غياب دور «عربي» فاعل ومشارك في هذه المنظمات، استطاعت هذه الدول ومنظماتها الناشئة أن تقلب المعادلات وتحوّل الأحلام إلى واقع ملموس لا يمكن لأي متابع إنكاره.
 
تتجسد هذه الحقيقة في مشاريع اقتصادية عملاقة، تتبناها دول مثل الصين، التي قامت بتأسيس «البنك الدولي للبنية التحتية الآسيوية» ضمن مشروع «طريق الحرير الجديد» الذي يربط الشرق الأوسط بآسيا، بمساهمة تتجاوز ال 40 مليار دولار، وبمشاركة أكثر من 50 دولة تمتد على طول طريق الحرير التاريخي من أوروبا إلى شرق آسيا بعد ان ساهمت أيضا في تأسيس «بنك التنمية» و «صندوق الاحتياط النقدي» بقيمة تتجاوز ال 100 مليار دولار، وهذا أمر لا يمكن تجاهله، بل يجب التوقف ملياً عند فوائده وأبعاده وتأثيراته.
 
فعبر طريق الحرير الجديد، تبادلت الدولتان الكبيرتان الصين والهند، المتناغمتان في نموهما الاقتصادي وزيادة احتياجاتهما للطاقة، أفكارًا حول التعاون الدولي والتكامل لتحقيق التنمية والتطور المستدام على الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وتشير التوقعات إلى أن الصين ستستورد ثلاثة أضعاف كميات النفط التي ستستوردها الولايات المتحدة من دول الخليج العربي في عام 2025، وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية».
 
«أظهر النجاح الذي حققته مشاريع التنمية في الصين وكوريا وماليزيا والهند، وتجربة البرازيل الجنوبية الأميركية، أن التعاون الدولي بما يتماشى مع الثقافة والتحديات المحلية يعد أساسيًا لتحقيق التنمية والتطور المستدام. ولذلك، يتعين على دول الممر التجاري لطريق الحرير الجديد تعزيز التكامل والتعاون بينها لإحداث تغيير أساسي في قواعد التنمية والسياسة العالمية، لتحقيق فوائد لا تقتصر على النواحي التجارية فحسب.
 
وفي ظل هذا الواقع، يجب على الأردن الاستعداد للتغيير الاقتصادي والسياسي المقبل الذي يحمل فرصًا للتنمية، ولكنه في الوقت ذاته يشكل تحديات تتجاوز برامج الإصلاح الاقتصادي والسياسي، والتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمات التقليدية الأخرى.
 
من هنا جاءت مشاركتي خلال رئاستي للجامعة الأردنية في عام 2015 في إطلاق شبكة جامعات طريق الحرير في كوريا الجنوبية. فالجامعة الأردنية تعتبر عضوًا مؤسسًا في هذه الشبكة، وشاركت كذلك وفود تمثل 35 جامعة عالمية من أوروبا والشرق الأوسط؛ بهدف تعزيز التعاون العلمي والحضاري والتبادل الأكاديمي بين الجامعات. وكان لي حضور فعال في رئاسة جلسات العمل في المؤتمر، وفي صياغة ميثاق وتعليمات التعاون الخاصة بالجامعات والأكاديميين والطلاب.
 
لقد كان الأردن وما زال، بفضل ما حباه الله من قيادة هاشمية حكيمة ومنفتحة على جميع الدول الإقليمية والدولية، قادرًا على تجاوز الكثير من التحديات الصعبة التي هددت هذا الوطن على مر السنين. وفي ظل هذا التغير المحتمل في موازين القوى الاقتصادية والسياسية المتسارع في العالم ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، يتحتم علينا في الأردن تعزيز الانتماء الصادق للوطن وتكريس معاني الوفاء والإخلاص لهذه القيادة، وإعادة رسم السياسات الحكومية، ووضع الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها المساهمة في تطوير العملية التنموية الشاملة، و?عزيز الفاعلية وروح المبادرة كما تجسدها هذه القيادة، وذلك بما يستجيب لمتطلبات ومقتضيات التغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة حصولها.
 
أن تتجاوز دول غاية في التنوع، كالهند والصين وماليزيا، على سبيل المثال ﻻ الحصر، جميع التحديات التشريعية والثقافية و التكنولوجية وحتى السياسية لتصنع نماذج جديدة في التعاون والشراكة من أجل التنمية المستدامة، يفرض علينا في الاردن تجديد وتحديث رؤيتنا المستقبلية في جميع القطاعات اﻷساسية من: الصناعة والتجارة والزراعة و التعليم، و إجراء التعديلات اللازمة والعاجلة في رسم خطط واقعية قابلة للتنفيذ تتيح لنا ليس فقط تجاوز تحدياتنا الداخلية واﻹقليمية، وإنما أيضا تحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية «الحقيقية» آخذين بالحسب?ن التجارب الناجحة في هذه الاقتصاديات الناشئة، وأن نكون مشاركين فاعلين في المنظمات الناشئة دون إغفال علاقاتنا، وتنويع اﻹفادة من الفرص التي يمكن أن تقدمها أي دولة او منظمة تخدم مصالحنا الوطنية وتدعم بناء مستقبل أفضل ﻷجيالنا المقبلة.
 
ختاما أعتقد جازما أن خطط التحديث الثلاث السياسية والاقتصادية والادراية تمثل اليوم واحدة من أهم البرامج التي ترعاها الدولة الأردنية لتحسين البنية التحتية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وخارطة طريق واضحه لبناء مستقبل افضل وخصوصا في فضل المتغيرات والتحديات التي تفرضها الصراعات والاستقطابات الدولية والتي تمثل تحديا كبيرا لنا في الأردن والمنطقة مما يتطلب تنفيذ هذه الخطط بشكل متوازن ومتكامل، وبشراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني وجهوداً مشتركة من جميع المعنيين.